أحدث الأخبارالإسلامية

شهر رمضان المبارك وفتنة والوهابية

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

ها نحن نقف على أبواب هذا الشهر العبادي الراقي والرائع جداً الذي وصفه رسولنا الكريم بقوله (ص): (قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الأَيّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ، هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلى ضِيَافَةِ اللهِ، وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللهِ.. أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبيحٌ، وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ، وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ، وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ فَاسْأَلُوا اللهَ ربَّكُمْ بِنِيَّات صَادِقَة، وَقُلُوب طَاهِرَة أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ وَتِلاَوَةِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ).
هذا الضيف الكريم كان يجعلنا لُحمة واحدة، وبيت واحد، وأسرة واحدة في قريتنا النائية، ثم في حيِّنا في مدينة دمشق الفيحاء، دون النَّظر إلى المذهب أو البلد، أو أي شيء آخر بل الأخوة الإسلامية، والإنسانية بيننا، فكانت مائدة الإفطار في المساء تعرف عليها طبخ الحي كله، لأنك ترى وتشم روائح الطعام وتبادله بين الجيران، فكان يقول لي أحد الجيران: “أنا أحياناً أطلب من زوجتي أن تُرسل لكم سَكبة من أجل أن آكل وأتبرَّك من طعامكم”، وكان يُضيف ضاحكاً: “نحن نعرف طبخ كل الجيران مساءً، ولكن نحب طعامكم بالخصوص”.
هكذا كُنا نعيش حياتنا وعزائمنا، وسهراتنا، في دمشق الشام، فكانت الموائد عامرة، والأخوة صادقة، والمودة رائقة، إلى أن غزتنا قطعان الظلام الصهيووهابية التكفيرية المجرمة بفتنتها العمياء الظالمة المظلمة، ففرقتنا، وشتتنا، وباعدتنا عن بعضنا وجعلت الحرب مكان السلم، والتقاطع محل التواصل، والكراهية مقابل المودة والإلفة، فأتى إليَّ نفس الشخص وطلب مني ترك بيتي ومغادرة الحي الذي عشنا فيه أكثر من ربع قرن، وقال لي: “لا أستطيع حمايتك، ولذا أطلب منك المغادرة”، فأخذوا البيت بما فيه من أغراضي، وتراثي، ومكتبتي..
وأمرُّ ما أذكره؛ كيف كان عندما يحلُّ هذا الشهر الكريم، شهر الرحمة كان يخرج إلينا عشرات الذقون النتنة التكفيرية الوهابية لتقول للسوريين وتخاطبهم بقولها: “سنجعل شهر رمضان ناراً عليكم، وسنصب عليكم كل أنواع القذائف والصواريخ وخاصة وقت الإفطار والسحور”، وهكذا كانوا يفعلون فكنا نحسب ألف حساب لوقت الإفطار ونسمع صفير القذائف تأتينا ونحن في الجوار الطاهر للسيدة الطاهرة زينب الكبرى (ع) التي لذنا بها من جور تلك القطعان الوحشية الكاسرة فكان أحدنا يأكل ولا يدري هل سيشبع، ويُصلي ولا يعلم متى يقطع صلاته.
وكم كنا نأمل من هذه الأمة التي جعل الله لها هذا الشهر شهر تواصل ومحبة وأخوة، فحولته صبيان النار وذقون الوهابية المجرمة إلى نار وشقاء وحرب لا هوادة فيها وكل ذلك لضرب الإسلام العظيم وتشويهه في العيون العالمية ليقولوا لشعوبهم التي راحت تدخل الإسلام: هذا هو الإسلام الذي تتعطَّشون للدخول فيه، وقطع تلك العلائق الأخوية التي كانت في الأسرة السورية، فأذكر أن بعض الشباب المسيحي كان يصوم معنا في شهر رمضان، وعندما سألته عن صومه قال: إحتراماً لكم ولهذا الشهر الكريم، وأنا أخجل أن آكل وأشرب وأنتم صائمون.
وجاءت قطعان الوهابية التكفيرية المجرمة وضربت ذلك كله فحوَّلت شهر الرَّحمة إلى شهر القطيعة والحرب والنار التي تنزل على رؤوس الصائمين، والقائمين، والتالين لآيات الله تعالى في آناء الليل وأطراف النهار.
حقيقة المتأمل في هذه الفتنة التكفيرية الوهابية وأعمال قطعانها الصهيووهابية المجرمة يتعجَّب من جرأتها على الله، وانتهاك كل الحرمات، وارتكاب كل المحرمات، دون وازع من ضمير، أو رادع من دين، وكأنهم وحوش في شكل البشر ولكن نزع الله منهم أي نوع من الفضائل الإنسانية، فكم أثَّروا على الفكر الإسلامي والأمة الإسلامية، والمجتمعات الإسلامية بما فعلوه من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، (قاتلهم الله أنَّى يؤفكون).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى