أحدث الأخبارايرانشؤون آسيويةشؤون اوروبييةمحور المقاومة

طالبان تغتال روسيا وتقطع الطريق على الصين وتهدد استقرار ايران

مجلة تحليلات العصر الدولية - ناجي امهز

يقول المثل عدو عاقل خير من صديق جاهل.
وبالسياسة لا احد ينكر ان حركة طالبان هي مثال للجهل والتخلف، ولا اعتقد بانه يوجد عاقل واحد يريد ان يكون حليفا لها.
ولا اعلم من اين هبطت ملايين “التحاليل” الاستراتيجية الفضائية الكونية، عن انتصار المعسكر الشرقي الروسي الصيني، بانسحاب امريكا من افغانستان.
مع العلم انه بخروج امريكا من افغانستان، وفرت امريكا على نفسها الكثير من الاعباء المالية واللوجستية وتعويضات القتلى والجرحى من جنودها، وانقذت نفسها من مستنقع الرمال المتحركة الذي كان من الممكن ان يستمر لعقود وربما ادى الى تفكك امريكا كما تفكك الاتحاد السوفياتي في افغانستان، وايضا لا احد يعلم، على ماذا حصلت امريكا من افغانستان، وهناك كلام عن مادة السيليكون ومادة اليورانيوم الخام ، بكميات يفوق ثمنها عشرات بلايين الدولارات، وهي كانت المادة الاساسية التي تم استخدامها بغزو كوكب المريخ.
والمستفيد الثاني، من الخروج الامريكي هي باكستان، التي تعج بمئات الالاف من اصحاب الفكر التكفيري الارهابي، والتي كان من الممنوع عليها اخراجهم الى افغانستان كما جرت العادة ابان الاحتلال السوفياتي، بسبب الضغط الامريكي على الحكومة الباكستانية، لان كل تكفيري كان يخرج من باكستان ليلتحق بحركة طالبان كان يشكل تهديدا للأمريكان، لكن اليوم باكستان ستضغط على المتشددين الاسلاميين، وستسمح لخطباء المنابر بإعادة رفع صوت الجهاد ودعم اخوانكم بأفغانستان، مما يعني بان باكستان ستعيد فتح الطريق نحو المحرقة الافغانية، التي كانت ترمي بها المتشددين الاسلاميين، والذين كانوا يشكلون تهديدا حقيقيا لاستقرارها.
للحقيقة المستفيدين كثر من الانسحاب الامريكي من افغانستان، بالمقابل الخاسر الاكبر هو المعسكر الشرقي (روسيا – الصين) وايضا بمكان هناك تهديد لاستقرار ايران.
وقد اعلن جون بايدن ان المستفيدين من التواجد الامريكي في افغانستان هما روسيا والصين، ولا احد ينكر كلام بايدن، فالجميع يتذكر ما عناه الاتحاد السوفياتي سابقا من حركة طالبان، وان احد اهم اسباب تفكك الاتحاد السوفياتي هو هزيمته امام طالبان، وما تعانيه روسيا اليوم من تداعيات المتشددين في بلاد القوقاز، حتما سيتعاظم ويزداد خطورة ويشكل تداعيات خطيرة، على الاستقرار السياسي والامني فيها، وربما مقدمة كي تعيد روسيا حساباتها، والا ستفتح طريق جهنم للتكفيريين اليها.
وايضا الصين التي تحلم بطريق الحرير، اليوم وضعوا بدربها الاشواك، ولا احد يعلم كم ستصمد الصين امام المتغير بأفغانستان، وخاصة ان الصين غير مستعدة لخوض اي معركة عسكرية، فقد سقط للصين وللهند عشرات القتلى بمناوشات على الحدود الهندية الصينية التي وضعت عام 1962 ، وقد دارات الاشتباكات بالعصي والهراوات وقضبان مزودة بمسامير، ولم تطلق رصاصة واحدة من الجانبيين، وهو دليل واضح بان الصين لن تورط نفسها بحرب تعلم سلفا بانها ستخرج منها مهزومة، فالصين امامها طريق طويل لإعادة احياء اللحمة بين القيادة والشعب الصيني، وهي تعلمت من حروبها السابقة، ان كل الاسلحة والقوة والصناعات، لا تحقق شيئا بغياب الديمقراطية الحقيقية، فالشعب لن يدافع عن وطن لا يشعر فيه بالحرية والاستقرار.
وايضا ايران، وهي اليوم تعمل بجهد على حل الازمة الافغانية، وتقديم يد العون، وتقريب وجهات النظر بين كافة مكونات الشعب الافغاني، تجنبا لاي تطورات مستقبلية، وخاصة ان امريكا تركت خلفها ترسانة من الاسلحة العسكرية تكفي عشرة جيوش من الاسلحة المتطورة والمروحيات الهجومية، والجمهورية الاسلامية عانت كثيرا من مزاجية حركة طالبان، وخاصة ان حركة طالبان مخترقة بشكل اساسي، من قبل الاستخبارات الامريكية، وغيرها من الاجهزة الدولية، المعادية لإيران، وهناك عدد كبير من العرب قياديين في حركة طالبان، وهم معادين عقائديا لإيران.
ولا احد يعتقد بان حركة طالبان تغيرت كثيرا مع انه العالم من حولها تغير، فهي حركة هجينة، مركبة من عرقيات مختلفة واجناس متعددة، دون صياغة دستورية، او رؤيا سياسية، ولا خطة استراتيجية “جيوسياسية”، وهي تفتقر في سلم اولوياتها، الى جغرافية وطنية، كونها تؤمن بالتمدد والتوسع، وتعتبر ارض افغانستان، ارض رباط، ولا تعترف بمعنى الوطن والمواطنة، والدليل انه منذ نشأتها لم تقدم مشروع بنيوي او تضع اهداف واضحة يحتكم اليها ويناقش بها، وهي مغيبة تماما عن التنمية التطويرية، في البنى التحتية والتعليم، ومواكبة التطور، وتفتقر الى ادنى المقومات، الطبية والاقتصادية، والتطور الصناعي، والاعلام الالكتروني، ولا يخفى على احد انها مجموعة بدائية التخطيط، وهي حركة تطلق على نفسها حركة جهادية، لكن للأسف تحتاج الى حركة اجتهادية تنفتح من خلالها على العالم وعلى القوى.
وهي تتحرك دون رؤيا او اهداف استراتيجية، بل لخلق فعل وردة فعل واحيانا تشعل حربا في الداخل الافغاني وحتى مع الجيران، بسبب خلاف بين قيادي واخر.
عودة طالبان يعني عودة معسكرات تدريب الارهابيين الخطرين للغاية، وهؤلاء الارهابيين هم الذين يسعون للسيطرة على كامل افغانستان، وبدعم كبير من المجموعات الاسلامية المتطرفة التي طالما التحقت بها من مختلف العالم، وقاتلت تحت رايتها.
حركة طالبان ستغرق افغانستان والشعب الافغاني بأزمة طويلة، لان الشعب الافغاني عاجلا ام اجلا سيخرج لمواجهة طالبان.
وحركة طالبان غير مستعدة للنقاش وهي تعيش العقد السياسية بصورة عسكرية تحتاج لوقت طويل من اجل ان تعيد صياغة مفاهيمها، وترتيب اولوياتها، وقبولها الاندماج بالمجتمعات، وهي ستجد صعوبة الكبيرة بان تفرض على مقاتليها، التقيد التام باقل مفاهيم الحقوق والحريات، مما يعني ان هناك ازمة مجتمعية كيانية بين الافغان، والبقاء هو للأقوى، واننا امام حروب داخلية لن تنتهي.
الجميع يعيش القلق لأعوام قادمة حتى يتبين كيف ستصرف حركة طالبان مع محيطها، ولكن الصورة غير مشجعة ابدا، ان ما حصل في أفغانستان هي قنبلة موقوتة ستنفجر باي لحظة، ولا احد قادر ان يتكهن بمن ستنفجر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى