أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

خصائص شيعة العراق السياسية وقدرتهم على تكوين الدولة (تقييم لواقع الشيعة السياسي في العراق من 2003 الى الان )

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد صادق الهاشمي

المقدمة
شيعة العراق وهم في مرحلة انتقالية من عمر العملية السياسية, خلالها سقطت حكومة عادل وتم تكليف حكومة اخرى وسعيهم الى اجراء انتخابات فيها يتم اعادة صياغة الدولة , من الضروري لنا ان نحدد خصائص شيعة العراق العددية والسياسية والفكرية وغيرها التي يمكن من خلالها عقد الامل على ان يستمروا بقوتهم وقدرتهم على ادارة الدوة العراقية , وان يكونوا نواة لمستقبل نهضة التشيع في العالم العربي والاسلامي . وهنا نطرح السوال الاساس: هل المكون الشيعي يمتلك خصائص الحفاظ على الدولة العراقية ؟
المبحث الاول – خصائص شيعة العراق قياسا الى المكونات العراقية الاخرى :
1- الاكثرية العددية:
إنَّ هذه الأكثرية العددية الشيعية متعددة بقومياتها من العرب، ويشكّلون نحو 71% من الشّيعة في العراق، والتركمان والذّين يشكّلون نسبة 17% والكرد الفيلية والذّين يشكّلون حدود 8% والشّبك وغيرهم من الفرق الأخرى كالشّيخية في البصرة ويشكّلون نسبة 2% وهذا بحد ذاته يشكّل عاملا مهما في انتشار الفكر الشّيعيّ داخل هذه الأكثرية، مما يعني أنَّ هذه القاعدة المتنوعة بقومياتها تشكّل قاعدة بتنوعها للعملية السّياسيّة، وتشكّل انسجاما سياسيّا لانسجامها مذهبياً، وهذا الانسجام شهدت به وقائع التّاريخ المعاصر والقريب، اذ سارت كلّ هذه المكوّنات بروحية واحدة في مقاومة الاستبداد والطّغيان وقدمت الكثير من التّضحيات تاريخيا، مما جعلها متوحّدة التوجّه سياسيّا بعد عام 2003م في الايمان بالعملية السّياسيّة.
2- الجغرافيا الشيعية
تمتد هذه الأكثرية على مساحات جغرافية واسعة من العراق، فهي تشغل الوسط والجنوب وعموم بغداد وتتجاوز هذا الموقع الجغرافي لتصل الى الموصل ببعض أطرافها وكركوك وديالى وصلاح الدّين، وهذا يعني أن هذه الأكثرية العددية متوزّعة على مساحات جغرافية واسعة من العراق، وهذا الأمر يسهل عليها التّأثير في العديد من المفردات السّياسيّة، إنَّ الجميع يدرك هذه الحقيقة ويأخذها بنظر الاعتبار وربما الهدف الحقيقي وراء التّهجير الطّائفي هو لغرض تغييرديموغرافية الشّيعة في العراق، وتقليل التّأثير هذه الحقيقة مستقبلا, مضافا الى تمدد هذا المكوّن على مساحات جغرافية واسعة وتواجده على أهم المرتكزات الاقتصادية في الجنوب، اذ تقع في مدنهم حقول النّفط والغاز.
3- الانسجام المذهبي السياسي
انَّ هذه الأكثرية تقريباً منسجمة في ثقافة سياسيّة بقدر انسجامهم المذهبي فيما بينهم، سواء قبل سقوط النّظام البعثي أو بعده وشهد لهذه الثّقافة الموحّدة الدّماء الغزيرة الّتي سالت لاجل مواجهة الطغيان والاستبداد البعثي والطّائفي ودفاعهم عن حقوقهم ومكتسباتهم، وموقفهم الموحّد بعد 2003م لرسم مستقبل العملية السّياسيّة في العراق على أسس دستورية تحمي لهم حقوقهم. هذا فضلا عن ثقافتهم في طاعة المرجعية والحوزات العلمية، وعامل الانسجام هذا يجعلهم أكثرية موحّدة الرّؤية ومن المؤكّد ان هذا الانسجام الثّقافي هو العامل الذّي مكّن شيعة العراق من تأسيس مستقبلهم السياسيّ، وفرضِ واقعٍ دستوريّ مكّنهم من الحفاظ على عمليتهم السّياسيّة بعد عام 2003م. بل ان هذا الانسجام السياسي حفظهم عبر التاريخ مع انه تاريخ مرير لكن هذا الاصرار مكّنهم من البقاء والقوة وعدم الزوال والوجود ورسم مستقبلهم بنحو واضح تاريخياً وراهناً.
4- الاستعداد للدفاع ( المقاومة والروح الجهادية).
الحماس الذّي تمتلكه هذه الأكثرية في الحفاظ على مكتسباتها من خلال تنامي الوعي الحاصل كردّة فعل للتّحديات المحدقة بمصالحها الاقتصادية والسّياسيّة والدّينية، وحضورها في الميدان لحماية العملية السّياسيّة، نعم قد يتباين هنا وهناك، صعوداً ونزولاً، من فترة لأخرى، وموزعاً في الولاء لقوى سياسيّة متعددة، إلّا أن الجميع مدرك لمصالحه، ومستعد للدّفاع عنها، خصوصا أن هذا الحضور الميداني أصبح اليوم مشحوناً بالهمّة االعالية للوعي الذّي يولّده الإعلام الإسلامي الشّيعيّ، وحث الخطباء وأئمة المساجد، وعلى رأسهم خطباء المرجعية. وهم اليوم اليوم يرسمون طريقهم بقوة الدم والاستعداد الواعي للتضحية.
5- وعي النهوض لاقامة الدولة
تدرك هذه الأكثرية انها تمتلك كلَّ مقومات القدرة والنّهوض، ليس لأنها كثرة عدديه فحسب، بل يشاركون اليوم في القرار الحكومي، وفي مؤسسات الدّولة، وامتلاكهم الثّروات الزّراعية والنّفطية ومواقعهم الجغرافية، وامتلاكهم المنافذ البحرية وغير ذلك، تلك المؤثّرات الحسَّاسة الّتي يحسب لها الف حساب من الآخرين حينما يفكّرون بالانفصال، أو إقامة إقليم اوانقلاب عسكري، هذا بالإضافة الى القدرة البشرية النامية وما تختزنه من حوزات وجامعات ومعاهد وخبرات ومثقفين ومفكّرين واكاديميين وطاقات مهنية ويد عاملة إلّا ان تفعيل كل هذه المكامن المهمّة للنهوض، يكون معقودا الأمل فيه حينما يكونوا فاعلين في القرار السياسيّ لادارة الدّولة، ويكونون على رأس الهرم الحكومي كي يتمكّنوا من بناء أنفسهم وتوحيد رؤيتهم باتجاه ترسيخ مصالحهم.وتكون الطبقة الثقافية قادرة على خلق الاستعداد الاجتماعي اادفاع عن حقهم في الدولة .
6- الايمان بالدستور
هذه الأكثرية تمتاز بأنها أكثر إنسجاماً في ثقافتها الرّاهنة مع الدّستور، ومع المتغيّرات الدّيمقراطية في العراق، وأصبح خطابهم متماشيا مع التحوّلات الّتي يشهدها العالم الاسلامي في التغيير، بل صاروا نواة للديمقراطيات في العالم العربي، وهذا مبعث الضغط والسخط لدى الدّول العربية الملكية خصوصاً الخليجية منها، لأنّهم يخشون أن تكون تلك التّجربة الدّستورية الدّيمقراطية عاملاً في تنامي الوعي ضدهم من قبل شعوبهم، مما يجعل شعوبهم متأثّرة بهذا الخطاب والسّلوك.
7- الايمان بالتداول السلمي للسلطة
شيعة العراق أشدَّ ايمانا من أي مكوّن آخر في العالم العربي بالتّداول السّلمي للسّلطة، وكلّ كتبهم وأحاديثهم وتصريحات المسؤولين، وتأكيدات المرجعية لديهم، وسلوك المجتمع؛ كلها تؤكد وتعكس إيمانهم بالعمل السياسيّ الدّيمقراطي، والاحتكام للدّستور ومبدأ التعايش، وجعل صناديق الإنتخابات الفيصل في مسيرة الشّعب العراقي، وهي وحدها من تحل مشكلات الشّعب العراقي، وتعمق صلاتهم، وتربطهم بالمكوّنات الأخرى، وتنظّم الحياة السّياسيّة معهم، ونجد أن الشّيعة بمختلف ثقافاتهم يتحدّثون عن نوعين من تجارب العراق السّياسيّة: نوع حكم العراق بالانقلابات والتفرد والتهميش للآخرين، وآخر حكم العراق على أسس ديمقراطية دستورية يوسّع من قاعدة الاشتراك للجميع في العملية السّياسيّة.
المبحث الثاني – مرتكزات الثقافة السياسية الشيعية بعد عام 2003
بعد سقوط النظام الصدامي في عام2003م تكوّنت لدى الشيعة ثقافة سياسية جديدة أبرز محاورها:
1- بناء دولة العراق على أسس تحفظ حقوقهم بوصفهم مكوّناً عانى التهميش تاريخياً.
2- الايمان بالصمود والمقاومة وامتلاكم القدرات العشكرية العالية البشرية والمعنوية
2 ـ طرح الشيعة مبدأ التعايش مع شرائح المجتمع العراقي بكل قومياته ومذاهبه وكانوا ومازالوا جادين في هذا المنهج ، ويوكدون على حفظ حقوق جميع أبناء الشعب العراقي ضمن الدولة الواحدة وإشراك الجميع في بناء دولة العراق، فالذي نلحظه لدى الوسط الاجتماعي الشيعي من أنَّ ثقافته السياسية تقوم على مبدأ التعايش مع جميع أبناء الشعب العراقي كرداً، وعرباً، مسلمين، ومسيحيين، سُنّة، وشيعة، وغير ذلك، تحت خيمة الدستور، ولم نلحظ لديهم وجود ثقافة الإلغاء أو اعتبار الطائفة الفلانية ليست عربية، أو ذات أصول تركية، أو أرمنية، بل لديهم مبدأ التعايش على أساس المواطنة راسخاً في ثقافتهم ووجدانهم.
3 الايمان بوحدة الجغرافيا العراقية وان كان البعض من الشيعة نادى في بداية تكوين الدولة العراقية بموضوع الفيدرالية الا انهم غادروا هذا القصور الفكري .
4 وفي ثقافتهم السياسية التفصيلية ـ بعض شرائح المكوّن الشيعي ـ الإيمان بمقاومة المحتل، وقد استطاعوا انجاز عمل رائع في طرد المحتل الأمريكي الذي كان يريد جعل العراق قاعدة لضرب العالم الإسلامي والعرب، ولقد برزت إلى الواقع الشيعي حركات جهادية مقاومة تشكّل جزءاً بارزاً وكبيراً من المجتمع الشيعي؛ وهم الان يشكلون قادعة لحفظ العراق اسمها (( الحشد الشعبي )) وان كانت تحتاج الى التنظيم.
5 في ثقافاتهم السياسية التفصيلية بعد 2003 أيضاً ـ الإيمان بالانتخابات كصمام أمان لحفظ العملية السياسية، وأنّ أحد أبرز المحاور التي يؤكّدها الشيعة في ثقافتهم السياسية هو حفظ العملية السياسية، وأنْ تكون المناصب السيادية العليا (منصب رئيس الوزراء) من حق الشيعة الإسلاميين.
6 ـ أيضا من مرتكزات ثقافتهم السياسية الولاء والرجوع إلى المرجعية العليا.
7 ـ توجد قناعة عالية لدى شيعة العراق بأنْ أمريكا انسحبت من العراق في الوقت الذي تمكّن الشيعة أنْ يمسكوا بقياده دولة العراق. بينما بريطانيا في مطلع القرن العشرين انسحبت وتركت قيادة العراق بيد السُنة، مما يعني أنّ العراقيين الإسلاميين الشيعة قد أثبتوا وجودهم في الدولة؛ لأنّ هناك مخططاً لبعض القوى السياسية البعثية لإسقاط الإسلاميين، وإرجاع دولة العراق إلى مربع الصفر البعثي بإسناد أمريكا، مستفيدين من وجود القوات الأمريكية في العراق؛ لذا، فإنّ انسحاب أمريكا من دون أنْ تتمكن أمريكا ولا الدول العربية من تنفيذ مآربهم جعل الشيعة يعتقدون أنَّه لا يمكن لأيِّ قوة بعد اليوم أنْ تتمكن من عزلهم وتهميش دورهم أو مصادرة حقوقهم.
8- ايمان الشيعة بالدفاععن مصالحهم
9- قدرتهم وقوتهم التي تجلت بوضوح في الحاق الهزيمة بداعش
المبحث الثالث :نقاط الفرق بين شيعة العراق وشيعة المنطقة :
شيعة العراق لهم خصوصيات يختلفون بها عن المكوّنات الشّيعيّة في العالم الإسلامي والعربي وهي:
1- أنّهم جزء من العالم العربي وهذا يوجب ويفرض عليهم واقعاً غير الواقع الذّي يعيشه المجتمع الشّيعيّ الإيراني ـ مثلا ـ على امتداد التّاريخ، فإن الحكم في إيران عبر التاريخ المعاصر تقريباً علمانياً كان أم إسلامياً فإنه شيعيّ، هذا فضلا عن الانسجام المذهبي بين المكوّنات الإيرانية وليس الأمر كذلك في العراق فأنّهم هم الأغلبية في مجتمع قوميّ ينظر إليهم بعين الغرابة، ويحاول أن يعزلهم عن التّأثير في الدولة والسلطة، وأن يكونوا جزءاً أساسياً منه، ومن أجل ذلك هُمشّ دورهم، وقتل علماؤهم وحوربت شعائرهم، لئلا يكونوا قوّة داخل العالم العربي السّني، ونجد عشرات الكتب والمقالات والمؤلفات الّتي عبّرت عن تشيّع العراق بأنه تشيّع صفوي، هذا فضلا عن الحرب الشديدة الّتي وُجّهت إليهم في القتل والتّشريد.الاانهم استعادوا دورهم السياسي بعد 2003 على الرغم من كل التحديات

2- إن شيعة العراق بالقياس إلى شيعة العالم العربي يمتازون بأنّهم الأكثر عدداً داخل وطنهم، بينما الشيعة في الدول الأخرى هم الأقلّية عدداً أو أقلّية سياسيّة كما في لبنان والبحرين والسّعودية واليمن ومصر، ولاتحتاج هذه الأكثرية أن تعرّف بنفسها، أو تتحدّث عن هويتها وعددها، ولاتحتاج إلى جهد لإثبات وجودها، بل هي حقيقة اعترف بها القاصي والدّاني، ومجرّد مراجعة التّاريخ السياسيّ والاجتماعي للعراق تتجلى لك الحقيقة بوضوح لتكشف دورهم ونسبتهم ومواقفهم وأثرهم وتأثيرهم على الواقع السياسيّ العراقي.
3- هم المكوّن الشّيعيّ الوحيد من بين شيعة العالم العربي الذّين تمكّنوا أن يشاركوا في الحكم بعد 2003م، وأن يكتبوا دستورا يحفظ لهم حقوقهم المدنية أسوة بالآخرين، وينهي زمن التهميش، ويعترف هذا الدّستور ـ عرفا ـ بأنّهم هم الأكثرية السّياسيّة والعددية وأن كان الأمر مرتبط بنتائج الإنتخابات لأي دورة، وبالتالي بوعي الأمة وما تعكسه عبر مشاركتها، وأكدوا ايضاً أن لهم الحق بالمناصب السّيادية، وليس هكذا شيعة البحرين والسّعودية ولبنان، فإنه إلى الآن لا يوجد دستور يحفظ حقوقهم، ولم يكونوا هم الأكثرية، هذه الحقيقة ـ وهي مشاركتهم في الحكم بدرجة فاعلة ـ أثّرت وتؤثّر في رفع معنويات شيعة المنطقة من جهة، وفي تغيير الواقع السياسيّ في العراق والعالم العربي، وإبراز هوية التّشيع السّياسيّة في العالم العربي بعد أن كانت الجهود تبذل لإنهاء وإخفاء التّشيع السياسيّ الإسلامي في الأمّة العربية. المهم انهم تمكنوا من تكوين دولة وهي في طور التكوين والنمو بعد قرون من الظلم والتهميش
4- شيعة العراق يمتلكون أكبر الثّروات النّفطية العالمية، والّتي تشكّل 70% من الإقتصاد العراقي و7% من الاقتصاد العالمي بينما الشّيعة في العالم العربي لم تكن لهم هذه الموارد المهمّة والمؤثّرة في العمق العربي.
5- يمتلك شيعة العراق الأضرحة ومراقد آل البيت وهذا بدوره يعطي شيعة العراق دوراً وزخماً ومركزية لشيعيّة المكوّن لا يمكن أن تتوّفر للآخرين.وهكذا وجود المرجعية عبر التّاريخ ايضاً أسهم في إعطاء بعداً روحياً ومعنويات عالية لشيعة العراق ومحافظة على تراثهم الفقهي والتاريخي والسياسي والعقائدي.
ولم نجد شعباً تألم وذبح وعانى كما عانى شيعة العراق للحفاظ على هذه العناوين البارزة في حياته، وقد دخلت في حياتهم الاجتماعية والفلكلورية، وفي أعرافهم وعاداتهم وطبائعهم وحتى في شعرهم وألحانهم وأناشيدهم ونغمات الموسيقى والاناشيد. حتى قيل أن شعر وادب الطف وحده يكفي أن يكون تراثاً يحق لشيعة العراق أن يتباهون به بأنه لا نظير له في العالم العربي فضلاً عن العراقي.
6- يمتلك شيعة العراق شعوراً وعمقاً نفسياً كبيراً بوجود الحوزة العلمية في النّجف الأشرف، الّتي تعني الكثير لهم وتعني عنوان بارز لم يتمكّن أحد من إخفائه على امتداد التّاريخ، وتوالي الحكومات القاسية، هذه الحوزة لدى شيعة العراق تجعلهم يشعرون بالوجود والبقاء والثبات، وأنّهم باقون ببقاء هذه الاضرحة وهذه المرجعية والحوزة العلمية.
7- شيعة العراق ـ وهم بعمق عربي، ومحيط سنّي ومقطع تاريخي ـ هم أول من بادر الى التأثّر بفكر وثورة الامام الخميني، فنحن نجزم أن كل الاعتقالات والتّشريد والسّجون والتّهجير والحروب على شيعة العراق هو بسبب تأييدهم لثورة الامام الخميني، لأنّهم أول من تأثّر بالصحوة الإسلامية الّتي نادي بها الإمام، وحوزة النّجف هي أول حوزة أيدته أيضاً، لذا فهذا الشّعب صُبّ عليه جام الغضب الطّائفي السّعودي والقطري والاردني والبعثي ليس لشيء، إلا لأنه أيّد هذه الثّورة العظيمة، وأدرك أنها طريقة للخلاص من التّهميش والطّائفية، بينما نجد الصّحوة في لبنان والبحرين والسّعودية أتت في وقت متأخر عن صحوة شيعة العراق، لوجود العوامل الموضوعية، والاستعدادات الكبيرة وعلى رأس هذه العوامل وجود الشّهيد الصّدر الأوّل.
8- هذه القاعدة الجماهيرية الشّيعيّة تمتلك أحزاباً سياسيّة قادرة على تنظيم حياتهم السّياسيّة، وتأخذ دورها في الحياة السّياسيّة. فان الاحزاب السياسية الشيعية والكردية مثلا تمكنت من المشاركة الفاعلة في بناء دولة العراق وتأسيس الدستور ووضع بصماتها على دستوره وتنظيم شؤون المكونات التي ينتمون اليها بينما نجد المكون السني بعد 2003م كونه فاقد للأحزاب التي لها تاريخ طويل ورؤية ـ بفعل سياسية النظام الصدامي ـ جعل موقف المكون مترددا بين الاشتراك وعدمه وحتى الذين قرروا الاشتراك لم يكن لهم احزاب فاعلة وقديمة، بل تأسست كنتاج للمرحلة، مما جعلها لاتمتلك القدرة والرؤية والنضوج في معالجة المستجدات السياسية بعد 2003م بدقة ووضوح وانسجام.
النتيجة
كل تلكم الخصائص تفرض علينا ان نفكر بمايلي :
1- ان شيعة العراق قادرين على ان يكونوا نواة الدولة العراقية .
2- وايضا بفعل خصائصهم وفرقهم عن شيعة المنطقة في لبنان وعموم العالم العربي نجد ان الجمهورية الاسلامية تقيم لشيعة العراق وزنهم وتحاول جادة ان تمد معهم الجسور وتقويهم في المنطقة ليكونوا مصدر قوة لهم وعمق ستراتيجي تتكامل معهم باعتبارهم اول مكون شيعي في المنطقة تمكن ان يحقق انجاز دولة فضلا عما يمتلكه من خصائص مهم جغرافيا واقتصاديا وسكانيا وروحيا وعقائديا ويمكن ان يكون جسرا رابطا للخط التجاري الصيني ( خط الحرير ).
3- لهم وزنهم الحالي والمستقبلي سياسيا وسوف تبقي بيدهم الدولة العراقية مهما لازمتهم التحديات .
4- وهم مكون قادر وفق خصائصه ان يكون قائدا للدولة العراقية بما يتمتلكه من تاريخ وحوزات ومرجعية ومراقد واكثرية عددية وخصائص اقتصادية واحزاب متعددة تستوعب التنوع الشيعي
5- واهم شي التاثر بالمفاهيم الفكرية الثورية فضلا عن السير تحت خيمة المرجعية ,ووجود الدستور الذي يحفظ حقهم
6- وممارساتهم الديمقراطية في الحكم التي جعلتهم نموذج الى الاستيعاب والحوار مع الاخرين من السنة والكرد وباقي المكونات لذا هم كما قلنا يمتلكون كل خصائص القوة والتي تمكنهم من اقامة الدولة وتمنحهم فرص التجددومعالجة الاخطاء والاخفاقات .
7- نعم يحتاجون الى الوحدة والتكاتف والحيوية والحفاظ على الخصائص وضخ دماء جديدة للتجربة السياسية وتقديم الخدمات وتجاوز الازمات
8- على شيعة العراق ان يدركوا ان تمكنوا من اثبات وجودهم وتثبيت حقهم على الرغم من كل التحديات تكون النتيجة الاعتراف بهم كاكثرية سياسية عددية ومن الموكد ان عدوهم وحتى امريكا لاتتمكن بفعل المقدمات ان تقوم باي انقلاب عسكري بل مكمن الخطر الخطر عليهم الحرب الناعمة التي تستهدف مساحاتهم الانتخابية والشعبية والتفكيك بينهم وبين الطاقات الشبابية وهذا يحتاج الى منجز خدمي وتحريك عجلة الاقتصاد والزراعة والقطاع الخاص ودعم الاعلام والاقلام
9- على شيعة العراق ان يوحدوا رويتهم لبناء الدولة العراقية وتحقيق السيادة واحتضان المقاومة والحشد الشعبي ضمن الاطار الدستوري
10- العمل على اعادة البيت الشيعي وتوحيده على اسس ومشتركات . والله ولي التوفيق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى