أحدث الأخبارشؤون امريكية

حماة القسم” واخواتها بين “غزوة الكاپيتول” والحرب العالمية الثالثة..!

مجلة تحليلات العصر الدولية - السيد محمد صادق الحسيني

غزوة الكاپيتول
لا شك ان الازمة العميقه ، التي تعاني منها الولايات المتحده الاميركية ، في السنوات الاخيرة ، او بالاحرى في السنتين الاخيرتين ، ليست ناجمة فقط عن السياسات الهوجاء ، التي مارسها ترامب ، في الداخل وفِي الخارج ، بل انها ازمة بنيوية تهدد السلم الاجتماعي ، في الولايات المتحدة الاميركية ، وكذلك السلم الدولي ، على الصعيد العالمي كله .
اما السبب في ذلك فيعود الى ان الازمة الاقتصادية ، بشكل خاص ، هي التربة الخصبة ، التي تنمو فيها العناصر والتيارات الفاشية والنازية ، وما نمو وتطور الفاشية في ايطاليا قبل حوالي مائة عام والنازية في المانيا ، في نفس الفترة تقريباً الا مثالاً ليس ببعيد زمنياً . حيث شكلت نتائج الحرب العالمية الاولى ، على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في المانيا بشكل خاص ، الارضية الملائمة لنمو التيارات اليمينية المتطرفه ، ومنها الحزب النازي ، بزعامة ادولف هتلر .
ومن اهم الظروف الاقتصاديه ، التي ساعدت على تطور هذا الحزب ، واستيلائه على السلطة في ما بعد ، موجة الفقر ، التي اجتاحت البلاد آنذاك ، وما نجم عن ذلك من قدرة عالية لاستقطاب ملايين الشباب ، من قبل الحزب النازي . حيث تمكن ادولف هتلر من انشاء ميليشيات مسلحة ، من جنود الجيش الالماني المهزوم في الحرب العالمية الاولى ، بلغ عديدها سنة ١٩٢٣ اربعة ملايين فرد ، كانوا منضوين تحت راية :

–السرب الهجومي / او ما يسمى باللغة الالمانيه ( شتورم شتافِل ) Sturmstaffel وتختصر بحرفي SS .والتي بقيت قائمة حتى نهاية الحرب العالميه الثانية .
–وحدة الاقتحام ، التي تسمى باللغة الالمانيه : Sturmabteilung ، ويطلق عليها اختصارا. اسم : SA .وهي عبارة عن ميليشيا مسلحة انطلق تشكيلها منذ عام ١٩٢٠ بالضبط ، وبقيت قوة فاعلة في الجيوش النازيه حتى نهاية الحرب العالميه الثانيه .

اذن فان السبب الرئيسي ، لظهور هذه الميليشيات الالمانية المسلحة ، تمثل في الخسائر المادية والبشرية الكبرى ، التي تعرضت لها المانيا خلال الحرب ، وما تبعها من موجة فقر اجتاحت البلاد .

وهذه الظروف ، مع مراعاة خصوصيات كل دوله من الدول التي يجري الحديث عنها ، هي بالضبط الظروف التي تمر بها الولايات المتحده الاميركيه ، منذ بداية عهد الرئيس ترامب حتى الآن .
اذ أشعلت الولايات المتحده سلسلة حروب ، في افغانستان والعراق وسورية واليمن وغيرها من انحاء العالم ، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ، اسفرت عما يلي :

أ)خسائر مالية هائلة كلفت الخزانة الاميركية تريليونات الدولارات .
ب)اضطرار الحكومه الاميركيه للجوء الى وسيلة ضخ المزيد من الاوراق النقديه الاميركيه ، دون وجود ما يقابلها في القيمه من الانتاج المحلي ، وما ترتب عن ذلك من اضطرابات في اسواق المال والاسواق الاستهلاكيه الاميركيه ، وتأثير ذلك على المواطن العادي ، خاصة في مجال انخفاض القدره الشرائية .
ج)هدر الحكومه الاميركيه ، لكل تلك الموارد الماليه ، لتمويل حروبها ومراكمة ارباح شركات الصناعات الحربيه ، ادى الى نقص كبير في تمويل البنى التحتيه والبنى المعرفيه وبالتالي التطوير التكنولوجي والصناعي في الولايات المتحده الاميركيه .
د)اسفر ذلك عن تطور معرفي وعلمي وتكنولوجي هائل ، ولاسباب عديدة اخرى طبعاً ، في العديد من الدول ، على رأسها الصين الشعبيه ، التي اصبحت المنافس الاول للولايات المتحده ، على كل الاصعده ، ، وبالتالي فقد بدأت واشنطن تتعامل معها على اعتبار انها هي العدو الاول لواشنطن . وهو الامر الذي عبرت عنه وزارة الخارجيه الاميركيه ، قبل ثلاثة ايام ، في تصريح لها حدد ان الصين الشعبيه وروسيا وايران وكوريا الشماليه وكوبا هي دول عدوة للولايات المتحده الاميركيه .
هـ)اما القشة التي قصمت ظهر البعير فكانت جائحة كورونا ، التي كلفت ولا زالت تكلف الاقتصاد الاميركي ارقاماً فلكيةً من مليارات الدولارات ، اضافة الى الخسائر البشريه التي تجاوزت الاربعة آلاف وفاة يومياً . وهي خسائر بشريه لم تتعرض لها الولايات المتحده ولا في اي من الحروب التي خاضتها عبر تاريخها ، لا بل انها تفوق تلك الخسائر مجتمعة .

اذن فان ظروف الانفجار ، الذي نشهده في واشنطن ، كانت جاهزةً تماماً ، وان خطاب دونالد ترامب العنصري التحريضي ، والبعيد عن قواعد السياسة والاقتصاد ( فرض الضرائب والعقوبات على الخصوم ) ، قد أدى الى ما تشهده الولايات المتحده من خطر فقدان اجهزة الدوله للسيطرة على الامن وانتشار الفوضى ، وربما اكثر من ذلك ، في كل الولايات المتحده ، خاصة وان حالة انتشار السلاح في الولايات المتحده هي حالة عامة ، يضمنها الدستور الاميركي .
لكن الانقسام العمودي في المجتمع ، الذي اسفرت عنه الانتخابات الاميركيه الاخيره ، والتحريض المستمر من قبل ترامب ، لانصاره البالغ عددهم حوالي خمسةً وسبعين مليون اميركي ، مع وجود تشكيلات مسلحه ومنظمة ، اي ميليشيات ، تعتبر ترامب هو المخلص وتتصرف بناء على توجيهاته التحريضيه ، تجعل من تلك المنظمات المسلحه لا تختلف كثيراً عن تلك المنظمات الالمانيه ، التي اسهمت بشكل اساسي في ايصال ادولف هتلر الى سدة الحكم .

ومن المعلوم ان اهم تلك التنظيمات الاميركيه المسلحه ، التي تأتمر بأوامر دونالد ترامب هي التاليه :

1. منظمة حماة القسم . والتي تسمى بالانجليزيه : Oath Keepers ، والتي يبلغ عدد افرادها حوالي ٣٥ الف فرد ، وقد تأسست سنة ٢٠٠٩ من قبل الضابط المظلي السابق ، إِلمَرتْ ستيوارت روديس Elmert Stewart Rhodes ، الذي عمل مساعدات لعضو مجلس الشيوخ الاميركي ، رون پول Ron Poal سابقاً ، ومعظم ، ان لم يكن جميع اعضاءها ، هم جنود وضباط اميركين سابقين ، من مختلف صنوف القوات المسلحه الاميركيه ، الى جانب جنود وضباط سابقين من قوات المظلات والقوات الخاصه الاميركيه ، وعناصر من الشرطه الاميركيه . الامر الذي يجعل هذه المنظمه اشبه بجيش منظم ، له قيادة عامه وهيئة اركان وجميع المقومات الاخرى في الجيش نظامي ، كاللباس العسكري الموحد ، واقسام الإمداد والتزويد الى اقسام الاستخبارات والرصد والحرب الالكترونيه وغير ذلك .
وهذا ما تؤكده احداث ” غزوة الكونغرس ” التي حصلت بتاريخ ٦/١/٢٠١٢ ، والتي اوضحت ان الجموع ، التي اجتاحت الكونغرس ، كانت جموعاً منظمة وتحرك بناءً على خطة موحدة ، وتدار من قبل غرفة عمليات موحده ، تبين ان ترامب نفسه هو الذي كان يديرها من داخل البيت الابيض .
علماً ان مراسل صحيفة ذي اتلانتيك The Atlantic ، السيد مايك كيليو Mike Gilio ، كان قد نشر حديثاً مع عناصر من هذه المنظمه ، في شهر ١٠/٢٠٢٠ ، اعربوا خلاله عن دعمهم للرئيس ترامب .
2. منظمة كيو أَنون QAnone . وهي منظمة تتبنى نظرية المؤامره وتم تأسيسها سنة ٢٠١٧ ، وهي تعتبر ان هناك قيادة خفيه ، او قوى خفيه ، تتحكم بالولايات المتحده ، وعلى رأس هذه القوى هيلاري كلينتون وباراك اوباما والملياردير الاميركي جورج سورس ، وانه يجب التخلص من هذه القيادة الخفيه .

علماً ان ترامب تبنى الكثير من طروحاتهم ، التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ، كما تبنى ٦٠ مرشحاً جمهورياً ، لانتخابات مجلس الشيوخ الاميركي تلك الطروحات ، وفقاً لما افاد به
موقع ميديا ماترز ( Media Matters ) الاميركي . بينما قامت الشرطه الاتحاديه الاميركيه بتصنيف هذه المنظمه منظمة ” خطر ارهاب داخلي ” ، خاصة بعد ان قام احد اعضاء هذه العصابه ، وهو ماتِيو فيليب رايت Mathew Philip Wright ، بتاريخ ١٥/٦/٢٠١٨ ، الذي اوقف عربته المدرعه والمسلحة بالرشاشات الثقيله على جسر رئيسي ، لمدة ٩٠ دقيقه ما ادى الى تعطيل حركة السير على طريق اوتوستراد رئيسي في الولايه ، وذلك بالقرب من سد هوڤِر Hoover DAM ، الواقع قرب احدى أنهر ولاية كولورادو .

ومن الجدير بالذكر أيضاً ان لهذه الحركه اتباع او أشخاص يحملون نفس نظرية المؤامره في الدول الاوروبيه ، وهم الذين يديرون حركة الاحتجاجات الشعبيه على اجراءات الحكومات الاوروبيه الوقائيه ضد كورونا . ومن ابرز قيادات هذه الحركه في اوروبا :

–المغني الالماني كساڤيير نايدو Xavier Naidoo .

–مؤلف كتب الطبخ الالماني أيضاً أتيلا هيلدمان
‏Attila
‏Hildman .

ولعل من المفيد أيضاً الاشارة الى التصريح ، الذي ادلى به السيناتور الجمهوري ، عن ولاية نيبراسكا ، بن ساسّي Ben Sasse ، وقال فيه ان حرمة كيو أنون تعمل على تدمير الحزب الجمهوري . وفِي هذا اشارة ، حسب تقديرنا ، الى ان هذه التنظيمات التي يدعمها ترامب والمعاديه للمؤسسة الاميركيه ولكل المؤسسات / الدول / تعمل على تدمير ما هو قائم من نظم سياسية في الغرب ، لافساح المجال لقيام انظمه نازيه او فاشيه جديده . وذلك كما حصل
في المانيا ، بعد هزيمتها
في الحرب العالمية الاولى
واعلان قيام جمهورية
ڤايمَر
‏Weimerer Republik
بتاريخ
٩
/
١١
/
١٩١٨
والتي استمرت حتى استلام
الحزب النازي الالماني ،
بزعامة ادولف هتلر ،الحكم
في البلاد ،عن
طريق انتخابات برلمانيه،
بتاريخ

٣٠
/
١
/
١٩٣٣
.
فهل سيتمكن الرئيس الاميركي الجديد من انقاذ الولايات المتحده من هذا الخطر الداهم ، اي خطر ان تكون فترته الرئاسيه فترة حضانة للمجموعات الارهابيه ، الكثيرة العدد والاتجاهات ، في الولايات المتحده ، ما يفتح الطريق على احتمالين هما :
– تفكك البلاد وانتشار الفوضى في جميع ولاياتها .
– قيام نظام حكم ” نازي جديد ” يجر البلاد الى حرب عالمية، كما فعل النظام النازي الالماني في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي .
نطرح هذه التساؤلات ليس فقط في ظل ما اطلق عليه اسم ” غزوة الكونغرس ” ، وانما في ظل وجود عدد كبير من التنظيمات اليمينية المتطرفه والعنصريه ، فعلاوة على تنظيم ” حماة القسم Oth Keepers المسلحة ، ومنظمة Q Anone ، لا بد من الاشارة الى عدد من تلك التنظيمات ومستوى خطورتها ، والمصنفة،
من قبل اجهزة مكافحة
الارهاب الاميركيه، على
النحو التالي:
منظمات ارهابيه محليه ( امريكيه )
•منظمة ألفا Alpha .
•جبهة تحرير الحيوانات Animal Liberation Front .
•جيش الله ( الولايات المتحده ) Army of God ( USA ) .
•آريان نيشينز ( الامم الآرية )
‏Aryan
‏Nations .
•جبهة تحرير الارض Earth Liberation Front .
•رابطة الدفاع اليهوديه Jewish Defense League .
•كو كلوكس كلان Ku Klux Klan .
•منظمة إم إيه جي إيه M. A. G. A.
•منظمة فينيياس بريستهود Phineas Priesthood .
•منظمة أَتوم ڤافِن ديڤيسيون Atomwaffen Division ، وهي تسميه المانيه وتعني : فرقة الاسلحه النوويه . كما تسمى أيضاً : منظمة النظام الاشتراكي الوطني National Socialist Order .
مع العلم ان هذه التنظيمات وغيرها ، قد نفذت العديد من الاعتداءات المختلفه ، حسب التصنيفات الاميركيه ، منذ تاريخ ‪٢١/٥/١٨٥٦‬ وحتى تاريخ ٦/١/٢٠٢١ ، اي تاريخ اجتياح الكونغرس ، وهي العمليه التي تسمى في المصطلحات السياسيه الاميركيه : الهجوم على الكابيتول Attack on US Capitol Washington D.C.
وفِي الختام ، لا بد من الاشارة الى ان الولايات المتحده الاميركيه لا تنقصها الاجهزه الامنيه ، المتخصصه بمكافحة الارهاب . اذ ان لديها ٣٦ جهازاً فيدرالياً مختلفاً لهذا الغرض ، تتبع لوزارة الخارجيه والدفاع والعدل والخزانة والامن الوطني وغيرها من الهيئات الفدراليه .
وهذا يعني ان ما يحتاجه
جو بايدن هو فقط اتخاذ
القرار السياسي المناسب،
لانقاذ البلاد والعباد،من
اخطار الانزلاق اما الى
فوضى داخليه شامله او
حرب عالميه مدمرة.
هنا ينتهي التحليل السياسي
اما اذا نظرنا الى الاعمق من البنية السياسية وذهبنا الى التشكيل البنيوي الفكري لامريكا ، فان بذور تصدعها وانهيارها ربما تكون اقوى من السياسة باعتبار ان هذه الدولة اساساً قامت على الفكرة
” الاسرائيلية” الهدامة للكيان الامريكي نفسه والمؤلفة من العناصر التالية :
-المعنى الاسرائيلي
لامريكا.
-عقيدة الاختيار الالهي والتفوق العرقي والثقافي.
-الدور الخلاصي للعالم.
-قدرية التوسع اللانهائي.
-حق التضحية بالاخر.
عندها لن يكون هناك فرق بين ترامب وبايدن، ويصبحان وجهان لعملة واحدة ، يسيران سوية باتجاه نهاية امريكا وخلاص العالم من الشيطان الاكبر.
بعدنا طيبين قولوا الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى