أحدث الأخبارشؤون امريكية

سيناريوهات انتقال السلطة بأميركا.. أين يقف الجيش من هذا السجال؟

مجلة تحليلات العصر الدولية

عرفت الانتخابات الرئاسية على مدار تاريخها الحديث ظاهرة تسمر المواطنين الأميركيين أمام الشاشات انتظارا لخبر تلقي المرشح الفائز مكالمة هاتفية من المرشح الخاسر يهنئه فيها بالانتصار ويتمنى له ولأميركا كل الخير والتقدم.
وعلى الرغم من سخونة الحملات الانتخابية وما تشهده من هجمات موضوعية وشخصية من كل فريق على الآخر، تطوي النتائج الصراع السياسي بين الفريقين، وتبدأ مرحلة انتقالية تمتد لأسابيع لنقل السلطة للطرف الفائز.
تتضاعف أهمية هذه العملية الإجرائية إذا كان الطرف الخاسر هو الرئيس الحالي للولايات المتحدة، وحدث ذلك عام 1980 عندما خسر الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر، وتكرر عام 1992 عندما خسر الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب.

تشكيك مسبق بالنتائج
ولا يبدو الرئيس دونالد ترامب مؤمنا بضرورة اتباع التقاليد الأميركية الراسخة، إذ لم يتعهد بقبول نتائج الانتخابات وتهنئة المرشح جو بايدن حال خسارته كما جرت العادة على مدار التاريخ الأميركي.
ودفعت دعوات الرئيس ترامب لتأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وما سبقها من رفضه التعهد باحترام نتائجها، الكثيرين لتوقع أزمة دستورية غير مسبوقة.
وللمرة الأولى يشكك رئيس بالسلطة في نتائج انتخابات مستقبلية وهو ما يدفع لتقويض الديمقراطية الأميركية والتسبب في أزمة ثقة في نظامها وإجراءاتها السياسية، وهو ما أدى لطرح أسئلة عن موقف الجيش من أزمة مستقبلية.
الجزيرة نت تستعرض في صورة سؤال وجواب سيناريوهات نقل السلطة في الولايات المتحدة، وأي دور يمكن للكونغرس أو المحاكم الأميركية لعبه حال انتهت الانتخابات بأزمة إجرائية عرقلت معرفة المرشح الفائز، وأين يقف الجيش الأميركي من هذه السجالات السياسية؟

هل عرفت أميركا أزمات تتعلق بالانتخابات من قبل؟
نعم عرفت أميركا مشكلات إجرائية على مدار تاريخها فيما يتعلق بالانتخابات من حيث منع البعض من الوصول إلى صناديق الاقتراع، والتشكيك في شرعية النتائج، وطرح الطعون القانونية، وإجبار الناخبين على الوقوف في طوابير طويلة.
لكن لم يسبب أي منها أزمة بالمعني الحقيقي إلا في انتخابات عام 2000 عندما حسمت المحكمة الدستورية العليا نتيجة انتخابات ولاية فلوريدا وأعادت فرز الأصوات، مما أدى لفوز المرشح الجمهوري جورج بوش بالرئاسة.

ما أسباب ارتفاع المخاوف من أزمة تلوح في الأفق حول نتائج الانتخابات المقبلة؟
يكرر الرئيس دونالد ترامب طرح شكوكه في عملية التصويت البريدي المتوقع أن تستخدم على نطاق واسع في الانتخابات المقبلة، كما يكرر مخاوف تزوير نتائج الانتخابات إذا تم التوسع في التصويت بالبريد.
ودفع انتشار فيروس كورونا المستجد الكثير من الولايات للاعتماد على التصويت البريدي خوفا من تداعيات التصويت الشخصي على انتقال الفيروس وارتفاع الإصابات.
ويرفض ترامب التعهد بالاعتراف بالهزيمة وقبوله بأي نتيجة محتملة للانتخابات الرئاسية.

ما موقف ترامب من الانتقال السلمي للسلطة؟
خلال المناظرة الرئاسية الثانية التي جمعت الرئيس دونالد ترامب بهيلاري كلينتون في انتخابات 2016، رفض المرشح ترامب التعهد بقبول نتائج الانتخابات ومباركة فوز خصمه إذا خسر السباق.
وردا على سؤال من المذيع المخضرم كريس والاس إذا كان مستعدا لقبول الهزيمة حال خسارته، قال ترامب “سنرى ما يمكن فعله في هذه اللحظة، لا أستطيع أن أجزم لك الآن بالرد”.
ولم تعرف انتخابات 2016 تصويتا واسعا بالبريد، ولم يكن هناك أي مخاوف من نتائج تزوير الانتخابات.
وكرر ترامب الموقف نفسه قبل أسابيع في لقاء مع المذيع ذاته بشبكة فوكس الإخبارية، كريس والاس حيث اعترف بأنه لا يحب الهزيمة، وقال “لست خاسرا جيدا، لا أحب تكبد الهزائم، لا أخسر كثيرا ولا أحب أن أخسر”، مؤكدا أنه لن يقبل النتائج مقدما.
ماذا عن رد فعل جو بايدن على موقف ترامب؟
قال جو بايدن إنه “مقتنع تماما” بأن الجيش سيتدخل لإخراج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض، في حال خسر الأخير الانتخابات ورفض المغادرة.
وأثناء لقاء تلفزيوني مع برنامج تريفور نوا الكوميدي، رد بايدن على سؤال حول إمكانية رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض بعد الانتخابات حال هزيمته بالقول، “نعم، لقد فكرت في إمكانية رفض ترامب المغادرة، أنا متأكد تماما من أن أفراد الجيش سيرافقونه خارج البيت الأبيض بأعداد كبيرة”.
وفي اللقاء نفسه، حذر بايدن من احتمال قيام ترامب بسرقة الانتخابات الرئاسية، وأضاف أن معارضة ترامب للتصويت الإلكتروني وسط تفشي فيروس كورونا هي جزء من جهوده الرامية إلى حرمان المواطنين من حق التصويت.

لماذا يهاجم ترامب التصويت بالبريد؟
غرّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ أسابيع وقال إن “التوسع في التصويت البريدي سيكون سيئا للحزب الجمهوري”، إذ يدرك ترامب أن التصويت بالبريد سيصب في صالح منافسه الديمقراطي جو بايدن، لذا فإنه يهاجم الفكرة.
وتقليديا، لا يشارك الفقراء والأقليات بنسب كبيرة في التصويت بالطريقة الشخصية التقليدية، مقارنة بنسب تصويت الأغلبية البيضاء المرتفعة.
وتصوّت هذه الفئات المهمشة بنسب أكبر للديمقراطيين، وهذا هو جوهر اعتراض ترامب والجمهوريين، إذ إن التصويت البريدي سيخدم بالأساس الحزب الديمقراطي، من خلال التوسع في أعداد الناخبين من الأقليات والفقراء.

لماذا طالب ترامب بتأجيل الانتخابات، وهل يملك حق تأجيلها؟
لا يوجد هدف معين من طلب ترامب تأجيل الانتخابات، إذ يؤكد الخبراء القانونيون في كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري على عدم قدرة الرئيس قانونيا أو دستوريا على القيام بهذه الخطوة.
دستوريا، لا يمكن تأجيل أو إلغاء الانتخابات الرئاسية إلا تحت ظروف قصوى، ومنذ الاتفاق على موعد الانتخابات الرئاسية عام 1845 لم تشهد الولايات المتحدة هذه الظروف حتى أثناء انخراطها في حربين عالميتين.
ويتمتع الرئيس بالكثير من الصلاحيات في النظام السياسي الأميركي، لكن ليس فيما يتعلق بالانتخابات، ويمكن تأجيل الانتخابات عن طريق تعديل دستوري جديد يوافق عليه الكونغرس بأغلبية الثلثين، وهذا سيناريو يستحيل تصوره.
ويقر التعديل الدستوري رقم 20 لعام 1933 “إنهاء خدمة الرئيس ونائبه يوم 20 يناير/كانون الثاني حتى ولو لم تجر الانتخابات”.

ما سبب استدعاء تدخل الجيش في سجال الانتخابات الرئاسية؟
تدخل الجيش على خط النقاش السياسي بعدما وجهت إليسا سلوتكين وميكي شيريل، وهما نائبتان ديمقراطيتان من مجلس النواب، أسئلة مكتوبة إلى كل من وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، حول القلق من رفض ترامب ترك منصبه طواعية أو قد يحاول استخدام الجيش للتشبث في السلطة في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات.
ونأى الجنرال ميلي بالجيش بعيدا عن السجالات السياسية، ورد بخطاب رسمي جاء فيه أنه “في حال وقوع خلاف على جوانب من الانتخابات، حسب القانون، فإن المحاكم الأميركية والكونغرس هما المطالبان بحل أي خلاف، لا القوات العسكرية الأميركية”.

ما موقف واضعي الدستور من الدور السياسي للقوات المسلحة الأميركية؟
خشي مؤسسو الدولة الأميركية من تدخل الجيش في الحياة السياسية، وحد الدستور من أي احتمال لسيطرة ضباط عسكريين غير منتخبين على الحكم.
وحدد الدستور بدقة مسؤوليات الرئيس المنتخب والتي على رأسها أنه قائد أعلى عام للقوات المسلحة.
من ناحية أخرى، يثق الأميركيون بأن جيشهم لا تحركه الأهواء السياسية الداخلية أو الحزبية.

ما دور الجيش الأميركي في عملية انتقال السلطة؟
لا يوجد دور للجيش. وحدد القانون الرجوع للمحاكم الأميركية وصولا للمحكمة الدستورية العليا لحل أي خلاف حول هوية المرشح الفائز حال وقوع أزمة في عدّ أو فرز الأصوات أو عدم اعتراف مرشح بالهزيمة.
ولم يعطِ الدستور أي دور للجيش في عملية الانتقال السياسي، بل حدد الدستور وزير دفاع بضرورة أن يكون شخصا مدنيا، كما جرد رئيس الأركان من أي سلطات سياسية وجعل المنصب ضعيفا يستطيع معه الرئيس أن يقيله بتغريدة أو مكالمة تليفونية.

ما القوانين المنظمة لانتقال السلطة من إدارة إلى إدارة جديدة؟
هناك سلسلة من القوانين الفدرالية التي تنظم تلك العملية، أهمها قوانين الانتقال الرئاسي لعام 1963 رقم (88-277) وفعالية التحولات الرئاسية لعام 1998 رقم (100-398)، والانتقال الرئاسي لعام 2000 (106-293)، وكذلك قانونا الانتقال الرئاسي قبل الانتخابات لعام 2010 (111-283) وتحسينات التحولات الرئاسية لعام 2015 (114-136).
وقد وفرت هذه القوانين آليات رسمية لتسهيل عمليات الانتقال الرئاسي، منها توفير 5 ملايين دولار لدعم الفريق الانتقالي، وتوفير التدريب والتوجيه للموظفين الحكوميين الجدد وغير ذلك من الإجراءات لضمان الانتقال بشكل منظم.

ما موقف قيادات الحزب الجمهوري من تصريحات ترامب؟
رفض زعماء الحزب الجمهوري المعروف عنهم القرب من الرئيس ترامب دعواته سواء تلك الداعية لتأجيل الانتخابات أو تشكيكه المبكر في نتائجها.
وقال زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي “يجب أن نمضي قدما في انتخاباتنا.. لا ينبغي لنا أبدا ألا نجري انتخابات في اليوم الذي حددناه”.
في حين أكد ميش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ أن “علينا أن نثق في نظام وإجراءات الانتخابات الرئاسية، وأنه لا يوجد ما يدفع للتشكيك في نتائجها”.

ما موقف الدستور من رفض الرئيس ترك منصبه؟
يتطرق الدستور إلى طرق التعامل مع رئيس يرفض ترك منصبه من خلال التعديل العشرين بالدستور الذي نص على أن “تنتهي فترة ولاية الرئيس ونائب الرئيس ظهرا في اليوم العشرين من يناير/كانون الثاني”.
وتملي التعليمات الواضحة في القانون الأميركي خط البديل، فإذا لم ينتخب رئيس جديد، تذهب السلطة لرئيس مجلس النواب بصورة مؤقتة حتى يتم إجراء انتخابات جديدة.

ماذا لو كانت هناك أزمة في فرز وعدّ الأصوات لم يعرف معها هوية المرشح الفائز؟
هذا سيناريو وارد مع تشكيك بعض المعلقين في كفاءة هيئة البريد الأميركية للتعامل مع ملايين بطاقات الاقتراع في فترة زمنية قصيرة.
وحال وقوع هذا السيناريو تنتهي فترة رئاسة دونالد ترامب منتصف يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وتتبوأ نانسي بيلوسي بصفتها رئيسة لمجلس النواب، الرئاسة الأميركية بصورة مؤقتة حتى يتم الاتفاق على إجراء انتخابات جديدة.

المصدر: “الجزيرة نت”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى