أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

سلسلة كيف ننتخب؟ ٢٠- المجرب لا يجرب

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. السيد محمد الغريفي

نسبت كلمة (المجرب لا يجرب) الى المرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني (دامت بركاته)، من قبل عدة وكلاء في الأنتخابات السابقة والأنتخابات المعاصرة، كشعار لتوجيه الناخب على عدم تكرار أنتخاب الأحزاب الفاسدة والفاشلة.

وكان ردة فعل الأحزاب الفاسدة بأنها شنت هجمة في مواقع التواصل الأجتماعي ووسائلها الأعلامية تشكيك في هذا الشعار من جهتين:

التشكيك الأول: حول نسبة هذا الشعار للمرجعية العليا، فيدعون بأنه لا يوجد تصريح من المرجعية بهذا الشعار، وأن جميع وكلاء الذين تكلموا حول هذا الشعار لا يمثلون رأي المرجع الأعلى.

التشكيك الثاني: حول مفهوم هذا الشعار حيث قالوا بأن هذه القاعدة خطأ لأن المجرب بعضه صالح وبعضه فاسد، ولا يمكن رفع شعار يتضمن عدم تجربة الصالح، بل على العكس يجب تجربته مرة ثانية والثالثة وأكثر.

ونحن هنا في هذه المقالة نذكر بعض النقاط لتوضيح هذا الشعار لرد هذه التشكيكات، عسى أن تكون نافعة للناخب العراقي ولله فيها رضا:

١- هذا الشعار صدر مفهومه في خطبة صلاة الجمعة حيث جاء على لسان السيد أحمد الصافي بتاريخ 28 -8- ٢٠١٤ والنص هو :«على الحكومة أن لا تجازف بإعطاء المواقع الوزارية أو غيرها لمن لم يقدّم خلال الفترات السابقة خدمة للشعب ، بل تفسح المجال لمن تتوفر فيه المعايير السابقة فإنه من جرّب المجرّب حلّت فيه الندامة».

٢- نص كلام المرجعية (من جرّب المجرّب حلّت فيه الندامة) هو مثل وحكمة عربية قديمة، راجع كتاب فوائد الخرائد في الإمثال ص٥٣٣، من تصنيفات القرن السادس الهجري .

٣- دخلت هذه الحكمة (من جرّب المجرّب حلّت فيه الندامة) بلفظها العربي في الأدب التركي والفارسي، فقد ذكرها الحكيم الإيراني حافظ الشيرازي في ديوانه الشعري (غزل رقم ۴۲٧) الذي يجمع فيه بين اللغتين الفارسية والعربية بقوله: ( هر چند کآزمودم از وی نبود سودم * من جرب المجرب حلت به الندامة).

٤- المراد من هذه الحكمة (من جرب المجرب حلت به الندامة) تحذير من أعادة التجربة الفاشلة، وليس التجربة الصحيحة كما هو واضح، لأن أعاد التجربة الفاشلة مصيره الندامة، كذلك الحال في شعارنا الأنتخابي (المجرب لا يجرب) هو المجرب الفاشل، وليس المجرب الصالح، لأن النهي عن التجريب يكون على ما فيه الضرر والخسارة، وليس الذي فيه النجاح والصلاح.

٥- شعار (المجرب لا يجرب) ورد مفهومه في حديث الرسول (ص) : (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)، بمعنى على المؤمن أن يتمتع بالحكمة والفطنة ولا ينخدع مرتين من نفس المصدر.

٦- شعار (المجرب لا يجرب) هو قاعدة قرآنية عند الله تعالى، فالذي تفشل تجربت أعماله في هذه الدنيا فالله تعالى لا يعطيه حق التجربة للمرة ثانية، كما في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون)َ (100- المؤمنون).

٧- شعار (المجرب لا يجرب) حتى لو لم يقله المرجع الأعلى، وحتى لو لم يقله رسول الله(ص)، وحتى لو لم ترد في القرآن الكريم، تبقى قاعدة عقلية فطرية، فكل عاقل وسليم من أي دين أو ملة يرفض أن يضيع وقته وجهده مع أمر مجرب ومتيقن بفشله، حتى قال المثل العراقي (أسئل مجرب ولا تسأل حكيم).

الخلاصة: التشكيك بشعار (المجرب لا يجرب) هي محاولة لخدع الشعب العراقي، وأستخفاف بالعقول، وأسلوب يائس من الأحزاب الفاسدة والفاشلة، وعلى الشعب العراقي أن يتعاهدوا فيما بينهم على عدم إعادة أنتخاب هذه الأحزاب التي جربوها خلال ١٥ سنة وأثبتت فشلها وفسادها عدة دورات، ولو قسموا لنا بجميع الكتب السماوية على الأصلاح فأنهم سيعودون الى الفساد والنهب والكذب والخداع، كما قال القرآن الكريم: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون)َ(28-الأنعام).

للموضوع صلة ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى