أحدث الأخبارالإسلامية

دعوة للتأمل في مدى صحة تسمية ( السنة والشيعة)

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم: منصور عبدالله الحرازي

بسبب ظاهرة الشحن الطائفي التي تمر بها المنطقة تم اعداد هذه المقالة …
من المعروف ان الحكم على شخص بانه جمهوري او غير جمهوري هو من حيث موقفه من الجمهورية ، أو ان هذا وحدوي او غير وحدوي من حيث موقفه من الوحدة ، او ان هذا عربي او غير عربي من حيث انتسابه للعرب…وهكذا ،

بينما تسمية (السنة والشيعة ) ليست مبنية على هذا الأساس إطلاقا ، وكأن السنة النبوية يتمسك بها طرف ولايتمسك بها الطرف الأخر ، أو ان التشيع للائمة يتمسك به طرف ولايتمسك به الطرف الأخر ، وهذا غير منطقي للاعتبارات التالية :

1. من حيث التسمية : يلاحظ ان كلمة شيعة تعني موالاة لقوله تعالى عن نوح عليه السلام (ان من شيعته لإبراهيم ) ، وعندما نطبق هذا المفهوم على مايسمونه (سنة وشيعة) نلاحظ ان من يطلق عليهم الان( شيعة) هم مواليين لائمة الدين ومرجعياتهم ،وان من يطلق عليهم (سنة) هم مواليين ايضاً لائمة الدين ومرجعياتهم وان اختلفت أطراف الموالاة ونسبة الموالاة لدى كل منهما ، فمن يطلق عليهم (السنة) هم موالين لائمة السنة من المذاهب الاربعة ، ومن يطلق عليهم (شيعة) هم موالين لائمة اهل بيت الرسول (ص) ، وبالتالي فان كل منهم شيعة من حيث الموالاة…

وبما ان التمسك بالسنة هو الاعتراف بسنة الرسول (ص) والعمل بها قولاً وعملاً ، فعندما نطبق هذا المبدأ على مايسمونه (شيعة وسنة) نلاحظ ان من يطلق عليهم (سنة) هم متمسكين بأحاديث الرسول (ص) وينقلونها من أئمتهم ومرجعياتهم ، وان من يطلق عليهم (شيعة) هم ايضا متمسكين بأحاديث الرسول (ص) وينقلونها من ائمتهم ومرجعياتهم ، والجميع يعرف ان كل الفروض المذكورة في القران تم تفصيلها في السنة النبوية المطهرة وبالتالي لايستطع اي مسلم عبادة الله او اداء تلك الفروض بتفاصيلها الا بتلك السنن سواء في الصلاة او الزكاة او الحج او الصوم اوغيرها وبالتالي فان كل من الشيعة والسنة هم سنة من حيث التمسك بالسنة .

2. من حيث العلاقة بين ائمة اهل البيت وائمة المذاهب الاسلامية :
فقد أخذ الامام أبو حنيفة العلم عن أربعة من أئمة وفقهاء أهل البيت (عليهم السلام)منهم : محمد الباقر وجعفر الصادق، وقد اعترف بفضل الامام الصادق (عليه السلام) عليه وعلى ايصاله الى هذه الدرجة والمنزلة العلمية والفقهية، فقال: «لولا السنتان لهلك النعمان»، ويرى الشيخ محمد ابو زهرة انّ هاتين السنتين كانتا عند ما خرج أبو حنيفة من العراق مهاجراً للمدينة، فانّه أقام ببلاد الحجاز، ولعله قد لازم الامام الصادق في هذه المدة.
وأخذ الامام مالك بن أنس العلم عن جماعة ومنهم الامام جعفر الصادق، ولكنّه اخفى الحديث عنه في عهد الحكم الاموي لظروف الارهاب التي امتاز بها الحكم انذاك، ولموقفهم العدائي من أهل البيت (عليهم السلام)، وبدأ بالحديث عنه في عهد العباسيين قبل استلامهم للسلطة وفي بدايتها كما دلت على ذلك بعض الاخبار.
والامام الشافعي وان لم يتتلمذ على يد الامام الصادق مباشرة الاّ انه أخذ العلم ممن اخذه من الصادق، فعن اسحاق بن ابراهيم قال: قلت للشافعي: ما حال جعفر بن محمد عندكم؟ فقال: ثقة، كتبنا عنه اربعمائة حديث.
ومن يتتبع مسند الامام أحمد بن حنبل يجده ينقل العديد من الروايات عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
كما لوحظ ان علاقات الاحترام والتكريم والولاءكانت سائدة بين أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأئمة المذاهب الاسلامية في ظل الاهداف الكبرى للرسالة الاسلامية متعالين على الفواصل الجزئية الطبيعية.

3. من حيث الاختلاف والاتفاق في الاصول بين السنة والشيعة يلاحظ أن الاتفاق على الكثير من الأصول هي السمة الابرز بين السنة والشيعة ، مثل أركان الإسلام وأركان الإيمان والقرأن والرسول(ص) والقبلة والفروض.. الخ التي تعتبر جميعها أساساً للحكم على أن أتباع المذهبين هم مسلمين ، الأمر الذي يحتم بل ويفرض على جميعهم حفظ دم ومال وعرض كل منهم باعتبارها أساسا شرعياً وكافياً للتعايش فيما بينهم كمسلمين ….. وان أي اختلافات اخرى يجب تركها للعدالة الإلهية التي يفصل فيها الله سبحانه وتعالى بين عباده يوم القيامة قال تعالى (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ….. ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) ( الأنعام) صدق الله العظيم

4. من حيث وجوب تنفيذ( السنة والشيعة) لدعوة الاسلام الى السلام والتعايش بين المذاهب والاديان يلاحظ ما يلي :
• أن التعايش والتسامح بين المذاهب كان سمة بارزة في التاريخ الاسلامي ، فقد كانت تقام في عهد الخلافة الاسماعيلية الفاطمية حلقات العلم والفقه لجميع المذاهب في المسجد الواحد ، وهذا يؤكد بأن النعرة المذهبية أو الطائفية التي تمارس حالياً ما هي إلا وسيلة للحكام والنخب الحاكمة لتكريس سلطتهم ونفوذهم وسيطرتهم على السلطة والثروة والنفوذ وان إذكاء المذهبية والعنصرية ما هي إلا لغرض التفرقة بين الناس وتسهيل السيطرة عليهم.

أن المسلمين مطالبين وفقاً للنظام العالمي الجديد بالتعايش السلمي بين الأمم واحترام الآخرين والتحاور مع الحضارات والأديان .. ولذلك فمن باب أولى احترام بعضهم البعض وإشاعة التسامح والتعايش السلمي فيما بينهم بكل معانيه.

في الأخير ونحن نستغرب من مدى صحة تسمية (السنة والشيعة ) المتداولة عقودا من الزمن يرافقها نوع من الكراهية ،فإننا نستذكر آيات من القران الكريم تدعونا الى التعايش والتسامح والسلام ، قال تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) وقال (ولا تزكوا أنفسكم هو اعلم بمن اتقى ) وقال ( يا أيها الذين امنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم ) ، وقال ( الله اعلم بمن ظل عن سبيله واعلم بالمهتدين ) وقال ( ولو شاء الله لأمن من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) صدق الله العظيم
فـ ( الدين المعاملة ) أولا وأخيرا ، و(المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ).

والله من وراء القصد ،
وصلى الله على محمد واله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى