أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

صدّام في بالوعة ابن تيمية!!

مجلة تحليلات العصر الدولية - أحمد عبد السادة

للإرهاب في العراق جذور ووجوه وأقنعة عدة، ولكنني هنا، في هذا المقال، سأسلط الضوء على ماراثون الإرهاب التكفيري الطائفي الأبشع الذي انطلق في العراق بعد انهيار السلطة البعثية الصدامية الديكتاتورية في 9 نيسان 2003، والذي قاده الجناح الصدامي “السني” لحزب البعث بعد أن ارتدى قناع التكفير واستعان بالتكفيريين العرب والأجانب ليبدأ بشن حملة إبادة مروعة ضد شيعة العراق تحديداً وصلت ذروتها الدموية في مجزرة سبايكر التي ذهب ضحيتها أكثر من 1700 من الشباب الشيعة العزل، والتي أمر بارتكابها شيوخ عشيرة صدام (البوناصر) بالاتفاق مع شيوخ عشيرة (البوعجيل)، ونفّذها مجرمو العشيرتين بالتعاون مع دواعش عراقيين وعرب “سنة”.
كانت مجزرة سبايكر تحديداً هي الدليل العلني الأكبر على الزيجة الشريرة بين “البعث السني” و”التكفير الوهابي”، تلك الزيجة التي عُقدت مباشرةً بعد إسقاط نظام صدام، والتي سرعان ما أنجبت تنظيمات تكفيرية إرهابية “سنية” شبيهة ولصيقة ومرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي الذي نشط في العراق تحت تسمية “تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” بقيادة الزرقاري، وقد حملت تلك التنظيمات تسميات عدة أبرزها “جيش أنصار السنة”، و”جيش محمد”، و”كتائب ثورة العشرين”، و”جيش المجاهدين”، و”جيش النقشبندية”، و”الجيش الإسلامي في العراق”، و”جيش الطائفة المنصورة”، و”كتائب صلاح الدين”، و”فيلق عمر”، و”جيش أهل السنة والجماعة”.
تلك التنظيمات التكفيرية التي تحولت إلى حاضنة لتجميع البعثيين “السنة” وضباط صدام وعناصر مخابراته ومنتسبي أجهزته القمعية “السنة” رفعت شعار “مقاومة الاحتلال الأمريكي”، لكنها في الحقيقة كانت تستهدف الشيعة بشكل منظم لتقويض ما تراه حكماً شيعياً للعراق بهدف استرداد السلطة البعثية “السنية” بأدوات وشعارات تكفيرية، وذلك لأن البعثيين الصداميين “السنة” عرفوا جيداً بأن مقولات ميشيل عفلق القومية المُسنّة والمشلولة والمُحتضرة غير قادرة على صناعة قطار يوصلهم للسلطة، ولهذا ركبوا جميعاً في قطار “ابن تيمية” التكفيري لشعورهم بأنه سيقودهم إلى أقصر وأسرع الطرق للوصول للسلطة، واستناداً لذلك فإن تنظيم داعش لم يكن في الحقيقة سوى نتاج العقل البعثي “السني” الإرهابي الفاقد للسلطة والمتعطش لاستعادتها والذي تمكن من استقطاب وتجميع وتطويع آلاف الإرهابيين من جميع أنحاء العالم تحت مسمى “داعش” بدعم مخابراتي دولي وإقليمي، وهنا يجب أن نتذكر بأن مؤسس داعش سمير عبد محمد الخليفاوي الدليمي المسمى (حجي بكر) هو عقيد “بعثي” سابق في استخبارات القوة الجوية بنظام صدام، وقد كشفت مجلة (دير شبيغل) الألمانية قصة تأسيسه للتنظيم الدموي في سوريا بالوثائق، وذلك فضلاً عن أن القادة الكبار في “داعش” أو أعضاء ما يُعرف بـ”مجلس شورى داعش” هم ضباط بعثيون سابقون “سنة” في جيش صدام ومخابراته مثل:

1- فاضل أحمد الحيالي (أبو مسلم التركماني)/ضابط سابق برتبة رائد في الحرس الجمهوري، وقد أصبح نائباً للبغدادي قبل مقتله في عام 2015.

2- عدنان إسماعيل نجم البيلاوي الدليمي (أبو عبد الرحمن البيلاوي)/ضابط سابق برتبة مقدم في الحرس الجمهوري، وقد أصبح رئيس المجلس العسكري لداعش قبل مقتله في عام 2014.

3- إياد حامد الجميلي (أبو يحيى)/ضابط سابق في مخابرات صدام من أهالي الفلوجة، وقد أصبح وزير الحرب في تنظيم داعش قبل مقتله في عام 2017.

4- وليد جاسم العلواني (أبو أحمد العلواني)/ضابط سابق برتبة نقيب في مخابرات صدام، وقد تولى قيادة المجلس العسكري لداعش بعد مقتل البيلاوي. قُتل في عام 2015.

5- عدنان لطيف السويداوي الدليمي (أبو مهند السويداوي)/ضابط سابق في جيش صدام، وقد شغل منصب والي الأنبار في تنظيم داعش قبل مقتله في عام 2014.

إن الحقيقة التي يجهلها الكثير من سكان العالم هي أن تنظيم “داعش” الذي صدم وصدّع رأس الكرة الأرضية بدمويته ووحشيته وإرهابه المهول، ينحدر من أصل حكاية عراقية ابتدأت عندما شعر ضابط بعثي صدامي عراقي “سني” بأنه فقد ملذات السلطة بعد نيسان 2003، فاستعان بشيخ تكفيري وهابي إقليمي لكي يسترد من خلاله السلطة، ثم دخلا معاً (الضابط السابق والشيخ) إلى بالوعة “ابن تيمية” المليئة بفتاوى الكراهية والذبح ليقوما بإعداد طبخة الشر الأكبر في سيرة الكون والتي سُميت “داعش”.
“داعش” هو “فرانكشتاين” دموي مُجمّع من وحوش ومسوخ “البعث الصدامي السني” ليتحول لاحقاً إلى مغناطيس لجذب كل وحوش ومسوخ “الأمة السنية”!!
“داعش” باختصار هو: رأس بعثي “سني” عراقي مرتبط بجسد تكفيري عابر للقارات!!

(مقالتي المنشورة في موقع مؤسسة إدراك ضمن ملف “جذور الإرهاب في العراق”)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى