أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون امريكية

روسيا واوكرانيا والشيطان الامريكي!

🖋️,, د / احمدالقشائي

تبدو الازمة,,, الجيوسياسية بين روسيا والمنظومة الغربية بزعامة امريكا حول اوكرانيا حافلة بالتراجيدية الدرامية، فالمتابع لمسار الازمة ومواقف اطرافها يجد نفسه وكانه يتابع فصول لمسرحية هي خليط من الدراما التراجيدية والكوميدية في آن، وفيما تقرع واشنطن طبول الحرب وتحدد ساعة الصفر جازمة بان( موسكو) سوف تغزو (كييف) بحلول 20 فبرائر الحالي على الاكثر وتطالب رعاياها بسرعة مغادرة الاراضي الاوكرانية خلال 24 ساعة ومثلها حذت غالبية دول العالم على وقع المعلومات الامريكية الجازمة بان موسكو ستقوم بغزو اوكرانيا، تسخر موسكو بدورها مما اسمته بالهيستيرية الامريكية والتهويل الإعلامي الغير مسبوق الذي دفع ألاف الطلاب والرعايا الاجانب المقيمن داخل هذه الجمهورية بالتزاحم على مطاراتها بحالة من الذعر والهلع فيما مواطنوا الجمهورية الأوكرانية يعيشون حالة ترقب مجبول بالقلق والخوف بقناعات متفاوته بين مكذب ونافيا بحزم إمكانية غزو روسيا لبلادهم واخرين مترددين في التصديق..؟!
وضمن سياق المسرحية التراجيدية التي افتعلتها واشنطن حتى يخيل للمراقب ان من سيغزوا اوكرانيا ليس روسيا بل الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو، خاصة بعد تصريحات الرئيس الأوكراني ومطالبته من واشنطن والغرب ادلة قطعية تؤكد نية روسيا بغزو بلاده..؟!
الامر لا يتوقف هنا بل نشرت كبرى الصحف الامريكة يوم امس خبرا يشير إلى ان اوكرانيا اغلقت مجالها الجوي امام حركة الطيران لياتي النفي من السلطات الاوكرانية التي كذبت هذه الاخبار المسربة..!!
الرئبس الامريكي بايدن يطلب من مواطنيه سرعة المغادرة ويسحب المدربين من جنوده والمراقبين الاوروبين من حدود اوكرانيا ويؤكد جازما بانه لن يرسل اي قوات لإجلاء مواطنيه الامريكيين من هذه الدولة..!
هذه اللعبة او المسرحية الدرامية ذكرتنا بمسرحية مشابهة بطلتها واشنطن ايضا وكان هذا عام 1990م بعد سيطرة الجيش العراقي على الكويت وقيام واشنطن بابلاغ السعودية بان العراق سيغزوها وان الجيش العراقي يتحرك من الكويت باتجاه حفر الباطن وقد صدق النظام السعودي المعلومة الامريكية الكاذبة وعليها بنت السعودية مواقفها بطلب المساعدة من امريكا لتصل القوات الامريكية بعدتها وعتادها إلى الخليج قبل ان يصدر الطلب السعودي الرسمي ب 24 ساعة..؟!
إذا ماذا وراء الزوبعة الأمريكية وهذا التهويل المثير للتساولات وعلامات الاستفهام التي ارتفعت عاليا جراء هذا الموقف الامريكي والدوافع والغايات المرجوة على خلفية هذه الزوبعة..؟!
الرئاسة الأوكرانية والسلطات الاوكرانية ليست لديها معلومات مؤكدة عن نية موسكو بغزوها، وفيما يبدي الاوكرانيون رغبتهم بالحوار مع موسكو وحل القضايا العالقة بينهم سلميا تواصل واشنطن واجهزتها واعلامها وحلفائها قرع طبول الحرب وبإصرار مثير وحافل بالغرابة والاندهاش لتصرف احمق وعبثي ياتي من دولة تسمى نفسها عظمى وقاىدة العالم..؟!

بيد ان التعقل الفرنسي والالماني شكل سدا امام عاصفة واشنطن الجنونية ومساعي الدولتين بين موسكو وكييف خفف من حدة النيران الامريكية المستعرة وقد عكست مواقف الدولتان فرنسا والمانيا حالة القلق من الحرب ان نشبت ومن مآسيها التي يعرفها الاوروبيون جيدا وهم من سيكتوون بنارها وليس امريكا التي لم تجرب قساوة الحرب وتداعياتها الاجتماعية وان كانت وراء كل الحروب التي اشتعلت على خارطة العالم ولاتزل.. نعم الامريكيون لا يعرفون معاناة الحروب وقساوتها منذ الحرب الاهلية الامريكية قبل قرابة مائتي عام وبالتالي ثمة جيل امريكي اليوم لا يعرف ابدا عن الحروب كما هو الحال عند الاوروبيين ولهذا تحركت فرنسا والمانيا لاخماد نيران واشنطن..؟!

بيد إنه وفي سياق الصراع الجيوسياسي المحتدم بين روسيا وامريكا والمنظومة الغربية وبعد ان اخفقت واشنطن في تطويع او تليين مواقف موسكو _ بكين ومساومتهما على روزنامة من القضايا المتصلة بنفوذهما الجيوسياسي والجيوبولتيكي وتمسك موسكو بمواقفها المبدئية الثابته في اعادة تشكيل خارطة العالم على اساس عالم ( متعدد الاقطاب) وهو ما يحظى بدعم الصين وبرفض امريكي قاطع وعلى ضوء البيان الروسي _ الصيني الذي تم توقيعه بين الرئيسين بوتين وشي على هامش افتتاح دورة الالعاب الاؤلمبية الذي حمل رسالة واضحة لو اشنطن وحلفاىها وهو البيان الذي يعد بمثابة إشهار لبداية مرحلة لعالم متعدد الاقطاب وهذا ازعج واشنطن فكانت زوبعة اوكرانيا احدى اوراق واشنطن لفرض خياراتها على موسكو التي لن تقبل بتواجد قوات الناتو على تخومها ومجالها الجيوبولتيكي والجيوسياسي لما يمثل ذلك من خطر حقيقي على الامن القومي الروسي وحتى على امن اوروبا، لذلك ذهبت واشنطن بالرد على بيان موسكو _بكين بافتعال ازمة اوكرانيا لموسكو فيما رسالتها لبكين تمثلت بصفقة اسلحة لتايوان..؟!


,,,,,,,,
سياسة خلط الاوراق التي لجات إليها واشنطن في لعبتها الجيوسياسية مع روسيا والصين ولكنها اللعبة التي سترتد عليها وعلى الامن والاستقرار الإقليمي والدولي بصورة حروب متفرقة تندرج في سياق سياسة كسر العظم وقد يكون الشرق الاوسط هو الارضية المناسبة للحروب بالوكالة التي ستاتينا بعد خفوت طبول الحرب في البلقان وجمهوريات اسيا الوسطى وخاصة تلك الجمهوريات التي كانت ضمن خارطة الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية والملاحظ ان ازمة اوكرانيا برزت بعد فشل واشنطن في تفجيرها بجمهورية ( كازخستان) الحليف المقرب لموسكو وقد تم احتوائها من قبل روسيا وهو ما دفع واشنطن الى اعادة تحريك الازمة الاوكرانية والتهويل بغزوها روسيا على خلفيات ازمة سابقة اسفرت عن انفصال إقليمين احدهما من( اوكرانيا) والاخر من (جورجيا) المجاورة لها واعلانهما كدول مستقلة ثم تلى ذلك عودة (جزيرة القرم) الى السيادة الروسية بعد استفتاء شعبي لم تعترف به واشنطن التي تريد عودة القرم للسيادة الاوكرانية..؟!

طبعا لفهم تداعيات هذه الازمة يجب ان نفهم اولا التركيبة الاجتماعية والسكانية وخاصة لكل من جورجيا واوكرانيا وهما دولتان استقلتا عن الاتحاد السوفييتي السابق لكن ثمة غالبية سكانية تتحدث الروسية وتنتمي للكنيسة وتشارك روسيا بالدين واللغة والقيم والثقافة والعادات والتقاليد وبينهما علاقات اجتماعية واسرية واسعة ومتشابكة وبالتالي هناك غالبية داخل هذه الجمهوريات تدين بالولاء لروسيا وتراء فيها وطنها الام، وقد حاولت واشنطن والغرب وفي سياق حصار روسيا وتقليص نفوذها على استغلال الجماعات المتطرفة المتاثرة بالقيم والاخلاقيات الغربية وتنظيمهم ودعمهم ماديا وتمكنت من تصعيدهم وايصالهم للسلطة ليكونوا ادواتها في مواجهة روسيا التي بدورها تحظى بنفوذ واسع داخل هذه الجمهوريات.. ما تطلبه
,,,,,,,,
روسيا _اليوم _ وباختصار هو ان لاتنظم جورجيا او اوكرانيا لحلف الناتو لما يشكل هذا من خطورة على امن روسيا وقرع طبول الحرب من قبل امريكا ياتي في سياق دفع هذه الجمهوريات لتسريع خطواتها نحو الناتو وهذا ما عبر عنه الرئيس الاوكراني اليوم من خلال تصريحه باهمية انظمام بلاده للناتو باعتباره يحقق لها الامن..؟!

فيما هناك قوى سياسية واجتماعية في اوكرانيا تعارض هذا الانظمام وترفضه ومنهم المرجعيات الدينية مع العلم ان 90٪ من سكان اوكرانيا يعارضون انظمام بلادهم للناتو ويؤدون التقارب والتكامل مع روسيا الاتحادية..؟


ويبقى السؤال هو هل ستحبط روسبا مخطط واشنطن؟
وكيف ومتى واين؟ سيتم نصب الحلبة للمنازلة الكبرى بين روسيا وواشنطن والناتو، قطعا لن تكون هناك حربا في اوكرانيا إذا ما تعقل حكامها وهم بمثابة ترويكا متطرفة موئدة لامريكا وللمنظومة الغربية وقيمها ويخظون بدعم غير محدود من قبل الغرب وامريكا..
“”””””””
د / احمدالقشائي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى