أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعوديةلبنانمحور المقاومة

“سعودي أفلام” تتحدى الملل

مجلة تحليلات العصر الدولية - فؤاد محسن / الناشر

أعلنت السعودية قبل أيام أنها سوف تنشر أدلتها حول وجود حزب الله اللبناني في اليمن، بالصوت والصورة، وكيف أن ضباط حزب الله يديرون المعركة ويوجهون قيادات حركة أنصار الله.

الكثيرون انتظروا هذه الإثباتات والأدلة، سواء كانوا مؤيدين للحملة العسكرية التي تقودها السعودية أو معارضين لها؛ فهي إن صدقت تكون قد أثبتت ادعاءاتها بالدرجة الأولى، وقد أثبتت عدم صدقية كلام الأمين العام لحزب الله بالدرجة الثانية، حيث إنه أكد مراراً وتكراراً عدم وجود عناصر تابعة للحزب في اليمن معبّراً عن أن ادعاءات السعودية “عارية عن الصحة و سخيفة” وهي “أوهام في أوهام”، ومن ناحية أخرى تستطيع أن تخلق رأيًا عامًّا عربيًّا جديدًا يضاف إلى ملف الاتهامات الموجهة ضد حزب الله وتؤكد عبثه في المنطقة وأمنها وتنفيذه أجندة إيرانية، وغيرها من الاتهامات.

لا يستطيع السعودي أن يتقبل فكرة أن اليمني قادر على الدفاع عن نفسه دون مساعدة أي أحد، بينما يحتاج السعودي إلى تحالف مع عشر دول حتى يقوم بعدوانه ضد اليمني.

لا يستطيع السعودي أن يتقبل فكرة أن اليمني قادر على صنع الطائرات المسيّرة سواء كانت استطلاعية أو هجومية داخل اليمن رغم الحصار والحرب والفقر وقلة الإمكانات، بينما يحتاج هو إلى الأموال والإمكانات والاتفاقيات للبدء بعمل تطويري أو لشراء وسائل قتالية حديثة.

لا يستطيع السعودي أن يتقبل فكرة أن اليمني قادر على صنع الصواريخ البالستية وإيصالها إلى العمق السعودي وأنه لا يحتاج إلى من يوصل له هذا النوع من الأسلحة بينما يحتاج هو إلى موافقة دولية للحصول على أسلحة بهذا الحجم.

أرادت السعودية، اليوم، أن تكشف أوراقها في ما خصّ تدخل حزب الله في اليمن، فنشرت عبر قناة العربية مقطعين مصوّرين أحدهما بلا صوت يتضمن غرفة طويلة فيها شخص يصلي وفي مقابله على الأرض -ويا للدهشة- لوحة صغيرة تحمل شعار حزب الله، ومقطع الفيديو الثاني فيه شخص يرتدي نظارات شمسية ويضع على رأسه ما يشبه العمامة السوداء -ومن غير المستبعد أن تكون فكرة التشابه بين العمامة وما يضعه الرجل مقصودة- يتحدث بطريقة وكأنه يرسم الاستراتيجية بما خص منطقة الحديدة.

ربما تستطيع السعودية أن تُقنع بهذين المقطعين أشخاصاً لا يجيدون اللغة العربية ولا يملكون أدنى فكرة عن اختلاف اللهجات فيها بين الدول العربية وحتى ضمن الدولة الواحدة، وتستطيع السعودية أن تمارس بعض فنّها بتزييف الحقائق وخلق الأوهام واعتماد بروباغندا إعلامية مزيفة، وتستطيع السعودية حتمًا أن ترضي بهذين المقطعين بعض شعبها ومؤيديها من غير السعوديين الذين يلعبون دور ذبابها الإلكتروني.

من المؤكد أن الجهات السعودية الراعية والناشرة لهذين المقطعين على أنهما دليلان دامغان، تعلم جيدًا أن اللهجة التي يتحدث بها بطل المقطع الثاني ليست لهجة لبنانية، وأن وجود لوحة عليها شعار حزب الله ليس دليلًا قطعيًا على وجود حزب الله.

ومن المؤكد أيضًا أن هذه الجهات إما غير عالمة بأن الحزب لديه أساليب عمل أكثر جدية وأكثر حنكة من هذا العمل السخيف، أو أنها لا تحترم عقول الناس الذين تريد أن توصل إليهم رسالتها.

مثلًا، هل عهدوا في يوم من الأيام عملًا أو كلامًا سخيفًا كالذي يقوم به الرجل في الفيديو؟ أو إذا كان السعوديون لا يتابعون مسلسلات لبنانية، أو لم يعاشروا لبنانيين من قبل، هل نسوا نقاشاتهم على “كلاب هاوس” مع اللبنانيين؟ هل هي اللهجة نفسها؟ ألم يشعروا أن شيئاً ما يدعو إلى الاستغراب؟

بعيدًا عن كل شيء، أجمل ما حدث، هو تزامن كشف السعودية عن أدلّتها في تورط الحزب في اليمن مع ما أعلنه العميد يحيى سريع المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، حيث أعلن عن عملية فجر الصحراء التي أدت إلى تحرير كامل منطقة اليتمة وما جاورها وبمساحة إجمالية تقدّرُ بأكثر من ١٢٠٠ متر مربع وأدت إلى تكبيد قوات العدوان السعودي خسائر فادحة واغتنام كميات كبيرة من الأسلحة.

نعم، في اليوم نفسه والتوقيت نفسه، إعلانان لطرفي نزاع، الأول، وهو المعتدي، ينشر مادة تثير السخرية، والثاني يعلن بسط سيطرته على مناطق واسعة ضمن حملة تحرير بلاده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى