أحدث الأخبارفلسطينلبنان

صاروخ جنوب لبنان يساند غزة: فصائل المقاومة ترغم العدو على التراجع

الأخبار – الثلاثاء 26 نيسان 2022

نجحت فصائل المقاومة الفلسطينية، عبر إشهار ورقة ضغط جديدة، في تحويل «تهديد» إغلاق معبر بيت حانون/إيرز مع قطاع غزة، إلى فرصة لإرغام العدو على التراجع، تحت ضغط «تنقيط الصواريخ»، إن لم يكن من قطاع غزة، فمن جنوب لبنان. وطوال الأيام الماضية، كانت المقاومة تبلغ الاحتلال الإسرائيلي، عبر الوسيط المصري، بأن ورقة التحسينات الاقتصادية التي يرفعها في وجه غزة، لن تمثّل رادعاً للفصائل في القطاع، مشدّدة على أنها لن تقبل بمساومة من هذا النوع

طوال الأيام السابقة، تبادلت المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي الرسائل عبر الوسيط المصري، بهدف عدم الانجرار إلى مواجهة عسكرية في قطاع غزة. وعلى وقع «تنقيط الصواريخ» من قطاع غزة، بحسب التعبير الإسرائيلي، أبلغت الفصائل المصريين أن إقدام الاحتلال على إغلاق معبر بيت حانون/ إيرز أمام التجّار والعمّال، يشير إلى تقديرات خاطئة لديه تجاه التحسينات الاقتصادية للقطاع. ووفق مصدر في المقاومة، تحدّث إلى «الأخبار»، فإن قرار الحكومة الإسرائيلية إغلاق المعبر بذريعة عودة المقاومة إلى تنقيط الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة، «قراءة خاطئة من جانب العدو بأن التحسينات الاقتصادية تمثّل رادعاً لفصائل المقاومة وللفلسطينيين في قطاع غزة»، مشدّداً على أن الرسالة وصلت إلى المصريين بأن المقاومة لا تقبل بمساومة كهذه، حتى وإنْ استمر إغلاق المعبر لسنوات، مؤكداً أن من شأن ذلك أن يؤدّي إلى عودة الضغط، وصولاً إلى انفجار الجماهير في وجه الاحتلال على حدود القطاع.


«الإسناد» من جنوب لبنان
وفي موازاة ذلك، يبدو أن المقاومة قرّرت القفز إلى الأمام على طريق إجبار العدو على التراجع عن إغلاق معبر بيت حانون/ إيرز، إذ اتّهم الاحتلال حركة «حماس» بالمسؤولية عن إطلاق صاروخ من جنوب مدينة صور في جنوب لبنان، في اتّجاه منطقة الجليل الغربي، ليل الأحد – الاثنين، سقط في منطقة مفتوحة في مستوطنة شلومي، في محاولة لإرباك الحكومة والضغط عليها. إذ أشار المراسل العسكري أمير بوخبوط إلى أنه «بمجرّد اتخاذ المؤسسة الأمنية قراراً بإغلاق معبر إيرز أمام العمّال، كان الأمر واضحاً بأن حماس لم تستوعب الرسالة وغمزت للفصائل، وأيضاً يمكن تقدير أن هناك فرصة كبيرة لوجود ارتباط بين إطلاق الصاروخ من لبنان وهذا الأمر».
وعقب إطلاق الصاروخ، نفّذ جيش العدو عملية تمشيط بالمدفعية للمنطقة التي انطلق منها الصاروخ، حيث استهدف نقاطاً عدة، انطلاقاً من مربض «خربة ماعر» خلف موقع بركة ريشة الإسرائيلي، بعشرات القذائف الصاروخية والمضيئة. وتم القصف الإسرائيلي على مرحلتين، أُطلقت خلال المرحلة الأولى 24 قذيفة صاروخية، و20 قذيفة مضيئة. وفي المرحلة الثانية، أُطلقت 9 قذائف صاروخية، سقطت جميعها في مناطق مفتوحة وحرجية في خراج وأودية بلدات طيرحرفا وزبقين وعلما الشعب، ولم تتسبّب بأضرار جسيمة.
وبحسب المصادر العسكرية الإسرائيلية، فإن قيادة المنطقة الشمالية في جيش العدو، تستعدّ لاحتمال تجدّد إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية، و«إذا حدث ذلك فمن المتوقع أن يكون الردّ هذه المرة أكثر تركيزاً ضدّ فرع حماس هناك، الذي يُزعم أنه نفذ إطلاق الصواريخ. كما تقرّر فرض «حظر خروج» محدود لبعض قادة الوحدات في فرقة الجليل (شمال فلسطين المحتلة)، وإلغاء الإجازات لوحدات المراقبة والاستخبارات. وتشير التقديرات في الكيان، إلى أن «نشطاء يتبعون لحماس، هم من نفّذوا إطلاق الصواريخ، بتوجيه من قيادة الذراع العسكرية في الخارج».
ومن الجهة اللبنانية، صدقت التقارير التي وصلت إلى الجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، عن تحضيرات جارية لإطلاق صواريخ من الجنوب باتجاه شمال فلسطين المحتلة، بالتزامن مع التصعيد في القدس والضفة الغربية وغزة. وخلال الكشف الميداني للجيش و«اليونيفيل»، صباح أمس، في الموقع المفترض لإطلاق الصاروخ في محيط بلدة القليلة، تمّ العثور على صاروخين من نوع «غراد» (122 ملم)، منصوبين على مزاحف ألومينيوم، وتم إعدادهما للإطلاق.


ويتكرّر مشهد إطلاق الصواريخ الأخير، للعام الثاني على التوالي، بعدما عاش الجنوب مشهداً مماثلاً في بساتين المنطقة نفسها خلال العام الماضي، بشكل متكرّر، بين نيسان وأيار وآب، بالتزامن مع الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة. وكان لافتاً حجم القصف الإسرائيلي في إطار الردّ على الصاروخ، إذ لم يكن متناسباً أبداً، لا من حيث عدد القذائف، ولا من حيث اتساع رقعة المواقع المستهدفة، لكن العدو بدا حذراً جداً من استهداف أماكن سكنية أو إيقاع أضرار جسيمة. ودعا قائد القوات الدولية في جنوب لبنان، أرولدو لازارو، جميع الأطراف إلى الامتناع عن التصعيد، وقال إن «الأمم المتّحدة تعمل مع الجيش اللبناني لتعزيز الأمن»، واتهم كيان العدو بـ«الاستخدام المفرط للقوّة». كما ترجّح القوى الأمنية، تكرار إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، بالتزامن مع الأحداث المتصاعدة داخل الأراضي المحتلة.

انهيار سياسة بينيت
في المحصّلة، أعلن العدو مساء أمس، بعد جلسة تقييم للوضع الأمني، إعادة فتح معبر بيت حانون/ إيرز، ابتداء من صباح اليوم، لدخول العمّال والتجّار وغير ذلك. وبهذا، تكون المقاومة قد نجحت في فرض التراجع على العدو، ليس بـ«التزام الهدوء»، كما كان يشترط العدوّ، بل بالقفز إلى الأمام، وإشهار ورقة ضغط جديدة، تربك العدو وتستنزفه، وإن كانت ورقة محسوبة، ومحدودة السقف، في الوقت الحالي.
وبحسب الكاتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشع، فإن «الأحداث التي بدأت بموجة عمليات واستمرّت عبر المواجهات في المسجد الأقصى واستئناف نار الصواريخ من غزة؛ توفّر شهادة على انهيار المفهوم الأمني الإسرائيلي الذي تبلور في السنة الأخيرة، إذ إن التسهيلات الاقتصادية مقابل الهدوء في غزة تعني موافقة صامتة على تعاظم قوّة حماس العسكرية». وذكرت الصحيفة أن «السياسة الهجومية لحكومة نفتالي بينيت، على كل بالون سيردّ بصاروخ، انهارت، والمشكلة هي أن القيادتَين الأمنية والسياسية عرفتا أن هذه السياسة منتهية المفعول، وعلى رغم ذلك، لم تستوعبا هذا حقاً، ولم تنفّذا التعديلات اللازمة».
من ناحية ثانية، تواصل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تجاربها الصاروخية في إطار الإعداد وتطوير قدراتها، إذ أطلقت، أمس، أكثر من 20 صاروخاً تجريبياً في اتّجاه البحر.

ملاحقة عملاء يستهدفون حماس في لبنان
علم من مصادر مطّلعة أنّ الأجهزة الأمنية اللبنانية تمكنت من رصد تواصل بين عناصر فلسطينيين ومشغّلين من الاستخبارات الإسرائيلية. وأوضحت أن التحقيقات بدأت قبل نحو ثلاثة أشهر، وأن الإشارات التي تلقّتها الأجهزة اللبنانية وردت في سياق ملاحقة شبكات التجسس الإسرائيلية التي كشفت قوى الأمن الداخلي عنها مطلع السنة الجارية.
وبحسب المصادر، فإن التحقيق جرى بشكل مواز لتحقيقات أجرتها حركة حماس في غزة وفي لبنان، ربطاً باكتشاف اختراقات لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في أكثر من مكان. وتم اعتقال عدد من العملاء تم تجنيدهم عبر الانترنت أعمار معظمهم صغيرة، إضافة إلى اعتقال عميل ضالع في اغتيال الشهيد فادي البطش. وتبيّن أن أحد عملاء العدو تمكّن من الفرار من القطاع الى داخل أراضي الـ 48، بينما جرى مسح شامل في مخيمات اللاجئين الفلسطيينين في لبنان بعد الانفجار الذي وقع في العاشر من كانون الأول من العام الماضي في مخيم برج الشمالي قرب صور وأدى الى استشهاد أحد كوادر الجناح العسكري لحماس حمزة شاهين.
وتقول المصادر إن تعاوناً جرى بشكل غير مباشر بين أجهزة أمنية لبنانية رسمية وجهازَي الأمن في حزب الله وفي حماس في لبنان، للتدقيق في معلومات عن حصول عملية أمنية تخريبية للعدو استهدفت «نقطة عمل» تابعة لحماس في لبنان. وقالت المصادر إن تبادلاً للمعطيات أتاح الكشف عن أمور كثيرة بقيت طيّ الكتمان، وإن المعطيات التي جمعت في لبنان جرى تنسيقها مع الأجهزة الفلسطينية في قطاع غزة، ما أتاح التعرف الى أمور كثيرة تخص آليات وشبكات تابعة للعدو.
معلوم أن قوات الاحتلال تسعى في لبنان منذ وقت طويل الى ملاحقة من تعدّهم «ممثّلي كتائب عز الدين القسام» في لبنان، والذين يعملون في أطر التعاون مع المقاومة في لبنان. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية وأخرى أجنبية عن نشاط لوجستي تنسيقي يتمّ في لبنان. وذهب البعض في تل أبيب الى الحديث عن اختبارات على صواريخ أو صناعة طائرات مسيّرة تتم في لبنان بالتنسيق بين حزب الله وحركة حماس. كما سبق لقوات الاحتلال أن اتهمت مجموعات فلسطينية «قريبة من حماس» بالوقوف خلف عمليات إطلاق صواريخ من منطقة جنوبي صور تجاه مستوطنات العدو الشمالية خلال معركة «سيف القدس».


لقاءات مع نصر الله: نقاش حول العلاقة مع سوريا

علمت «الأخبار» أن قيادات رفيعة من حركة حماس زارت لبنان في الشهرين الماضيين، وعقدت سلسلة اجتماعات مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للبحث في مستقبل الوضع في فلسطين في ضوء نتائج معركة «سيف القدس»، وأعمال التطوير التي تقوم بها فصائل المقاومة في فلسطين، في قطاع غزة وداخل الأراضي الفلسطينية. وقد سمع قادة حماس تأكيداً على موقف الحزب الداعم للمقاومة في فلسطين بكل الوسائل والخبرات المتاحة.
وفي الشق السياسي، جرى خلال هذه الاجتماعات إزالة «سوء الفهم» الذي رافق الزيارة غير الناجحة لرئيس حماس في الخارج خالد مشعل للبنان منتصف كانون الأول الماضي، والتي قاطعتها قيادات كثيرة محسوبة على محور المقاومة.
كذلك جرى التأكيد على مواصلة الاتصالات لطيّ صفحة الخلاف بين حماس والقيادة السورية. وأبلغت قيادة الحركة السيد نصر الله استعدادها لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل عام 2011. لكن يبدو أن الطرفين السوري والفلسطيني ليسا في حالة جهوزية لتطبيع سريع للعلاقات، علماً بأن مسؤولين في حماس أكّدوا مراراً أن السيد نصر الله يتولى شخصياً إدارة الملف على خلفية إعادة المياه الى مجاريها.
ومعلوم أن القيادة المركزية لحركة حماس، برئاسة إسماعيل هنية، إضافة الى قيادات الحركة في الداخل الفلسطيني، تدعم بقوة استئناف العلاقات مع دمشق. لكنْ هناك أصوات معارضة أبرزها من قيادات محسوبة على مشعل وعلى قيادات صديقة للحركة من تنظيمات عربية في «الإخوان المسلمين».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى