أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

حل الوضع اللبناني ممكن ولكن بحاجة إلى إرادات هامات لا تهاب أحداً (4)

مجلة تحليلات العصر الدولية - عدنان علامه

5- القضاء

قبل الدخول في مناقشة الموضوع وعرض الملاحضات حول بعض الأحكام الصادرة لا بد ان نقوم بجولة افق حول القضاء والمحاكم الموجودة في لبنان.

السلطة القضائية

القضاء اللبناني هو إحدى السلطات الثلاث التي تحكم لبنان والتي لها الكيان المستقل التي لا تخضع الا للقانون. فالمادة 20 من الدستور اللبناني يقر بوجوب قيام المحاكم القضائية إذ نص: “السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة والمتقاضين الضمانات اللازمة. أما شروط الضمانة القضائية وحدودها فيعينها القانون. والقضاة مستقلون في إجراء وظيفتهم وتصدر القرارات والأحكام من قبل كل المحاكم وتنفذ باسم الشعب اللبناني”.

يرتكز النظام القانوني اللبناني على مزيج من المبادئ القانونية المستمدة من القانون المدني والإسلامي والعثماني، وعلى قوانين السلطة التشريعية اللبنانية.

تتحكم في النظام القانوني اللبناني سلسلة من القواعد القانونية المتخصصة التي تشمل:

قانون الموجبات والعقود وهو المصدر الأساسي للقانون المدني؛
أصول المحاكمات المدنية
قانون التجارة
قانون العقوبات
أصول المحاكمات الجزائية.

المجلس الدستوري

نصت المادة 2 من القانون رقم 250/93 بعد تعديلها بالقانون رقم 150/99 على أن المجلس الدستوري يتألف من عشرة أعضاء. ويتم تعيينهم على النحو الآتي:
• يعين مجلس النواب نصف هؤلاء الأعضاء بالأكثرية المطلقة من عدد الأعضاء الذي يتألف منه قانوناً في الدورة الأولى وبالأكثرية النسبية من أصوات المقترعين في الدورة الثانية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يعتبر منتخباً.
• ويعين مجلس الوزراء النصف الآخر بأكثرية ثلثي عدد أعضاء الحكومة.
فالمجلس الدستوري يتألف من عشرة أعضاء تطبيقاً لقاعدة التمثيل الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، علماً ان البعض يرى أنه من الأفضل أن يكون العدد مفرداً اعتبار صوت الرئيس مرجحاً إلا عند الضرورة، كما أن لبنان لا يحتاج إلى هذا العدد الكبير من الأعضاء، إذ أن المجلس الدستوري الفرنسي يتألف من تسعة أعضاء فقط على الرغم من تعدد مهامه وكثرة أعماله واجتهاداته. كما أن عدم قيام مجلس النواب أو مجلس الوزراء بتعيين أحد الأعضاء المنتهية ولايته يؤدي إلى شل عمل المجلس الدستوري ومنعه من ممارسة أعماله كما حصل في الكثير من المرات لأسباب سياسية.

إختصاص المجلس الدستوري

حدّدت المادة 19 من الدستور، ومن بعدها المادة الأولى من قانون إنشاء المجلس الدستوري، ثم المادة الأولى من نظامه الداخلي، مهمة هذا المجلس بمراقبة دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الإنتخابات الرئاسية والنيابية.
ويجدر بالإشارة أن الغاية الجوهرية من إنشاء المجلس وفق ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني التي أقرها اللقاء النيابي في الطائف (السعودية) بتاريخ 22/10/1989 كانت مهمة تفسير الدستور إضافة إلى مراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية. لكن قانون إنشاء المجلس الدستوري رقم 250/93 لم ينص على صلاحيته في تفسير الدستور بعد النقاش المستفيض في مجلس النواب وحذف صلاحية تفسير الدستور.

الرقابة على دستورية القوانين

نصت المادة 18 من القانون رقم 250/93 على أن المجلس الدستوري يتولى الرقابة على دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون. وخلافاً لأي نص مغاير، لا يجوز لأي مرجع قضائي أن يقوم بهذه الرقابة مباشرة عن طريق الطعن أو بصورة غير مباشرة عن طريق الدفع لمخالفة الدستور أو مخالفة مبدأ تسلسل القواعد والنصوص.

محكمة المطبوعات

إن محكمة المطبوعات هي محكمة استئناف جزائية مؤلفة من رئيس ومستشارين وتتمثل النيابة العامة امامها اضافة الى طرفي الدعوى. ويمكن للمدعي الشخصي ان لا يحضر الى المحكمة وهو يمثل بمحاميه اما الجهة المدعى عليها فحضورها الزامي الى جانب محاميها اذا كانت عقوبة الجريمة المنسوبة اليها تزيد عن السنة.

المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء

أعطى الدستور اللبناني للمجلس النيابي صلاحية قضائية تتمثل بتوجيه الإتهام لكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، على أن تتم المحاكمة أمام قضاء خاص هو “المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”، إذ تنص المادة 60 من الدستور على ما يلي: “لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته إلاّ عند خرقه الدستور أو في حال الخيانة العظمى، أما التبعة فيما يختص بالجرائم العادية فهي خاضعة للقوانين العامة، ولا يمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم أو لعلتي خرق الدستور والخيانة العظمى، إلاّ من قبل مجلس النواب بموجب قرار يصدره بغالبية ثلثي مجموع أعضائه، ويحاكم أمام المجلس الأعلى المنصوص عليه في المادة الثمانين ويعهد في وظيفة النيابة العامة لدى المجلس الأعلى إلى قاض تعينه المحكمة العليا المؤلفة من جميع غرفها”.

ولا بد من الإشارة بأن “المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء” غير مشكَّل حتى الآن.

هذه عينة من المحاكم الموجودة في لبنان وعلى كل منها ملاحظات كثيرة. فعلى سبيل المثال نعيش أزمة دستورية وتتمثل بتعطل تشكيل الحكومة. فالرئيس المكلف يقول أن تأليف الحكومة هي من مسؤوليته منفرداً وعلى رئيس الجمهورية توقيع مرسوم التشكيلة لتحول إلى مجلس النواب لتحديد جلسة للتصويت على الثقة. بينما رئيس الجمهورية يقول إن الدستور نص صراحة بأن تأليف الحكومة يتم بالتعاون معه. فمن هي الجهة التي ستفسر الدستور وتحسم الأمر بعدما سحبت هذه الصلاحية من المجلس الدستوري؟

ولقد عانت فئة كبيرة من اللبنانيين من قرارات بعض القضاة والمتعلقة تحديداً بعملاء العدو الصهيوني. وسأذكر أبرزها :-

اصدر العديد من القضاة بشكل عام أحكاماً مخففة جداً بعد التحرير عام 2000 بحق عملاء العدو الذين خدموا بما يعرف يجيش لحد او مع العدو الصهيوني مباشرة نتيجة التدخلات السياسية والروحية.

وقد أفرجت القاضية شبطيني بتاريخ الإثنين 12 كانون الأول 2011 عن عدد من عملاء العدو الصهيوني وقد أثار هذا القرار حفيظة المدّعي العام لدى محكمة التمييز، القاضي سعيد ميرزا الذي علق بهذه الكلمات :-«نحن نقاتل لكي نوقف عميلاً واحداً للعدو الإسرائيلي، وليس لنطلق سراحه بعد ذلك، بل لتأخذ العدالة مجراها وينال عقابه». فقد تم إخلاء سبيل 4 مدانين بالعمالة لإسرائيل من جانب محكمة التمييز العسكرية. لا يمكن وضع كلام ميرزا في خانة الرأي الشخصي، لكونه متربعاً حالياً على رأس السلطة القضائية. لم يستوعب ميرزا كيف أخلت القاضية أليس شبطيني سبيل الأربعة، المحكومين سابقاً بعقوبة السجن من 10 إلى 15 عاماً. ففي حديث له مع «الأخبار» يقول ميرزا: «شعرت بالصدمة عندما وصلني الخبر، كما صدمنا كلنا. لم نكن نتوقع حصول ذلك». القاضي المصدوم من فعلة شبطيني كان ليتفهم مبدأ «الرحمة والشفقة» لو لم يكن في المسألة «عمالة للعدو. هنا الرحمة ممنوعة في مثل هذه المسألة».

وقد أحدثت مسألة إلقاء القبض على آمر معتقل الخيام العميل عامر فاخوري وقيام السفارة الامريكية بتهريبه على متن طوافة عسكرية إلى خارج البلاد بلبلة داخلية شغلت الرأي العام وكشفت إلغاء البرقية رقم 303 ووقف مفاعيلها . وقد إخترت راوية الامن العام اللبناني لأنها الجهة التي واكبته منذ دخوله إلى مطار بيروت وتذكر كافة التفاصيل بدقة متناهية وموضوعية:-

https://www.general-security.gov.lb/ar/magazines/details/221

وفي سابقة قانونية لا مثيل لها في تاريخ القضاء اللبناني؛ أصدر قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح قراراً بتاريخ 27-06-2020 بمنع جميع وسائل الإعلام اللبنانية والأجنبية العاملة في لبنان من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية دوروتي شيا أو إجراء أي حديث معها تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية عن العمل مدة سنة في حال عدم التقيد بهذا الأمر وتحت طائلة إلزام الوسيلة الإعلامية دفع 200 ألف دولار غرامة في حال عدم الالتزام بهذا القرار. وجاء قرار القاضي مازح بناء على استدعاء على خلفية مقابلة لشيا مع تلفزيون الحدث.

وقد اثار هذا القرار حفيظة السياسيين المرتبطين بالسفارة الأمريكية ولم تثرهم تصريحات السفيرة شيا التي تدعو إلى الفتنة وإثارة النعرات ضد حزب الله. فحاول مجلس القضاء تاديبه لحفظه على السلم الاهلي بناء على أوامر السفيرة. فقدم إستقالته حفاظاً على كرامته ولم يتدخل أي سياسي لحمايته ودعمه خوفاً من السخط الامريكي.

وعلي صعيد الحماية والدعم السياسي للقضاة فقد تمردت القاضية غادة عون على قرار كف يدها عن ملفات الفساد واستمرت في متابعة عملها وكأن القرار لا يعنيها لأن لها ظهراً قوياً يساندها ويحميها.

هذا غيض من فيض إجتهادات القضاة وتختلف بحسب الإنتماء الوطني والسياسي لكل منهم لأن المواد القانونية ثابتة لا تتغير.

وإن غداً لناظره قريب

وللبحث تتمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى