أحدث الأخبارالعراق

خصوم الصدر يستهدفون تحالفاته: ملامح تلاعُب بريطانيّ بالسياسة العراقيّة

الأخبار- سرى جياد الأربعاء 6 نيسان 2022

بغداد | قد يكون أكثر ما يخيف القوى السياسية «الشيعية» في العراق، هو أن مواقف مقتدى الصدر المتعنّتة في ما يتعلّق بتشكيل حكومة توافق أو شراكة، تستند إلى دور بريطاني بدأ يتعاظم في الفترة الأخيرة على حساب دور الولايات المتحدة، خاصة أن الزعيم «الشيعي» يبدو أكثر ميلاً إلى البريطانيين منه إلى الأميركيين، الذين سبق وأن خاض مواجهة مسلّحة معهم أثناء حصاره في الصحن الحيدري في النجف في عام 2004، إذ تحيط بمقتدى مجموعة من المساعدين ممّن عاشوا في المنفى في بريطانيا خلال عهد صدام حسين، وغالبيّتهم كانوا ينتسبون إلى حزب «الدعوة»، وأبرز هؤلاء جعفر الصدر، ابن محمد باقر الصدر، مؤسّس الحزب. وبحسب مصادر عراقية مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «التدخّلات البريطانية بدأت تزداد منذ تراجع الملف لدى الولايات المتحدة الأميركية». وتَكشف المصادر أن «الولايات المتحدة غير راضية عن التدخّل البريطاني بسبب ما أحدثه من تزوير للانتخابات وتغيير للبنية السياسية في اتجاهات متعدّدة، وتسليط مجموعة من القوى على مجموعة أخرى». كما تَكشف أن «السفير الأميركي (ماثيو تولر) أبلغ رسمياً بعض الجهات السياسية بأنه غير راضٍ تماماً عمّا يحدث ولن يسمح به. وهذا رأي الولايات المتحدة الأميركية التي ترفض تشكيل حكومة متفرّدة أو من قِبَل التحالف الثلاثي فقط. وحتى السيد (هادي) العامري توجّه إلى السفير البريطاني صراحة بالقول في تصريح له، إن المملكة المتحدة تتدخّل في الملفّ العراقي سياسياً بصورة سلبية، وبصورة كبيرة لتغيير الواقع السياسي».
وتَعتبر المصادر أن «ترشيح السيد جعفر الصدر لرئاسة الحكومة، وهو سفير العراق في بريطانيا ولا يؤمن بمنهج أبيه، من قِبَل السيد مقتدى، جاء لإحراج القوى السياسية، ولا سيما الإسلامية منها، وعلى وجه التحديد حزب الدعوة». وتُعرب عن اعتقادها بأنه «عندما يُراد لسفير عراقي في بريطانيا أن يصبح رئيساً للحكومة، وهو لديه امتدادات وجذور هناك يُراد من خلالها أن يأتي ويتحكّم في المشهد السياسي العراقي، فهنا تكمن الخطورة، باعتبار ذلك محاولة لإبعاد الإطار الشيعي عن الحكومة وعدم إشراكه في القرار السياسي». ومعلوم أن الزعيم الحالي لـ«حزب الدعوة» هو رئيس «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، الذي يَعتبره مقتدى خصماً قوياً، ويجاهر بنيّته استبعاده عن أيّ حكومة، حتى إذا وافق على مشاركة الشركاء الآخرين في «الإطار التنسيقي»، ولا سيما ممثّلي «الحشد الشعبي» وفصائل المقاومة العراقية. فالمالكي، مِثل مقتدى، له حضور قوي في الإدارة العراقية، منذ أن كان رئيساً للحكومة لمدّة ثماني سنوات، وهو زعيم ثاني أكبر تكتّل «شيعي» في البرلمان بعد الكتلة «الصدرية».


في المقابل، يقرّ «الإطار التنسيقي» بالعجز عن تشكيل حكومة بمعزل عن «التيار الصدري»، مُسقِطاً بالتالي المهلة التي منحها مقتدى لـ«الإطار» لتشكيل حكومة مدّتها أربعون يوماً، بعد فشل التحالف الثلاثي الذي يضمّ «التيار الصدري» و«الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«تحالف السيادة» في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، لعدم قدرته على تحقيق نصاب الثلثَين في البرلمان. وفي هذا السياق، يقول النائب عن «التنسيقي»، أحمد طه الربيعي، لـ«الأخبار»، إن «الإطار يواصل مساعيه في التفاوض والتواصل مع الفرقاء السياسيين لحلحلة الأمور المتعلّقة باختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الكتلة الأكبر، وكذلك الاتفاق على البرنامج السياسي»، مضيفاً أنه «توجد مبادرة أخيرة للإطار التنسيقي قُدّمت للسيد مقتدى في الحنّانة، ونأمل أن يتمّ التوصّل إلى توافق ورؤية مشتركة بخصوص تشكيل الحكومة».
ويؤكد الربيعي أن «الإطار التنسيقي متمسّك بشركائه الأساسيين، خصوصاً في المكوّن الشيعي، الكتلة الصدرية وغيرها، وكذلك الجهات السياسية الأخرى. فمَن يرغب في المشاركة في الحكومة لا يجوز منعه، ويجب أن يكون الباب مفتوحاً له، ومن يرغب في الذهاب إلى المعارضة فله ذلك. أمّا أن نكسر إرادة جهة معيّنة أو مكوّن ما، ونجبره على الذهاب نحو المعارضة أو غيرها، فهذا أمر فيه إشكالية بالتأكيد». ويَتوقّع أن «يستجيب الحزب الديموقراطي وتحالف السيادة للمبادرة، وبالنتيجة سيكون هناك اتفاق ضمني مع الكتلة الصدرية، على اعتبار أنه إذا نجح الإطار التنسيقي في كسب رأي الطرفَين الأوّلَين، فسيكون من السهل كسب ودّ وقناعة الصدريين. طبعاً، هناك اتصالات مستمرّة بشكل مباشر أو غير مباشر، وبحدّ ذاتها المبادرات المطلقة تمثّل وسيلة غير مباشرة للتفاوض، وهي خير من الانسداد السياسي».
من جهته، يقول القيادي في «دولة القانون»، عباس المالكي، لـ«الأخبار»، إن «الإطار لا يملك عدد المقاعد الذي يؤهّله لتشكيل حكومة، فبالتالي هو بحاجة إلى أن يتحالف مع الآخرين، وهو ليس حريصاً على المشاركة في الحكومة وليس لديه إصرار على أن تكون لديه وزارات في هذه الحكومة، إنّما الإصرار على أن يكون التمثيل الحقيقي للأغلبية هو المضمون، لأنه سيكون ضامناً لاستمرار العملية السياسية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى