أحدث الأخبارايرانشؤون امريكيةفلسطين

صراع إيران مع أميركا و«إسرائيل»

شارل ايوب
الديار

1 تموز 2022

عندما بدأ الحديث سنة 2003 عن ان ايران اذا اكملت برنامجها النووي، ستحتاج 5 سنوات كحد اقصى لصنع قنبلة نووية، عندها بدأت المحادثات بين دول اوروبا واميركا والعالم كله حول البرنامج النووي الايراني، الى ان حصلت محادثات لوزان في سويسرا بين ايران والدول الست، وهي الدول الخمسة اعضاء في مجلس الامن الدائمين زائد المانيا، وتم توقيع الاتفاق بين ايران والدول الست بعد محادثات صعبة، لكن الادارة الاميركية كانت مصممة على توقيع الاتفاق الذي حصل سنة 2015 ، وكان من اهم بنوده ان تشرف وكالة الطاقة الذرية العالمية على البرنامج الايراني، وان لا تقوم ايران بتخصيب اليورانيوم بدرجة عالية اكثر من 3.6 .

مضى الاتفاق الايراني مع الدول الست بكل نجاح من عام 2015 حتى عام 2018. واظهرت ايران بوضوح انها لا تعمل على صنع قنبلة نووية، بدليل شهادات من وكالة الطاقة الذرية العالمية، التي كانت تزور مراكز المفاعلات النووية الايرانية دون اذن مسبق، كما كان لديها كاميرات تصوّر كل ما يجري داخل المفاعل النووي الايراني.

بعد انتخاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وانسحاب خط الرئيس الاميركي الديموقراطي اوباما من الادارة الاميركية، وسيطرة الجمهوريين المتشددين بتنسيق اميركي – «اسرائيلي» – سعودي خاصة اميركي – «اسرائيلي»، قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات على ايران ظالمة وفي غير محلها، ارضاء لـ «اسرائيل» ولمصالح الولايات المتحدة العليا، كذلك ارضاء للسعودية التي كانت لا تريد اندفاع او تقدم ايران بهذا الشكل، من خلال طاقاتها ببيع النفط والغاز، وصناعة الصواريخ البالستية، اضافة الى قوة ايران في دعم حزب الله في لبنان بأهمّ الاسلحة واعطائه مستشارين، وتدريبها لمجاهدي المقاومة، اضافة الى دعمها لحركة حماس التي هي محاصرة، ولكنها شوكة قوية وصلبة في خاصرة «اسرائيل»، ودعم ايران ايضاً


لكل القوى الرافضة للظلم، والرافضة لاغتصاب «اسرائيل» لفلسطين المحتلة كلها.

الآن يجري البحث في اعادة واحياء الاتفاق النووي، ولكن «اسرائيل» رغم رغبة الرئيس الاميركي بايدن في اعادة احياء الاتفاق ، والسعودية التي لا تريد ازاحة العقوبات عن ايران، كي لا تتقدم وتصبح قوة كبرى تهيمن على منطقة الخليج والشرق الاوسط، فان الاتفاق النووي بحد ذاته سهّل العودة اليه، لكن «اسرائيل» تضع كل ثقلها لمنع احيائه، لا بل هي قامت باغتيال علماء نوويين وذريين ايرانيين في قلب ايران.

كما ان السعودية غير راضية عن سياسة الرئيس الاميركي بايدن، الذي يريد العودة الى الاتفاق النووي، دون توسّع نفوذ ايران في الشرق الاوسط، التي تهيمن عليه ايران بواسطة حلفائها، من حزب الله وفصائل الجهاد الاسلامي، وحركة حماس القوية، الى دعم العراق ليكون ضد «اسرائيل»، وهو ضد «اسرائيل» اصلا، وقام مجلس النواب بتجريم التطبيع معها، ويعتبر خيانة يعاقب عليها القانون العراقي، بعدما اقرّ مجلس النواب العراقي تجريم التطبيع.

من هنا، نعود ونقول ان العودة الى الاتفاق النووي سهل وليس فيه صعوبة كبرى، وايران مستعدة لتنفيذه، لكن من حقها ان تطلب ازالة كل العقوبات عنها، وتسليمها الودائع المالية التي تخصها، والتي حجزتها ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، كما ان «اسرائيل» دخلت على الخط، وتحرك الرأي العام الاميركي ضد الاتفاق النووي، حيث تطلق حملات اعلامية على ان ايران هي دولة ارهابية، بدليل ان ترامب اعلن ان الحرس الثوري الايراني هو جيش ارهابي، وليس جيشا عاديا تابعا لدولة ايران.

اوروبا والصين وروسيا، ونقول اوروبا، اي كامل دول اوروبا، تريد الاتفاق النووي وتحسين العلاقات مع ايران، والاستفادة من رابع قوة في العالم من حيث الاحتياط الذي لديها من النفط. كما ان ايران لديها احد اكبر احتياط الغاز في العالم، واذا تم رفع العقوبات عنها وعاد الاتفاق النووي، فان ايران ستصبح دولة عظمى بجيشها، حيث المجموع كله يصل الى مليوني جندي ورتيب وضابط.

ولدى ايران صواريخ بالستية تصل الى شواطئ اوروبا، كما تصنع ايران مدرعات هامة جدا، ودبابات، ومنظومات دفاع جوية، ومنظومات دفاع بحرية، ولديها قدرة بحرية وصاروخية كبرى، وهذا ما لا تقبله لا «اسرائيل» ولا السعودية.

اما بالنسبة للولايات المتحدة، فهي مستعدة للتنازل عن طلب من ايران ازالة الصواريخ البالستية، وموقف اوروبا من الصواريخ البالستية واضح، فهي تريد من ايران ان تقف عند حدود 3000 كيلومتر ولا تزيد عن هذه المسافة، لان هذه الصواريخ باتت تطال اوروبا.


انما همّ اوروبا الاول هو عدم صناعة ايران لقنبلة نووية، لكن ايران اعلنت انها لا تريد صناعة قنبلة نووية، بدليل عودتها الى المحادثات، لكن تريد رفع الظلم عنها، برفع العقوبات التي فرضها الرئيس الاميركي ترامب عليها، والغاء صفة الارهاب عنها، والتعامل معها على انها دولة لها نفوذ في المنطقة وتدعم القوى المظلومة، لكنها لم تشن اي حرب على اي جهة، لا في آسيا ولا في الشرق الاوسط ولا في الخليج.

هنالك انتخابات نيابية نصفية للكونغرس الاميركي بعد اشهر، واللوبي الصهيوني يحرّض على الاتفاق النووي لدى الرأي العام الاميركي في وسائل الاعلام الذي تشن حملات لا تتوقف على ايران، متهمة اياها بدولة «ارهابية»، والاتفاق النووي ورفع العقوبات «مكافأة لدولة ارهابية».

لهذا يتخوف الديموقراطيون، خاصة بايدن، من ان ينعكس هذا الامر على نتيجة الانتخابات، ويفقد الديموقراطيون الاكثرية، وينتصر الجمهوريون مع الدعم الصهيوني.

شرحنا كل ذلك، لنقول ان العقدة الحقيقية في التوصل الى اتفاق نووي جديد بين ايران والدول الست، هو موقف المتشددين الاميركيين واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة و «اسرائيل» والسعودية التي ترى في قوة ايران خطرا كبيرا عليها.

اذا عادت ايران الى النووي ونجح الاتفاق، فانها تستطيع تزويد العالم باربعة ملايين برميل نفط يوميا وبسهولة. وقدرتها على الوصول الى ستة ملايين برميل امر ممكن ايضا، وبسهولة بعد فترة. وسيعطي ذلك ايران قوة مالية واقتصادية يجعل من ايران دولة مزدهرة جدا، عكس وضعها الحالي، حيث الاقتصاد يمر بصعوبات كبرى نتيجة العقوبات الاميركية الاحادية، التي منعت ايران من القدرة على التفاعل مع اوروبا وشركاتها ودول العالم.

كما ان ايران لديها قدرة على تصدير مواد صلبة ، ولديها قدرة تجارية كبرى في كامل الشرق الاوسط، وخاصة في الخليج. والنفوذ الايراني في دول الخليج او الامارات وغيرها اقوى من «النفوذ الاسرائيلي»، ولو ان مخطط ابراهام قد تم تنفيذه، وجاءت «اسرائيل» لتحمي دول الخليج باسلحة، لكنها لا تستطيع مواجهة النفوذ الايراني متى تم الاتفاق بشأن الملف النووي، وازالت الامم المتحدة العقوبات عن ايران.

اليوم، اذا نجحت ايران باعادة الاتفاق النووي، وازالت العقوبات عنها، ستحلّق اقتصادياً وعسكرياً ونفطياً وبالغاز وبالاموال، وتكون من اكثر دول العالم غنى، وتكون قادرة على التعاطي التجاري مع اوروبا بشكل كبير جدا، وقد يصل الناتج القومي الايراني الى 500 مليار دولار سنويا.

الفئات المتطرفة في الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني و»اسرائيل» والسعودية، كلهم يدفعون لعرقلة اتفاق النووي، لكن ايران ستصمد وستستطيع لعب الدور الكبير الذي ينتظرها، اذا ازيلت العقوبات عنها واعيدت اليها الودائع المحجوزة ماليا.

ايران استطاعت التعاطي مع كل شركات العالم خاصة الاوروبية، لان ايران في التكنولوجيا تحتاج اوروبا، واوروبا تحتاج الى التصدير الى ايران، وسوق ايران التجاري كبير جدا، وحجم التبادل التجاري بين ايران واوروبا كان ضخما، حتى وصل بينها وبين المانيا فقط الى 80 مليار دولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى