أحدث الأخبارشؤون اوروبيية

روسيا تنتقل الى سياسة – الردع المضاد – مع الناتو

مجلة تحليلات العصر الدولية - كريم المظفر

الاجتماع الأول لمجلس روسيا والناتو بعد عامين ونصف من التوقف كان “صعبًا ، لكنه مهم” للحلف ، وفي موسكو ، تم وصفه بأنه “حديث من القلب إلى القلب” ، وأصبحت المفاوضات التي استمرت أكثر من أربع ساعات أكثر المحادثات صراحة بين الجانبين ، وأظهرت التناقضات العديدة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي وعدم استعدادهما لتفاقم الصراع ،طه ورحب التحالف بالمشاورات الثنائية بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية ، مشيرا إلى أنه من أجل الأمن في أوروبا ، لا ينبغي تفويت فرص التفاعل البناء ، بالإضافة إلى ذلك ، أعرب الناتو عن استعداده لمناقشة القيود المتبادلة مع روسيا بشأن الصواريخ وقضايا السياسة النووية.

اجتماع مجلس “روسيا – الناتو” هو المرحلة الثانية من الحوار الروسي الغربي حول موضوع ضمانات الأمن،طه بعد مشاورات روسية أمريكية أجريت في جنيف يومي11 و 12 يناير الجاري ، واستمرت لأكثر من سبع ساعات ، وقبل اللقاء الذي تم عقده في فيينا الخميس ضمن إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ، كان بمثابة محادثات غير حاسمة خيمت عليها خلافات عميقة وجوهرية، بهذا العنوان العريض يمكن تقييم مخرجات اجتماع مجلس روسيا-الناتو، وهو الأول منذ عامين ونصف ، أما في التفاصيل فقد رفضت موسكو تقديم أي تنازلات أو حلول وسطى بمسألة الضمانات الأمنية، وعلى الضفة الأخرى أقر الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بالحاجة إلى الحوار مع روسيا لمنع اندلاع نزاع مسلح في أوروبا، وأكدت نائبة وزير الخارجية الأمريكي رفض بلادها لمطلب عدم توسع الناتو شرقا.

ووفقا لنتائج هذه المفاوضات بين روسيا والغرب ، يبرز تساؤلا ملحا هل تراجعت فرص الدبلوماسية لنزع فتيل أسوأ التوترات بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة؟ وما هي البدائل؟ ، فقد أكدت الخارجية الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين يطلع على خيارات مختلفة من الخبراء العسكريين للتعامل مع تدهور محتمل للوضع حول أوكرانيا ، وهذه القضية معقدة ولا يجب تسريبها بأي شكل من الأشكال إلى الفضاء العام لأن ذلك بحد ذاته سيقوض الوضع ” ينبغي منح الدبلوماسية فرصة ” ، بحسب وزارة الخارجية الروسية .

الكريملين يرى في سلسلة المفاوضات التي جرت مؤخرا مع الولايات المتحدة والناتو، حول الضمانات الأمنية لروسيا، لم تكن ناجحة ، ويشير إلى أنه تم خلال المشاورات في جنيف وبروكسل بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والناتو من جهة أخرى، حول القضايا الأساسية، تسجيل وجود خلافات، وهذا أمر سيء ، وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أن روسيا لم تفتقر أبدا إلى الإرادة السياسية فيما يتعلق بمواصلة المفاوضات مع الولايات المتحدة ، لكن لا يمكن لحلف الناتو أن يملي على روسيا كيف وأين تحرك قواتها العسكرية على أراضيها .

أجواء المفاوضات وكما عبر عنها نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو ، بأنها أتسمت بالصراحة ، وكانت بعيدة عن أي تلطيف أو استخدام عبارات اللياقة السياسية، إلى أن تدهور الأوضاع المتواصل قد يؤدي إلى التداعيات الأقل قابلية للتنبؤ والأكثر خطورة بالنسبة للأمن الأوروبي ، وأضاف الدبلوماسي الذي ترأس – إلى جانب ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي – وفد بلاده في المشاورات مع ممثلي الناتو “روسيا غير موافقة على هذا السيناريو، والتدابير التي نقترحها اليوم، وعلى النحو التي تم عرضها في مسودة الاتفاقية (بين روسيا والناتو) تسمح بتغيير الوضع تغييرا جذريا.

كما إن الحوار في الإجتماع بين الطرفين كان عميقا وجديا لكنه في الوقت نفسه كشف عن خلافات كثيرة حول قضايا محورية ومن أهم هذه القضايا أن الناتو يفهم مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة فهما انتقائيا، إذ أن هذا المبدأ من وجه نظر الناتو لا ينطبق إلا على الدول الأعضاء في الحلف ولا يخطط الناتو في نشاطاته العملية لأخذ مصالح أمن الآخرين بعين الاعتبار ، وشدد غروشكو على ان “اليوم لا توجد لدينا أي أجندة إيجابية مشتركة إطلاقا”. مرصد طه الأخباري
كما أكدت روسيا ، أن محاولات الولايات المتحدة لابتزازها وترهيبها غير مقبولة ولن تؤدي إلى النتيجة المرغوبة ، وقال سيرغي ريابكوف، “نسمع دائما عن ثمن ما… سيكون على روسيا دفعه في حال قيامها أو عدم قيامها بما يريده أو لا يريده هؤلاء الأشخاص ، كما لو أن التاريخ لا يعلمهم أي شيء ، مثل هذا الحديث غير مقبول على الإطلاق بالنسبة إلينا ، وتابع: “أفهم أنه فضلا عن العقوبات والابتزاز لم يبق الكثير في ترسانة السياسة الخارجية الحديثة للغرب، يجري فقدان حتى القدرة على التوصل إلى الاتفاقات، لكننا سنحاول إعادتها أو حتى زرع هذه القدرة”.

وتحمل روسيا ، الولايات المتحدة المسؤولية عن تصعيد التوترات عند حدودها ، والتحذير من أن الحكومة الأوكرانية بدعم مفرط من الغرب تحلم في “الانتقام” من موسكو وتبحث عن ذرائع للتهرب من تنفيذ اتفاقات مينسك الخاصة بتسوية النزاع في منطقة دونباس ، وشددت روسيا على طلب موسكو لوقف تمدد حلف الناتو شرقا وتخليه عن فكرة انضمام أوكرانيا إليه ، وقال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف “أي استفزاز قد يحدث، لن نسمح بتحميلنا المسؤولية عن تبعات وخيمة للغاية قد تنجم عن ذلك ، نحذر فقط من أنه يتعين على الناتو التراجع”.

وترفض وزارة الخارجية الروسية ، تأكيد أو استبعاد إمكانية نشر بنية تحتية عسكرية روسية في كوبا وفنزويلا ، ردا على الأنباء التي ترددت بعد أخفاق إجتماع روسيا – الناتو في إيجاد لغة مشتركة في التحديات التي يواجهها العالم أزاء الخلافات والتوترات بين كتلتي الشرق والغرب المتمثلة في روسيا من جهة وبين العالم الغربي والولايات المتحدة من جهة أخرى ، وأكد ريابكوف “لا أريد تأكيد أي شيء، ولن أستبعد أي شيء أيضا”، لكنه أشار في الوقت نفسه إن كل شيء يتوقف على تصرفات “زملائنا الأمريكيين” .

الإستنتاج الروسي عن نتائج جولات المفاوضات ، هو إن الولايات المتحدة والناتو غير مستعدين لتلبية المطالب الروسية بشأن الضمانات الأمنية، وإن موقف الناتو من قضية عدم توسع الحلف شرقا “غير قابل للاختراق”، ، وتشير إلى أن ذلك “أمر مثير للقلق ” ، وأن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مستعدان للتحدث فقط عن تلك الضمانات الأمنية التي تناسبهما ، وتقول روسيا أنها ليست على ثقة بأن الولايات المتحدة والناتو سيقدمان تنازلات بشأن الضمانات الأمنية، لكن الحوار مستمر على مختلف المستويات.

وأمام هذه المعطيات عن نتائج المفاوضات الروسية الغربية ، شددت موسكو ، على أن روسيا ستنتقل إلى سياسات “الردع المضاد” تجاه حلف الناتو في حال إتباع الحلف سياسة ردع روسيا ، وتحذير الناتو من أن تدهور الوضع سيؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها بالنسبة للأمن الأوروبي ، في حين أوضحت وزارة الدفاع الروسية أن ثمة 3 قضايا محورية يجب التركيز عليها ، وتشمل هذه القضايا أولا “ضمانات لعدم توسع الناتو شرقا على حساب أوكرانيا وأي دول أخرى”، وثانيا “تحمل التزامات بعدم نشر الصواريخ الأمريكية الجديدة متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا، لأن نصب مثل هذه الأسلحة يمكن أن يؤدي إلى تدهور جذري للأوضاع الأمنية في القارة” ، وثالثا ترتكز المقترحات الروسية، بحسب بيان الوزارة ، على “الحد من الأنشطة العسكرية في أوروبا واستبعاد زيادة ما يسمى بمجموعات قوات المرابطة الأمامية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى