أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

صناعة الاحباط سلاح فتّاك فاحذروه

مجلة تحليلات العصر الدولية - مضر الحلو

تعرض العراق بعد 2003 الى محاولات عدة لإسقاطه، واجهاض اي محاولة للنهوض والإصلاح، وقد اتخذت هذه المحاولات صيغا متعددة، فمن الهجمة الارهابية الشرسة، الى تقديم الفاشلين والفاسدين، الى الحرب الاقتصادية وعرقلة اي تقدم في قطاعي الصناعة والزراعة، فضلاً عن الصحة والتعليم، الى محاولات اثارة الحرب الطائفية، وكانت الصيغة الاخطر والاشد فتكا بالشعب العراقي هي زراعة السلبية واغراق المواطن باليأس والإحباط عبر اقناعه بقتامة المشهد بأسره، وأن (كل) ما في البلد سيء، وأنّ جميع المتصدين فاسدون، بل بلغ الحال بكثيرين ان انقلبت الرؤية عندهم فصاروا يرون حتى الإيجابي سلبيا، وصار مدعاةً لسوء الظن ان تذكر امام احدهم منجزا ملحوظاً فأنت من جماعة السلطة، والمنتفعين من فسادها.
كم هو مؤسف ان يغيب المائز، والحد الفاصل بين الدولة، والحكومة لدى كثير من الناس. فالدولة بيتنا.. خيمتنا التي نأوي اليها.. نستظل بها، فكما يحرص الشخص منا ان يكون بيته صالحا للسكن.. نظيفاً.. مريحاً كذلك هي الدولة، وكما يبتهج الانسان حين يبادر شخص لترميم بيته وصيانته كذلك المنجزات التي تتحقق في البلد ينبغي الابتهاج بها والاحتفاء بالقائمين عليها مهما بدت صغيرة..
وضعت قبل فترة على حسابي في( الفيس بوك ) و (تويتر) مقطع فيديو لقناة فضائية بخصوص تصنيف الجامعات عالميًا عن موقع التايمز البريطاني للتنمية المستدامة لعام ٢٠٢١ شهد حضورا لاكثر من جامعة عراقية ما يعد تطورا لافتاً يدعو للابتهاج والتفاؤل، خصوصا وهو يأتي بعد طول غياب لجامعاتنا عن التصنيفات العالمية، وبعده نشرت خبرا ايجابيا اخر عن الوفرة في المحاصيل الزراعية لهذا العام خصوصا الحنطة والشعير.
اللافت في الامر الفتور الملحوظ في تلقي هذين الخبرين، وبرودة التفاعل معهما من قبل اصدقاء الصفحة والمتابعين، ما يُنبيء عن نجاح مشروع اعداء العراق من دعاة السلبية وصنّاع الإحباط الذين يسعون لإلباس المواطن العراقي نظارة سوداء ليرى من خلالها كل شيء في البلد حالك السواد، ويفقد حاسة التمييز بين ما هو سلبي وما هو ايجابي، حيث يُعد ذلك منزلقا خطيرا اذ سوف يدخل المواطن عندها في العدمية واللاجدوى من كل شيء، اضف الى اهتزاز ثقته بنفسه، وبوجود كفاءات خيرة في البلد، وهي الفرصة الذهبية التي تُمنَح للفاسدين والاعداء لتنفيذ مشاريعهم واجنداتهم الخبيثة. يقول الشاعر:
(في المنى راحةٌ وإنْ علَّلتْنا …
من هواها ببعض ما لا يكونُ )
احتفاؤنا وابتهاجنا بأي منجز يتحقق لا يعد بحال من الأحوال دعما للفاسدين وتشجيعا لهم كما يتصور البعض، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة كما يقولون، وكما أن وظيفتنا الوطنية والأخلاقية تحتم علينا ان نفضح الفاسد ونوبخ الفاشل، كذلك لا بد ان نشيد ونكرم من يقدم انجازا للوطن والمواطن. قال تعالى (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) فقد جعل الخالق جل وعلا البخس بمثابة الافساد في الارض. لنكون ايجابيين ونقول جميعاً: شكرا لكل من يعمل خيرا للبلد، كما ندين وبأقسى العبارات كل من يفسد ويسيء لبلدنا.
نعم، كل ذلك لا يلغي او يهون من معاناة المواطن العراقي
جراء نقص الخدمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى