أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

زيارة البابا للمرجعية لقاءات التاريخ والإيمان

مجلة تحليلات العصر الدولية - الشيخ أسد محمد قصير

الإنجاز الأول:

🔹*هل رجع البابا مؤمنا برسالة آل إبراهيم “ع “؟*
كنت قد ذكرت في المقال السابق – وأنا على يقين – أنّ المسيح عليه السلام تجلى في بيت المرجعية وفي شخص المرجع باخلاقه العلوية، وكنت متوقعاً أن لايختلف هذا اللقاء في ثماره عن اللقاءات التي نقلها التاريخ بين المسيحية والمحمدية، حيث كان القسيسون والرهبان من النصارى والذين هم أقرب مودة يتأثرون روحيا ومعنوياً، وفي بعض المواقف تفيض أعينهم من الدمع خشوعاً لما يشاهدونه من اخلاق وعلم عند محمد وآل محمد، وقد وصف الله تعالى هذا في محكم كتابه:
{ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ *وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}، وكان توقعي في محله، إذ ظهر أنّ الحبر الأعظم للمسيحيين من مصاديق الآيتين الكريمتين، وكان من الشاهدين أمام الله عزّ وجلّ، فلم يتكبر ولم يتعالَ على ما رأى من آيات الله عزّ وجلّ
خُلقا وهديا وسمتاَ وشبها بالأنبياء “ع ” عندما التقى أحد ورثة الأنبياء “ع”، وفي الحديث ((العلماء ورثة الأنبياء))، و ((علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل)) ، ولم يكن في صدره حرج أن يعبر عما خالج قلبه من حب واحترام وتقدير، فكانت شهادته وكلماته هذه:
“إلتقيت برجل من رجال الله حكيم عظيم مؤدب متواضع، ولقد تأثرت به روحياً وأفاض علي نوراً “.
إنّ هذه المشاعر الكريمة والنبيلة والصادقة التي أظهرها بعيداً عن قيود الفاتيكان و برتوكولاته الإنجيلية الصهيونية، هي اعتراف وشهادة منه بوعيه الإنجيلي وبلا وعيه القرآني، أنّ من التقى به يمثل خط النبوة، وهو وريث ” آل إبراهيم ” وعالم من علماء آل محمد عليهم السلام؛ لأنّ هذه الكمالات الأخلاقية والفضائل النبيلة لا تجتمع بحسب ما في القرآن والإنجيل إلا في نبي أو وصي، أو من ورث علمهما وقام مقامهما، وكما مرّ
(( العلماء ورثة الأنبياء)) .
وبناءّ عليه نؤكد هذه الحقائق من خلال مجموعة من الشواهد:

🔹*أولاً :*ذكر أنّه رأى رجلاًعظيما حكيماً من رجال الله، والقرآن الكريم وصف محمداً “ص” وآله بالحكمة والعظمة في قوله تعالى: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا}، والعالم الربانّي هو مرآة تعكس فضائل واخلاق آل إبراهيم “ع”، وقد جاء في الحديث: (( إنّ آل إبراهيم هم آل محمد)) “ص” قال عزّ من قائل: { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} وآل محمد هم أهله الذين اصطفاهم الله تعالى وعصمهم، { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} .
وقد فُسر معنى الحكيم في الإنجيل أنّه : ” الرجل الحكيم هو المملوء فضيلة ومعرفة وعقلية ” ( العهد الجديد، الرسالة الأولى إلى كورنثوس: ٣، ١-٣).
🔹 ثانياً: إنّه رجل من رجال الله، فهو من مصاديق، قوله تعالى: { رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}.
وجاء في الكتاب المقدس: ” أنّ رجل الله هو الرجل المقدس المليء بكلمة الله”.
ويطلق على النبي اليشع. ( العهد القديم، سفر الملوك الثاني، ٥ : ١٥)
🔹 ثالثاً: إنّه أفاض عليه إفاضات روحية ونورانية، { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ…}، {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
والمعنى في الإنجيل، أنّ المسيح عليه السلام قال: ” أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة.. بل يكون له نور الحياة “. إنجيل يوحنا
🔹 رابعاً: إنّه كان في غاية التواضع : { لأوَّاهٌ حَلِيمٌ }
جاء في الإنجيل : “تعالوا إلي ياجميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم احملوا نيري عليكم وتعلموا مني؛ لأني وديع ومتواضع فتجدون راحة لنفوسكم؛ لأنّ نيري هين وحملي خفيف…” إنجيل متى11 29-28″
🔹 خامساً: قال البابا شعرت بالفخر بزيارة السيد السيستاني، وهذا يكشف عن المودة التي يكنها بعض رهبان النصارى، وقد أظهر البابا ما كان يفعله أسلافه من القسيسين والرهبان عندما كانوا يلتقون بآل إبراهيم، محمد وآل محمد، فمنهم من يكتم الحق تقية، ومنهم من يصرح عما في قلبه دون أن تأخذه العزة والكبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى