أحدث الأخبارفلسطين

ساعدوا الأونروا … بتصعيد الحراكات الشعبية

عماد عفانة

جميع المعطيات التي تحيط بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين، تشير إلى أن أوضاعهم اللاجئين في جميع أنحاء المنطقة ستستمر في التدهور.
فغزة ما زالت تعاني من آثار المواجهة التي اندلعت في أيار/مايو الماضي2021، سواء على صعيد الاقتصاد والبنية التحتية التي لم تبدأ عملية إعادة بناء ما دمره العدوان بعد، أو على صعيد الحياة اليومية للسكان التي باتت تشهد وضعا حاداً وصعباً في ظل توسع انتشار البطالة، وتمدد شبح الفقر في المخيمات المهترئة.
أما في الضفة الغربية المحتلة، فيزداد الوضع الأمني والاجتماعي الاقتصادي في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية تدهورا، في ظل تنامي تسونامي التغول الاستيطاني والتطهير العرقي، من قبل الكيان الذي تم تصنيفه مؤخرا بأنه كيان أبارتهايد.
وفي لبنان انعكس الانهيار المالي والاقتصادي غير المسبوق على أوضاع اللاجئين المتدهورة أصلا، لتصل نسبة الذين يقبعون تحت خط الفقر منهم أكثر من 70% علما أن اعداد الفلسطينيين في لبنان تتناقص باضطراد، جراء التضييق المتواصل عليهم سواء من الدولة اللبنانية أو من الأونروا، بغرض دفعهم للبحث عن أماكن لجوء أخرى.
إلى ذلك يعيش من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا على أقل من دولارين في اليوم، في إشارة إلى أوضاعهم المأساوية في أعقاب تأثرهم بالنزاع الذي دمر هذا البلد المعطاء.
أما في الأردن الذي يحتضن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم، فتزداد أواضع اللاجئين الفلسطينيين فيه سوءاَ، جراء اشتداد تدهور الوضع الاقتصادي في المنطقة بشكل عام.
أما اللاجئين الفلسطينيين في بقية دول العالم فلا بواكي لهم، نظرا لأن الأونروا لا تقدم أي من الخدمات للاجئين الفلسطينيين خارج مناطق عملياتها الخمس الأردن لبنان سوريا غزة والضفة المحتلة.
الأونروا من جانبها تحاول أن تؤقلم خدماتها مع حجم الضمور الذي يعتري موازنتها العامة عاما بعد عام، جراء تراجع المانحين عن الوفاء بالتزاماتهم المالية حيالهم، إما بسبب جائحة كورونا التي خلفت ركود اقتصادي، وإما بسبب نشوء نزاعات جديدة أكثر أولوية بالنسبة لهم، فيما يكمن السبب الأول خلف هذا التراجع في دعم الأونروا، في الإرادة السياسية لأمريكا وكيان العدو الذي يحرض باستمرار على حجب الموازنات عن الأونروا، بهدف تجفيفها وتصفيتها، الأمر الذي سيجفف ويصفي قضية اللاجئين حسب اعتقادهم.
فيما تحاول الأونروا الإبقاء على الخدمات الحيوية الأساسية كالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ولكن بجودة اقل، فيما يطال قطار التقليصات مختلف الخدمات الأخرى رغم أهميتها الفائقة لمجتمع اللاجئين الذي يزداد فقرا وضعفا.
وفي الوقت الذي تزداد فيه أعداد اللاجئين بفعل الزيادة الطبيعية، تواجه موازنة الأونروا السنوية تقليصا مستمرا عوضا عن زيادتها بشكل يتناسب والزيادة الطبيعية للاجئين واحتياجاتهم الانسانية.

في كل عام تعقد مؤتمرات لكبار المانحين، تتلقى الأونروا خلالها الكثير من الوعود بدعم موازنتها، إلا ان هذه الوعود لا تُترجم إلى موارد مالية، في وقت ترفض فيه الأمم المتحدة ادراج موازنة الأونروا ضمن موازنتها العامة، وتبقيها رهينة كرم أو بخل الدول المانحة، ما يبقي خدماتها تحت التهديد بالإنهاء او التقليص، الأمر الذي يترجم نفسه بمزيد من المعاناة على حياة نحو ستة ملايين لاجئ في مناطق عمليات الأونروا الخمس.
إن الدعم السياسي للوكالة الذي أعربت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع تقريباً، يجب أن:
1- أن يدفع ملايين اللاجئين، للقيام بأكبر عملية اسناد للأونروا، عبر تنظيم حملات متواصلة من الحراك الشعبي الحضاري، على شكل اعتصامات، وتظاهرات، واضرابات وخلافه، الأمر الذي يساعد الأونروا سياسيا في توظيف هذا الحراك الشعبي الكبير، لناحية ممارسة مزيد من الضغوط على الدول المانحة، للوفاء بالتزاماتها المالية لدعم موازنة الأونروا لمساعدتها في تقديم خدماتها.
2- أن يدفع كافة الجهات التي تعنى بقضية اللاجئين واسناد صمودهم، سواء كانت أهلية أو رسمية، سياسية أو انسانية، لرفع درجة التعاون والتنسيق مع الأونروا، لناحية المساعدة في جمع أموالا طوعية لتشغيل خدماتها، بل وتطويرها بما بتناسب والزيادة الطبيعية في اعداد اللاجئين وتنامي احتياجاتهم، خاصة إذا علمنا أنه في الوقت الذي بقي فيه المانحون الأوروبيون وغيرهم من المانحين ثابتين في دعمهم، تراجع الدعم المالي العربي مما يقرب من 25% قبل أربع سنوات، إلى اقل من 3% من اجمالي التبرعات العام المنصرم.
في الوقت الذي تواصل فيه الأونروا التعرض لهجمات ذات دوافع سياسية، وفي الوقت الذي أصبح فيه الدعم للأونروا شيء ثانوي نظرا لنشوء أزمة لجوء جديدة جراء الحرب في أوكرانيا، فإنه يقع على عاتق جميع المعنيين بقضية اللاجئين الفلسطينيين:
1- مساعدة الأونروا في التصدي للمزاعم التي تسعى إلى تقويض حقوق لاجئي فلسطين.
2- الحيلولة دون نشوء أزمة غذاء في صفوف اللاجئين الفلسطينيين جراء الزيادة المهولة في أسعار القمح والوقود عالميا.
ولأن ولاية الأونروا هي مسؤولية مشتركة، فان استقرار المنطقة أيضا هو مصلحة مشتركة، لذلك فان أكثر الطرق جدية لمساعدة الأونروا للوفاء بالتزاماتها حيال ملايين اللاجئين، هو تنظيم حراك شعبي حضاري متواصل في كافة مناطق عمليات الأونروا الخمس، وبكافة الوسائل والسبل الكفيلة بإقناع الدول المانحة بتلبية احتياجات اللاجئين حفاظا على الأمن والاستقرار في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى