أحدث الأخبارالثقافة

سهام الليل من المظلومين، تسقط عروش الظالمين

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

يروي في تاريخ الخلفاء: أن المعتصم العباسي اعتنى باقتناء الترك فبعث إلى سمرقند وفرغانة والنواحي في شرائهم وبذل فيهم الأموال وألبسهم أنواع الديباج ومناطق الذهب فكانوا يطردون خيلهم في بغداد ويؤذون الناس، وضاقت بهم البلد فاجتمع إليه أهل بغداد وقالوا: إن لم تخرج عنَّا بجندك حاربناك؟ قال: وكيف تحاربونني؟ قالوا: بسهام الأسحار، قال: لا طاقة لي بذلك فكان سبب بنائه سر مَنْ رأى (سامراء) وتحوله إليها”.
نعم؛ إن لسهام الليل فتكاً دونه كل فتك، لأنها صائبة لا تخيب لأن الرامي بها هو الله تعالى، فهو مسددها، ولا تصيب إلا بمقتل، فدعوة المظلوم من أقوى وأعظم تلك السِّهام التي تُرمى على الظالمين فتحرقهم، فكيف إذا كان هناك الملايين من المظلومين لا سيما الأرامل والثكالى والأيتام من أبناء الشهداء في بلداننا بل وفي العالم أجمع يوجهون سهامهم إلى الطغاة والظالمين الذين عاثوا في البلاد والعباد أشر أنواع الفساد، فقتلوا البشر ودمروا الحجر؟ أتعجبون من سقوط الطاغية ترامب والملايين يدعون عليه وعلى دولته الظالمة بالهلاك والدمار؟
ففي الحديث القدسي مخاطباً السيد المسيح (ع): (وإياك ودعوة المظلوم فإني آليت على نفسي أن أفتح لها بابا من السماء بالقبول وأن أجيبه ولو بعد حين)، وسأل رجل من الشام الإمام الحسن (ع): كم بين السماء والأرض؟ فقال (ع): (بين السماء والأرض دعوة المظلوم)، وكم في العالم من المظلومين والمحرومين والمستضعفين الذين يوجهون سهامهم في لياليهم السوداء المظلمة على إمبراطورية الشر العالمية ورأسها الطاغية الباغي الذي استهان بكل القيم، وداس على كل الأعراف، وسَخِرَ بكل المقدسات لأجل عيون بني صهيون من آبائه وأخواله لا سيما صديقه النتن ياهو (كيس القاذورات) الذي جاء به وأعطاه كل شيء وغدر به وطعنه في ظهره.
وليس غريباً من هذا المتصهين الأرعن تصرفاته النابعة من جنون العظمة الذي يعيشه في كل تفاصيل حياته، ولكن الغريب العجيب هم هؤلاء الأعراب الذين خرجوا من قرن الشيطان كيف ينساقون خلفه كالبعران دون تفكر ولا تدبر في مآلات الأمور، ودون فهم لتقلبات الدهور.
فيظلمون شعوبهم ويدوسون على رقابهم وينبطحوا تحت أحذية ترامب وصبيه كوشنير، وصديقه النتن ياهو، فيكسبوا غضب الجبار، وسخط الشعوب ودعائهم عليهم في سهام الليل، يا ويلهم ألم يعلموا أن الظلم داعية للتغيير، قال حكيم العالم الإمام علي (ع): (الظلم يزلُّ القَدم، ويسلبُ النِّعم، ويُهلكُ الأُمم)، و(ظُلم الظَّالم يقوده إلى الهلاك)، و(مَنْ ظَلَمَ دمَّر عليه ظُلمه)، و(بئس السياسة الجور)، وذلك لأن (الجور أحد المدمِّرين)، حيث تهلك الدول وتتغير الملوك وتتبدل الحكومات بسبب الظلم، وهل هناك أفحش من ظلم هذه الأنظمة العائلية التي تكلَّست من طول العهد، وجاء الصبيان والغلمان منهم وهم لا يعرفون قيمة البلدان والأوطان، فراحوا يركضون خلف سراب الأعداء ورأسهم الفاشل الترامب، ولكن صدق البارودي في قوله:
مَنْ مَلَكَ البِلاد بغيرِ حَرْبٍ ** يَهُون عليه تسليم البلادِ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى