أحدث الأخبارفلسطين

رؤية مشعل لدور الشباب في مناهضة التطبيع

مجلة تحليلات العصر الدولية

لا شك أن صمود الشعب الفلسطيني، ونجاح مقاومته، والإجماع الفلسطيني على رفض “صفقة القرن”، وقرار الضمّ، والتطبيع، هي عناصر قوة، ستقود شعبنا إلى التحرير والنهضة، وبشكل خاص إذا ما تمّ تقديم الدعم لها من الجهات الرسمية والحزبية والنخبوية في العالمين العربي والإسلامي.
وفي حديث عن دور الشباب في التعامل مع الفضاء الإلكتروني، وجه خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس في حوار مباشر “مع الشباب حول القضايا الراهنة”، نظمه الملتقى العلمي للشباب، عبر منصة الزوم الإلكترونية السبت الماضي، وجه نداءً للشباب على أن لا يتخلوا عن روح المبادرة والإيجابية، وأن يكونوا على قدر الرهان، لأن الأمل معقود عليهم، فصفة الإقدام هي صفة الشباب.
فالأمة بشبابها تستطيع أن تفعل الكثير، مع عقل نير، والثقة بالله، والثقة بالنفس، والارتباط بالأمة والفكر والمنهج، والغيرة على الأمة وأهدافها الكبرى، مذكراً الشباب بالرسالة التي من أجلها وجدوا، وبأهمية أن يكون لكل واحد منا بصمته.
لهذا يلعب الشباب دورا مهما في معركة مناهضة التطبيع إلكترونياً، حيث كان لهم اسهامات مركزية وأصيلة، ويصدر عن وعي وإصرار، نظرا لأهمية الفضاء الإلكتروني، حيث نشهد إبداعات مفرحة للشباب ، لابد من تعميمها في مختلف الميادين.
الأمّة في حالة معركة وتدافع، وهذا دليل عافية وقوة وأنها حية؛ “أنا أقاوم إذن أنا حي”، والأعداء يعرفون أن الأمة العربية والإسلامية أمة عظيمة، لذلك لا يريدونها أمّة رائدة أو شريكة، وزرعوا فيها العدو الصهيوني، وحاولوا حرمانها من التنمية والديموقراطية والتقنية.
والشباب هم أمل الأمة، وتُعقد عليهم الآمال والرهان، لتحقيق النصر والمنعة، وستنجح الأمة في معركة مواجهة التطبيع، فالتطبيع ما زال محدوداً، وفي نخب معزولة، والخطوة الإماراتية لم تكن مفاجئة، بل سبقتها خطوات تطبيعية، وهناك دول لديها التوجه ذاته.
الجميع ضدّ التطبيع بالمبدأ، وضد العلاقة مع “إسرائيل” من أي دولة كانت، صديقة أم غير صديقة، لذا يجب التمييز والتفريق بين علاقة وأخرى من جهة دوافع ذلك، وبين من يدعم القضية الفلسطينية، وبين من يتنكر للقضية.
وفي التعامل مع قضايا الأمة، من المهم التركيز على الفهم، فبناء الفهم، وبناء الرؤية هي الأساس.
فالأمة عانت من الاستعمار، والهجمات الاستعمارية، والأمة كانت في حالة تخلف، وعاشت مرحلة صعبة، ولكنها عبرتها، ضحت كثيراً، تخلصت من الاستعمار بكل أشكاله، وبدأت معركة النهضة، وبدأت الأمة تعود إلى ذاتها، إلى ماضيها، لتستحضر منه عوامل القوة والأصالة، وتنطلق بإبداع وتجديد وعصرنة ومعاصرة أصيلة.
لدى الأمة مشاكل ذاتية، ولديها خلافات، وفروق في الاجتهاد، وأنماط فكرية وسياسية متعددة، ونشأت كيانات وأنظمة وحكام وتيارات وأحزاب ونخب تريد كسر الآخر، ولا تقبل الآخر، تريد لهذه الأمة أن تبقى رهناً لتطلعاتها الذاتية، فمن يحكم يستأثر بالحكم، وبالثروات، وبمقدرات شعبه؛ فنشأ الاستبداد السياسي، والفساد في كل أشكاله؛ السياسي والاقتصادي والثقافي، وأغرقوا الأمة بالخلافات الدموية، ومنعوا كل محاولات التغيير والنهضة، وليس آخرها ما حدث في الربيع العربي، فالقوى الخارجية معنية ببقاء الخلافات، ولن تسمح لقوى التغيير بالنجاح.
الامر الذي فتح الباب للقوى الاستبدادية لعقد التحالفات مع القوى المتخاصمة، وبدأت هذه القوى بالتحالف مع أعداء الأمة مثل الكيان الصهيوني، بحجج كثيرة، وبدأت بالتماهي مع الصهاينة والتخلي عن واجباتها تجاه قضية فلسطين، معلنة أن فلسطين لم تعد قضيتي.
ففلسطين لا تشرف إلا برجالها الحقيقيين، أصحاب الرسالة والأمانة والقدرة، والذين يضحون.
كل هذه الأمور جاءت فرصة للصهاينة، وكل من والاهم، وإدارة ترامب الأمريكية، التي تُعدّ الأكثر صهيونية في تاريخ الإدارات الأمريكية، لتصفية القضية الفلسطينية، وفرض حلّ من خلال “صفقة القرن”، وتقدم “إسرائيل” على أنها جزء من الحل، وليست هي المشكلة، وليست هي العدو، وإنما هي حليف لبعض الدول في معاركها المصطنعة.
أرادوا التضحية بفلسطين من أجل أجنداته، يا هؤلاء “فلسطين ليست بنكاً لكي تحلوا مشاكلكم على حسابها”.
ان مستغلي الثروات حاولوا إبقاء المنطقة في أزماتها، وفي مشاكلها، دون حلول، لتيئيس الناس وقتل آمالهم.
فأعداء الأمة لا يحتملون أن تكون هناك نماذج ناجحة، يُقتدى بها، تكون عوناً للشعوب وللشباب والنخب والمصلحين.
فلا تفوق بالسلاح التقليدي أو التكنولوجي أو النووي إلا للكيان الصهيوني، ولا أحد يلعب دوراً مؤثراً إلا “إسرائيل”، حتى تشعر الأمة بالعجز وأنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً.
وأمام كل هذه التحديات ما هو المطلوب منا، وما هي الاتجاهات المطلوبة ومسارها؟:
– معركة الوعي والفكر والمفاهيم، وهي الأساس، وهي غاية في الأهمية، حيث يجب ضرب المصطلحات والمفاهيم التي يُراد ترويجها، ولا ينبغي أن نقع بمستنقع العرقية أو الطائفية.
– رسم الرؤية الكلية، بحيث تكون معارك الأمة ضمن رؤية كاملة، تصبّ في كل مساراتها ضمن هذه الرؤية، والتي تُبنى من خلال الوعي، وحُسن التشخيص.
– تقديم نماذج ناجحة في كل معاركنا المختلفة، فلا نخوض معاركنا دون جاهزية، أو استعداد، لأن التجارب الفاشة تحبط، وتجعل الناس في حالة من التردد، والإحجام.
في الوقت الذي يشرح فيه القادة رؤاهم لإفشال المؤامرات التي تستهدف الامة ،عبر حملات التطبيع تارة، وعبر عقد التحالفات التي تضعف الأمة وترهنها لأعدائها تارة أخرى.
فانه يقع على الطواقم والأجهزة التنفيذية في حركات المقاومة، وضع الآليات المناسبة، لإسقاط هذه الرؤى على شكل خطط عمل، ومهمات عملية للتنفيذ على أرض الواقع، مع توفير كل ما يلزم للنجاح، فلم يعد لدى شعبنا وقواه المقاومة ترف المحاولة التي تحتمل الفشل، فإما أن ننجح أو ننجح ولا يوجد لدينا خيار ثالث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى