أحدث الأخبارالإسلاميةالعراقمحور المقاومة

زيارة اربعين الامام الحسين (ع) هذا العام، معجزة اخرى ام ماذا؟

مجلة تحليلات العصر - د. إعصار الصفار

اتت زيارة الاربعين هذا العام (تشرين اول/اكتوبر ٢٠٢٠) في ظرف خاص نتيجة انتشار فايروس كورونا، وكان الكل متوجسا وداعيا الله (س) أن يدفع البلاء ويحفظ الزوار. وصرنا نسمع اخذ ورد حول الموضوع، البعض يعتبرها معجزة ان يحتشد الملايين في الزيارة دون حصول تصاعد خطير في اعداد المصابين، فيما شكك البعض الاخر بالموضوع.

كلنا نعيش محنه فايروس كورونا التي ادهشت الجميع بتداعياتها التي لم تكن بخيال احد، والامر لم ينتهِ بعد. ومن الامور الملفتة للنظر هي قدرة الفايروس العالية على الانتشار واصابة افراد اخرين، وما نراه هذه الأيام في اورپا وامريكا من أرقام مخيفة للإصابات الجديدة تذكير بشراسة هذا الفايروس وسهولة انتشاره.

كنتُ نشرت سابقا ملاحظات بخصوص ارقام الاصابات والوفيات التي تولَّعنا بها وصرنا نراقبها يوميا، وناقشتُ كيف ان الارقام المجردة لا تعطي الصورة الكاملة اذ انها تعتمد على امور كثيرة مثل عدد الفحوص ودقتها بالاضافة الى كفاءة المختبرات والامانة والشفافية في التبليغ. كل هذه وغيرها من الامور تجعل عملية الاستنتاج معقدة وصعبة. ولكن لنضع كل هذا جانبا ونحاول ايجاد طريقة مباشرة بسيطة لعلنا نصل الى استنتاج. ولان حجم العينة هنا (اي عدد الزوار) كبير جدا (حوالي ١٥ مليون) فانه من الممكن التوصل الى استنتاج، على الاقل بخطوط عامة وليس بالضرورة بشكل مفصل.

من غير الخافي ان ظروف الزائرين الذين عادة يمشون لايام، ملائمة جدا لانتشار الفايروس نتيجة لنقص المغاسل والمعقمات وفي الغالب عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي ولبس الكمامات. اي ان الطريق مفتوح للفايروس كي ينتشر وبدون اية عوائق.

لننظر الى بعض الحقائق:
(١) اعلنت العتبة العباسية انه وللمدة من ٩-٢٠ صفر هذا العام، كان عدد الزوار حوالي ٥ر١٤ مليون زائر. ولتقليل نسبة الخطا، سنطرح حوالي ثلث الرقم ونفترض عدد الزائرين ١٠ ملايين فقط.
(٢) تقدر نسبة الاصابة في العراق بحوالي ٧-١٠ / الف نسمة. لنقل ٨ مصابين لكل الف شخص، اي ٨٠٠٠ مصاب لكل مليون.
(٣) بعملية حسابية بسيطة يفترض ان يكون عدد المصابين الذين شاركوا بالزيارة ٨٠٠٠ × ١٠ = حوالي ٨٠ الف مصاب.
(٤) بتطبيق بيانيات حساب سرعة زيادة العدد يتحتم ان ينتج عن الزيارة لحد الان حوالي ٥ ملايين اصابة (لاحظوا البياني ادناه).

كلنا نتذكر قبل اشهر عندما استشرى المرض في العراق وصرنا نسمع عن وفيات شملت ليس بعض اقاربنا ومعارفنا فقط بل حتى اطباء وممرضات وفنانين ورياضيين وسياسيين وبمختلف الاعمار. وضجت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بمشاكل نقص قناني الاوكسجين والاستغلال الذي تعرض له المصابين نتيجة سوء الخدمات الطبية والفساد. كل هذا في وقت كانت الاصابات فيه بضعة الاف فقط. فلو كانت هناك الآن اصابات نتيجة الزيارة تبلغ مئات الالاف او ملايين، والتي ستكون متركزة في الوسط والجنوب، لظهرت تاثيراتها حتما ولسمعنا بها. بل ولقام المتصيدون في الماء العكر باستغلال الامر للنيل من الزيارة والزائرين. ولكننا لم نسمع ولا حتى حسيس او كلمة واحدة!

طبعا الامر لم ينته بعد ومن الممكن ان يتطور، لكننا نسال الله ان يلطف بالعباد ويتم نعمته عليهم.

اذن، للان، يمكننا باطمئنان ان نستنتج احد امرين:
(١) حدثت ملايين الاصابات في ظرف ٣ أسابيع ولكنها مرت بردا وسلاما
او
(٢) لم ينتشر الفايروس بين جموع الزائرين بالسعة والسرعة التي تتنبأ بها البحوث العلمية والمراكز البحثية.

وبالتالي، فان الكلام عن معجزة ليس بالضرورة بعيدا عن الواقع.

من جانب اخر، من المفيد لاخصائيي طب المجمتع وطب الاوبئة دراسة هذه الظاهرة كامر وقع فعلا ومحاولة فهم سر عدم تفشي الوباء بين حشود الزائرين بالشكل الذي تفترضه الحسابات عسى ولعل ان يتوصلوا الى فتح علمي ينفع البشرية.

نسال الله الصحة والسلامة لاهلنا في العراق بل وفي العالم اجمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى