أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

حّلْ الازمة : استقالة قرداحي ام صمود لبنان ام توجيه امريكي

مجلة تحليلات العصر الدولية - د.جواد الهنداوي

في ٢٠١٩/٩/١ ، وفي الذكرى ال 41 لتغييب الامام موسى الصدر ، وصف رئيس مجلس النواب اللبناني ،نبيه بري ، في كلمته التي القاها في المناسبة ، الحرب على اليمن بانها ” حرب عبثيّة ” . وهو ذات الوصف الذي استخدمه السيد جورج قرداحي في حديث له ،في برنامج تلفزيوني ثقافي بتاريخ ٢٠٢١/٨/٥ ، اي قبل ان يصبحُ وزيراً ، وبسبب هذا الوصف ، والذي قيلَ من قبلْ والذي تكرّّرَ مراراً في خطابات وكلمات المسؤولين الامريكيين، تعيش لبنان و الدول الخليجية الازمة وتداعياتها ، وتقلق جامعة الدول العربية .
الغريب في الامر بأنه من ” صغائر الامور ” ، التي كُبّرتْ و عُظّمتْ . غرابة الامر هي دالة على ان الاجراء مُبيّت ، و مرسوم ضمن خطة ” ليس التدخل في لبنان وليس استهداف سيادة و كرامة لبنان ” وحسب ، وانما استهداف استقرار لبنان السياسي و الامني بدءاً بحكومته الفتيّة ، و ربما الامر ابعد من ذلك ،لاسيما وان مصالح بعض الدول الخليجية، التي افتعلت و انغمست في الازمة ، تلتقي ، اليوم مع مصالح اسرائيل ،اكثر من تقاطعها مع مصلحة لبنان او سوريا او العراق .
للبنان قد تكون الازمة سياسية و تزيد من فرقة وخصام الشركاء السياسيين في الوطن ، ولكن الشعوب العربية بل حتى دول العالم تراها ازمة معنوية و انسانية للدول الخليجية ،التي استنفرت دبلومسياً وسياسياً لامرٍ ،ليس في الحسبان !
يخطأ من يعتقد بأنَّ استقالة الوزير قرداحي هو حلٌ للازمة ، اراهُ صراحة ،بداية لاملاءات و خطوات تطال وحدة وسيادة ومستقبل لبنان ،سيصبحُ لبنان رهينة لتبني مواقف و آراء و تصريحات غير حُرّة ، لا على الصعيد الشخصي ، و لا على صعيد الدولة.
لن يخسرْ لبنان شيئاً إنْ نهجَ طريق الصبر والصمود، تماسكُ واستمرار الحكومة مهم بقدر اهمية اصلاح الامر مع الدول المعنيّة .
لنا في تجربة حصار و مقاطعة قطر مثال . صبرتْ وصمدتْ و رفضت الاملاءات و الشروط التي وضعوها لعودتها و انهاء المقاطعة و الحصار . وكان من بين الشروط ، غلق قناة الجزيرة ، وموضوع علاقتها مع ايران .
لتتجنب المملكة والدول الخليجية الاخرى خسارة الرهان في مواقف تمّسُ سيادة الدولة و كرامة الشعوب كما خسرته في قطر و في سوريا .
لا نتمنى ان يُختزلْ دور المملكة وباقي الدول الخليجية الاخرى في لبنان هو اكراه حكومات لبنان على الاستقالة بطريقة او بأخرى : بطريقة اعلان السيد سعد الحريري استقالته من الرياض ،عندما كان في ضيافة المملكة او رهيناً لديها ، وقد تكون المملكة سبباً ايضاً في استقالة حكومة ميقاتي .
نتمنى ان يكون دوراً للجامعة العربية بانهاء الازمة ،بما يعّزز سيادة و استقرار لبنان ، ويضمن للمملكة دوراً إيجابياً في انهاء معاناة الشعب اللبناني ،دور للجامعة العربية يسّبقُ تدخل الادارة الامريكية .
تُشارك سفيرة امريكا ، كما تداولت الانباء ، في خلية الازمة ،التي تضّمُ رئيس الجمهورية ، و رئيس الوزراء و وزير الخارجية ،من اجل متابعة الموقف و ايجاد مخرجاً للازمة . و لا نستبعد دوراً امريكياً في حّلْ الازمة ،ليعوّض عن دور ” الام الحنون ” فرنسا ،لاسيما و الروابط بين الامير محمد بن سلمان و الرئيس ماكرون ليست على ما يرام . وسيسمح هذا الدور الى تفعيل التأثير الامريكي ،من جديد ، في الملفات العالقة للبنان ، وفي مقدمتها ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة ، لاسيما وان الكيان المحتل لفلسطين على عجلة في استثمار الحقول النفطية ، الواقعة في منطقة بحرية متنازع عليها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى