أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

“شهيد الام” سنوات من الصراع مع الإرهاب البعثي الوهابي تنتهي بحريق الناصرية !

مجلة تحليلات العصر الدولية - حسين فلسطين

سجلت فاجعة حريق مستشفى الحسين العام في مدينة الناصرية مالم تسجله ايّ كارثة في العالم ، فالاحداث التي شهدتها المدينة ليلة الثلاثاء ١٢/٧/٢٠٢١ كانت مأساوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى إذ لم تحمل تلك الأحداث ايّ عنوان ينافس الفوضى التي افتعلتها جهات رقصت فرحاً على رفاة عشرات الضحايا الذين اذيبت اجسادهم بنيران كان من الممكن السيطرة عليها لو لا التمرد المقصود على الأجهزة الأمنية والكوادر الطبية بعد منعهما من أداء الواجب المناط بهما لتقليل الخسائر الفادحة التي سجلت تلك الليلة !

قصص وأحداث تلك الليلة السوداء تعددت وشهدت تراكماً غير مسبوق ، فلكل ضحية قصة ولكل عائلة من عوائل الشهداء فاجعة كانت ارض خصبة لولادة فصل احزان ساخن ينافس بدرجات حرارته فصل الصيف اللاهب فتصاعدت اللسنة نيران قلوب ذوي الضحايا إلى ما يفوق هوّل الحريق الذي أضاء سماء المدينة !

اروع القصص سجلت بأسم الشهيد (حليم عطيب السعداوي) الجندي الذي دافع عن ارض وعرض ومقدسات العراق لأكثر من عقد من الزمن وهو يخوض حرب الوجود ضد التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش ، سبقها تأريخ جهادي ناصع في مقارعة عصابات البعث الإرهابية سجلته (اهوار الغموكه) جنوب مدينة الغراف ، فالفتى الهادئ وبالرغم من صغر سنه ابان حكم الطاغية المقبور كان يمد مجاهدي الأهوار في المناطق الواقعة بين مدن الدواية والغراف في الناصرية وصولاً إلى أطراف مدينة العمارة حيث مقرات المجاهدين بالمأكل وشيئ من السلاح لمساعدة المجاهدين في التصدي لهجمات أجهزة صدام القمعية .

كان الشهيد (حليم) حليماً وديعاً نقي النفس طيب القلب هادئ الطباع باراً لوالديه وهو ما ميزه طوال سنوات عمره التي توقفت عند حدود الربيع التاسع والثلاثين ، ليختم سيرة حياته بموقف نبيل جسد اروع معاني التضحية بالنفس عندما كان يرافق والدته في مركز عزل الناصرية ، حيث شاهد الشهيد اللسنة النيران حيث ترقد والدته وعشرات الراقدين وهي تتصاعد ليهرع إلى مكان الحادث دون أن يخشى لهيب النيران المشتعلة وعلى الرغم من منعهِ من الدخول لأكثر من مرة _ بحسب شهود عيان _ اصرّ إلى حين الدخول في عمق النيران وصولاً لوالدتهِ العاجزة عن الحركة سعياً منه لأنقاذها او الموت معها .

وصول الشهيد لم يكن باب نجاة له ولأمهِ فلم تمهل النار جسده حتى اذابته بالكامل ليصرعان معاً وهما يحتضنان بعضهما في مشهد سجل اروع قصص البطولة والثبات والالتزام الاخلاقي والديني لشاب اراد صرع النار فصرعت جسده لكنها لم ولن تتمكن من الوصول لتأريخه الذي سيطفئ حتماً نيران جهنم في يوم ستشخص به الابصار ، لذلك ادعو الجميع مخلصاً لان تكون هذه الحادثة درسا عظيما في مسألة بر الوالدين لأجيال اقولها وبأسف شديد لم تعد تهتم لواجب الطاعة الإلهية المرتبطة بطاعة الوالدين .

التفاعل الاجتماعي الكبير مع الحادثة الأليمة وما جسدته من صور مفجعة كانت قد هيأت حيزاً استثنائياً وكبير لأستيعاب مشهد إنقاذ الشهيد حليم لوالدته حتى أصبح لقب (شهيد الام) حاضراً لأول مرة على الرغم من تسبب آلاف من العمليات الإرهابية بمجازر راح ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء.

ذهب الشهيد وهو يعانق والدته حتى ذاب جسده الطاهر بذكريات تنعش تأريخ أهله وعشيرته وذويه ، فالسجل الذي بدأت فصول كتابته بمرافقة مجاهدي الأهوار عُزّز بعقد من الحروب مع التنظيمات الإرهابية ليختم حياته العطرة بما يتطيب به المسك عندما نال الشهادة بعد سنوات من السعي لها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى