أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

دفاع عن الحشد الشعبي وتضحياته

مجلة تحليلات العصر الدولية - د.محمد العبادي

ما إن إحتلت عصابات داعش الإرهابية ثلث أراضي العراق حتى إستنهضت المرجعية بفتوى الجهاد الكفائي أبناء العراق الغيارى ، لقد كان لتلك الفتوى التي أصدرها المرجع الكبير السيد السيستاني في حزيران سنة 2014م الدور الحاسم في تشكيل الحشد الشعبي ؛ حيث نفر الناس الى الجهاد والدفاع عن بلدهم .
إن مَن أسس بنيانه على تقوى من الله وفتوى المرجعية أحق بالدفاع من أولئك الذين أسسوا بنيانهم على جرف هار من إيحاءات السفارة الأمريكية والبريطانية .
لقد كانت جموع  الناس الغفيرة بعد صدور فتوى المرجعية يصعب إستيعابها ، ومع ذلك فقد تم تأسيس مقر قيادة لها، وهيئة أركان وتوزيعها على صنوف ومديريات وألوية ،وقيادة قواطع أو محاور ،وتم تنظيمها الى تشكيلات تبلغ حوالي (57) تشكيلاً .
إن الحشد الشعبي إنبثق من رحم المجتمع فهو من الناس والى الناس وهو لايمثل طائفة ولامناطق معينة ؛ بل يضم في تشكيلاته مضافاً الى أبناء الوسط والجنوب مختلف أطياف الشعب العراقي مثل كتائب بابليون المسيحية ، وبعض الإيزديين وأبناء الحشد العشائري من المناطق المحررة .
لقد خاض الحشد الشعبي حوالي (27) معركة ضد العصابات التكفيرية ، وقدم حوالي (11) ألف شهيد وأضعافهم من الجرحى أفلا يستحق هذا الحشد المقدس كلمات الشكر والعرفان لما قدموه من تضحيات ؟!
إن من المروءة والوطنية والأخلاق أن تقدم الشكر لمن ضحى بنفسه وراحته ووقته من أجلك ، وليس من شيم العرب أن ينكروا الجميل الذي بذله الحشد من دون منّة في بطولاتهم ومواقفهم .
إن الحشد الشعبي هو جزء من القوات المسلحة وقد أقر قانون هيئة الحشد الشعبي من قبل البرلمان بأغلبية الأصوات في 26/تشرين الثاني /2016م ، وعلى باقي الفئات أن تحترم القانون وأن تكف ألسنتها عن الثرثرة والمهاترات الإعلامية .
إن حرية التعبير والنقد عندما لاتحترم القانون فهي حرية زائفة ، وإن الحرية التي تركب مركب القدح والتجريح ضد المضحين فهي حرية جوفاء فاقدة للأخلاق .
إن نعت الحشد الشعبي (بالمليشيات الشيعة المسلحة ) إنطلقت من العواصم الخليجية أولاً ثم وجدت مستقرها عند أدعياء الوطنية الذين ينفذون المشروع الصهيوأمريكي من حيث يشعرون أولايشعرون .
التجارب المعاصرة علمتنا أن كثير من الأحداث قد تم حياكة خيوطها بدقة متناهية في الغرف الأمنية وبإمكان الأعداء أن يلبسوا ألبستنا ويتشبهوا بنا ، ففي أواخر تسعينيات القرن الماضي هاجمت مجموعة تلبس زي الشرطة الإيرانية طلاب الأقسام الداخلية لجامعة طهران وأمير كبير ، مما جعل أصابع الإتهام تتوجه الى الشرطة وتحريك الناس ضدها (ولكن شُبّه لهم ) في حين أن العملية كانت من نسج أعداء الثورة في إيران بالتعاون مع أمريكا وبريطانيا .
وفي سورية كانت الأحداث والتظاهرات في درعا سلمية وتتجه نحو الحل السلمي ، وفجأة دخلت جماعات بالزي العسكري للجيش العربي السوري وأستخدمت الذخيرة الحية وحرفت بوصلة التظاهرات نحو السلاح والعنف وهكذا سرت النار من مستصغر الشرر الى باقي المدن الأخرى ، وهكذا في بلدان أخرى .
مع هذا التعقيد لخيوط المؤامرات الدولية في أكثر من دولة لايمكن أن يذهب أحدنا لتبسيط الأحداث وتحليلها بسذاجة سمجة ويلبسها على الجهات التي دافعت عن العراق بإخلاص .
لا أدري كيف يصدق أصحاب شعار (الحوار والإعتدال والوطنية)بالدولة التي قتلت أبناء بلدهم ، ودمرت البنى التحتية ، وحلّت الجيش العراقي وعملت على إضعافه ولازالت تستبيح سمائهم وتقتل أبنائهم وخاصة رجال الحشد الشعبي المرابطين لتحصين الثغور كيف يصدق هؤلاء بأنها دولة تريد الخير للعراق .
ليس صحيحاً أن يقال ان أمريكا دخلت مع العراق في حربين ، بل الصحيح أن يقال أن أمريكا دخلت معنا في ستة حروب وخرجنا منها جميعاً بالخسائر الكبيرة : الأولى عندما دفعت بنظام صدام أن يدخل في حرب عبثية مع الجارة إيران ، والثانية في إستغلال وإستغفال نظام صدام لدخول الكويت ومن ثم إخراجه منها بالقوة مدحوراً مقهوراً ، والثالثة في الحرب الإقتصادية التي فرضتها على الشعب العراقي وراح ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا المدنيين ، والرابعة في حرب أكذوبة وجود أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الإرهاب ، والخامسة في صناعتها لداعش الإرهابية بمساعدة وكلائها في المنطقة ، والسادسة في الحرب الإعلامية والثقافية حيث غزتنا في عقر دارنا من خلال جيوشها الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي والتي تدار من قبل ضباط أجهزتها الإستخباراتية ، وقد خدعت كثير من الناس بتأليبها ضد الجهات السياسية المخالفة لها وأشعلت المواقع الإعلامية ومواقع التواصل الإجتماعي بجيوشها في كثير من المناسبات  .
ومع كل هذه الحروب التي أنزلتها هذه الدولة الإرهابية المارقة في ساحتنا، ومع كل هذا الوضوح في أن هذه الدولة هي دولة إستعمارية إرهابية يخرج علينا من أبناء جلدتنا مَن يسايرها في أهدافها المشؤومة !!!
إن إرتفاع أصوات المنابر الإعلامية الشاذة ضد الحشد الشعبي ليس بسبب وجود ضعف في ماهية الحشد الشعبي وقوته ووضعه القانوني ؛ بل لأن هذه المنابر الإعلامية قد نزلت الى القاع التي ليس تحتها تحت في مجاراة المشروع الصهيوأمريكي ولايستطيع الحشد الشعبي منازلتهم في هبوطهم الأقصى .
على كل حال أعتقد أن الحشد الشعبي بجميع تشكيلاته هم الصوت الصادق في الدفاع عن العراق ومصالحه ، على أن هذه النظرة والإعتقاد لاينفي عن الآخرين وطنيتهم وكما يقولون (إثبات الشيء لاينفي ماعداه).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى