أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

صراع “أربيل – بغداد” في سهل “نينوى”.. ماذا يحدث وراء الكواليس ؟

مجلة تحليلات العصر الدولية / الوقت

بذلت الحكومة العراقية خلال الفترة الماضية الكثير من الجهود لتعزيز الاستقرار والأمن في أجزاء مختلفة من البلاد، ولكن وخلافاً لهذا التوجه الحكومي العراقي، يدور الجدل هذه الأيام حول سهل “نينوى” أكثر من أي وقت مضى بين المسؤولين السياسيين في إقليم كردستان العراق وقوات الحشد الشعبي العراقية. ويرجع أساس القصة إلى أن الأكراد، بحجة إثارة موضوع وجود عناصر “داعش” في سهل “نينوى”، قاموا بنشر الكثير من الاخبار حول أن هذه المنطقة أصبحت ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية، ولكن قوات الحشد الشعبي العراقية أعربت بأنها لم ولن تصدق مثل هذه الاخبار الزائفة وذلك لأن وراء هذا الادعاء العديد من الأهداف المخفية خلف الكواليس. ولمناقشة هذه الموضوع، سوف نسعى في هذه المقالة إلى فحص الأهداف الكامنة وراء الكواليس التي تدّعي بانعدام الأمن ووجود تهديد إرهابي في سهل “نينوى”.

مطالب متضاربة بين الأكراد وقوات الحشد الشعبي العراقية على انعدام الأمن في سهل “نينوى”

إن سهل “نينوى” هو موطن لمزيج من السكان المسيحيين واليزيديين والعرب. ويقع سهل “نينوى”، الذي يضم مدنًا وأقضية مثل “برطلة والكرمليس والقوش وتلسقف والشرفية وبعشقية والحمدانية”، على بعد 35 كيلومترًا شمال شرق محافظة الموصل، وهي إحدى المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل. بمعنى آخر، إن سهل “نينوى” يقع في قلب المناطق المتنازع عليها في إقليم كوردستان بين الأكراد والحكومة المركزية العراقية. ولقد تم تحرير سهل “نينوى” من تنظيم “داعش” الإرهابي في تشرين الثاني 2016 خلال عملية مشتركة لتحرير الموصل بتعاون مشترك بين الأكراد والجيش العراقي، وبعد ذلك أصبحت تلك المناطق تحت سيطرة وإدارة قوات الجيش وقوات الحشد الشعبي العراقية. ولكن قبل عدة أيام نشب صراع بين قادة الحشد الشعبي وعدد من المسؤولين السياسيين والحزبيين في إقليم كردستان العراق بخصوص وجود جماعات إرهابية في هذه المنطقة.

فمن جهة، قال “رشاد كلالي”، أحد قادة الاتحاد الوطني الكردستاني مؤخرًا، إن تنظيم داعش الإرهابي موجود في مناطق قريبة من سهل نينوى ويشكل تهديدًا للإقليم. كما أكد “ديار برواري”، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي في مجلس النواب العراقي، أن سهل نينوى كان ممرا مفتوحا لقوات الحشد الشعبي بين العراق وسوريا، وأن العمليات في هذه المناطق كانت واسعة ويصعب السيطرة عليها بسبب بُعد القوات العراقية وأكد عضو مجلس النواب العراقي هذا، أن قوات البيشمركة والحكومة المركزية اتفقتا على وجود مشترك في سهل “نينوى” لضمان الأمن، لكن للأسف بعض القوى السياسية تمنع الجيش من التعاون مع قوات البيشمركة.

ومن جهة أخرى، خلافا لرأي الأكراد، قال “سعد القدو” أحد قيادات الحشد الشعبي العراقي الموجودة في المنطقة في تصريح صحفي: “داعش لا تعتبر تهديدا للمنطقة”. . ووصف تصريحات المسؤولين الأكراد بأنها “ذات دوافع سياسية” وقال إنه “لا يوجد تهديد للمنطقة”. كما قلل “عباس الزاملي”، ممثل ائتلاف “فتح” في البرلمان العراقي، من أهمية الحديث عن تهديد “داعش” في سهل “نينوى”، موضحا أن “داعش” لم تتمكن من الوصول إلى المنطقة لأن الظروف هناك لم تكن مناسبة لها. ورأى “الزاملي” أن الخلاف على وجود “داعش” في تلك المناطق ما هو إلا ذريعة للتدخل في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وأكد أن عودة البيشمركة إلى سهل “نينوى” أمر بعيد المنال.

الأهداف الكامنة وراء الكواليس لخطة الانفلات الأمني ​​والتهديد الإرهابي في سهل “نينوى”

على الرغم من التضارب في التعليقات بين المسؤولين الأكراد وقادة الحشد الشعبي بشأن أمن سهل “نينوى” ووجود تهديدات إرهابية في هذه المنطقة، يمكن طرح السؤال الآن، في الوضع الراهن ما هي الاهداف الكامنة وراء الادعاء بانعدام الأمن في هذا المنطقة ؟ للإجابة عن هذا السؤال، يمكن النظر في هدفين ومحورين رئيسيين، هما :

الف) الجهود الكردية للوجود في مناطق الصراع واستعادة السلطة: دعت حكومة إقليم كردستان العراق خلال السنوات الماضية منذ عام 2005 عندما تم اعتماد الدستور العراقي الدائم، إلى تطبيق المادة 140 من الدستور، والتي تتناول الخلافات حول المناطق المتنازع عليها. وتشمل المناطق المتنازع عليها محافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين وديالي، والتي بحسب الدستور العراقي يجب أن تتم إدارتها من قبل سكانها. لقد فقد الأكراد الكثير من نفوذهم وقوتهم في المنطقة المتنازع عليها في السنوات التي تلت عام 2017، عندما تعرضوا لهزيمة كبرى نتيجة جهود الحزب الديمقراطي لتقسيم العراق، لكنهم الآن يحاولون، خلافاً للحقائق على الأرض، نشر الكثير من الاخبار الزائفة حول تهديد الإرهاب ووجود تنظيم “داعش” الإرهابي لتمهيد الطريق أمامهم للعودة الى المناطق التي فقدوها ولا سيما سهل نينوى ومدينة كركوك.

ب) اللوبي العربي الأمريكي الذي يحاول زعزعة الاستقرار في العراق: إضافة إلى الدور المباشر للأكراد في خطة زعزعة الاستقرار والادعاء بأن الجماعات الإرهابية تهدد الأمن في سهل نينوى، فإن الجهات الأجنبية، بما في ذلك السعودية والإمارات والولايات المتحدة، في وضع جديد يسمح لها باستخدام مثل هذه الأعذار ونشر الكثير من الاخبار الزائفة عن وجود “داعش” في سهل نينوى وتقديم الكثير من الدعم لأربيل لنشر مثل هذه المزاعم الكاذبة، وتحاول هذه الجهات الأجنبية أيضا تمهيد الطريق أمام الأكراد لطرد قوات الحشد الشعبي من مناطق شمال العراق من أجل إعادة حالة انعدام الأمن في تلك المناطق من خلال تقديم الدعم الكافي للجماعات الارهابية للرجوع إلى تلك المناطق، وتمهيد الطريق لاستمرار وجود القوات الأمريكية على الأراضي العراقية.

وفي هذا الاتجاه، لعب الأكراد وأربيل دوراً وسيطاً في الغالب، والمصمم الرئيس لهذه الادعاءات هو اللوبي العربي الأمريكي. لكن كل هذه الادعاءات تأتي في موقف يتضح فيه للجميع أن قوات الحشد الشعبي العراقية هي أهم تيار في محاربة الإرهاب ولقد لعبت الدور الأكبر في هزيمة “داعش” في العراق، لذلك لا يبدو أن المدّعين بانعدام الأمن في “نينوى” يمكن أن يغّيروا تشكيلة وجود قوات الجيش وقوات الحشد الشعبي في تلك المناطق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى