أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

خطاب الفتح والرأي العام. إلى كلِّ قادة الفتح

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمّد صادق الهاشميّ

بما أنّ البيان الذي صدر – الذي يُؤيّدُ المفاوضَ العراقيّ وما حققه- هو باسم الفتح، فلابدّ أنْ يكونَ خطابُنا – نحن النخب والكتّاب- إليكم جميعا إلّا من أخرج نفسه من خيمة هذا البيان .

البيان الذي صدر عنكم قال: « نرحّبُ بما حققه المفاوضُ العراقيّ من انجاز بالاتفاق على خروج القوّات القتالية بشكلٍ كاملٍ في نهاية هذا العام » .

وقال أيضاً: « على المسؤولين المعنيين في الدولة العراقية متابعةُ تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه بشكل عمليّ ».

وقال أيضاً: « وكلّ الشكر والتقدير للمفاوض العراقيّ على هذا الانجاز الوطنيّ » .

أيّها الإخوة :

أوّلاً: لا يكاد ينتهي عجبي من هذا الاستعجال منكم،- أنتم أبناء الفتح- دون غيركم لهذا البيان، الذي يُعتقد أنّ نصراً ومنجزاً وطنيّاً قد حققه المفاوضُ العراقيّ مع أنّه في الحقيقة لا نصر ولا مُنجز وطنيّ في البين، فما حصل أنّ « نفس القوّات القتالية تحوّلت إلى قوّات مستشارين»، ولا يوجد أيّ كلام من بايدن تصريحاً ولا إلى خروج القوّات الأمريكية من العراق، بل على العكس فإنّ مَنْ يتابع التصريحات يجدها تتراوح بين ( توسعة الشراكة ) وبين ( إرسال قوّات جديدة) أو (تبديل صفة القوّات )، ولا يوجد حديث عن غلق القواعد أو ترحيل القوّات أو السماح للجهات الرقابية العراقية والمؤسسات الأمنية والعسكرية من الإشراف على مجريات الاتفاق توقيعاً ومتناً وتنفيذا ًكما يدّعي بيانكم أو يأمل بقولكم: « على المسؤولين المعنيين في الدولة العراقية متابعة تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه بشكل عمليّ».

ثانياً: لو كان هناك أيّ مؤشّر على إنهاء الاحتلال كما تعتقدون وتذكرون في متن البيان لما حمل بايدن بيده ورقة تهدد إيران، وعليه فالرئيس الأمريكيّ واضحٌ جدّاً في أنّ هناك بقاءً طويل الأمد وشراكات واسعة، وهو لأجل تلك الشراكات الاستراتيجية يهدد مَنْ يعارض أو يعترض عليها، فكيف تناهى إلى فهمكم أنّ أمريكا سوف تُنهي وجودَها العسكريّ ؟.

ثالثا: أنتم مقبلون على انتخابات مهمّة ومفصلية، وأنّ جمهوركم رصيدكم، وبالتأكيد أنه معكم وفق المنهج الذي تسيرون عليه، لا وفق الخطابات المتعددة، والمناهج المترددة، والمتبنيات غير المستقرّة والمتناقضة، فما وقعتم فيه من خديعةٍ يكشفُ عن عدم التأني في الرجوع إلى اهل الخبرة؛ لمعرفة مجريات الأحداث وما تؤول اليه.

ويكشفُ أيضاً عن أنكم لم تقوموا بمراجعة ما تمّ طرحه بين الكاظمي وبايدن، وانما هو أمر صدر عنكم عاجلا وفق حسابات غير مدروسةٍ، فيها امتدحتم المفاوض ( الكاظميّ )، وتمّ منحه شهادة الانجاز، وأمضيتم بماءِ وجوهكم كُلّ ما تمّ تمريره من قبل بايدن، دون أنْ تطّلعوا عليه بدقّةٍ، وسوف تتحمّلون نتائج الأمور وعاقبتها، وستسألكم الأجيال عن مصيرها حال بيان الخداع في الموقف الأمريكيّ، وهو واضحٌ لكلّ مَنْ تابع تصريحاته، والذي لم يتحدّث عن أيّ انسحاب مطلقاً، ولا تجميد، ولا إنهاء وجود، ولم ترد هكذا كلمة منه إلّا في بيانكم، غاية ما تمّ الحديثُ عنه من الرئيس الأمريكيّ هو : « تحويل القوّات القتالية إلى مستشارين ».

وربّما أنّ أحد أعضاء الوفد كان يمارس دور الإيهام والتهويل معكم لسببٍ مّا، وربّما هو الآخر «أطرش بالزفّة» .

رابعا: لا نطالبكم بشيء إلّا أنْ تكونوا أكثر عمقاً في الخطاب، وأشدّ تريثاً في القرار؛ لأنّكم مـنّا، ولكن قريباً يوشك البين والبون يشتدُّ بيننا، ونقسمُ بالله صادقين لا نتحدث هنا عن شيء من دعوة الى قتال وغير ذلك ، فإنّ البعض منكم جرّبته الساحات الجهادية، ولا يمكن لأحدٍ أنْ يمارس عليكم دور المزايدات، إلّا أنّ الحديث هنا عن ضرورة الحكمة والتأنّي في فهم الأحداث، وأنْ تكونوا أكثر دقّةً في المسائل الحسّاسة؛ للحفاظ على سمعتكم.

وحسب البيان يبدو أنّ عامل الحكمة لم يكن حاضراً، بل كان الارتجال سيّد الموقف، وربّما دفعت بالبعض مشاريعه ومصالحه السياسية والاقتصادية الخفية والعلنية والتي يؤثر فيها على الآخرين والله العالم .

خامسا: بيننا الأيام فإنْ تحقق ما تقولونه « المنجز » فلكم مـنّا بالغ الشكر، وإنْ تبيّنَ أنْ لا منجز في البين فإنكم تتحملون وزر خطابكم.

ومن الآن نكرر أنّ أمريكا لم تمنحكم أيّ منجزٍ، ولا يوجد مفاوض ولا مفاوضات، بل كلّها كانت عبارة عن إملاءات.

سادسا: كيف تصدّقون أمريكا سوف تنهي وجودها هذا العام ؟، وكيف تراهنون أمام شعبكم على وعودها، وهم الآن بعد عقد من الزمن يصرّحون زوراً بإنهاء « الصفة القتالية » ، بينما لم يقل أحدٌ إنّهم بهذه الصفةِ منكم ومنهم من قبلُ، وهذا يضاف إلى سجل الخداع الأمريكيّ، فقد كان وجودهم حسب توصيفهم بأنّهم قوّات تدريبية، فكيف الآن تصدقون تغيير الصفة وقد تبيّن أنّهم قوّات قتالية؟ .

أيّها الأخوة:

هناك عشرات الأسئلة، وهناك كثيرٌ من الكلام من قبل أُمّتكم عنكم، افتحوا بيوتكم وقلوبكم واخرجوا من حصونكم، واسمعوا صوت الأمّة، وأقلّ ما هو مطلوب منكم ألّا تتورطوا بتأييد مواقف مبهمة دون دراية، واتركوا الأمور إلى المستقبل، ريثما يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود .

نأمل من الله من خلال الانتخابات القادمة أنْ يمن الله على العراق بقدرات تتمكّن من أنْ ترحّل المحتلّ بجهدٍ دبلوماسيٍّ يصحّ أنْ يقال عنهم : « المفاوض صاحب المنجز » .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى