أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون امريكية

طــالـبــان والامـريــكان التـدويــر واعــادة الانـتــاج

مجلة تحليلات العصر الدولية - صالح الصريفي

بدأت العلاقات الحميمة بين حركة طالبان الاسلامية “الاصولية المتشددة ” والولايات المتحدة الامريكية منذ التأسيس علي أيدي المخابرات الامريكية والباكستانية والسعودية بعد الغزو السوفياتي عام 1979، ومالبثت ان تطورت وازدهرت هذه العلاقات بعد فترة وجيزة عندما التقى الرئيس الامريكي الأسبق رونالد ريغان بوفد من زعماء طالبان في البيت البيضاوي عام 1985 (الذي علقت احد الصحف الامريكية على هذا اللقاء بالقول ” رونالد ريغان يلتقي بطالبان … هؤلاء السادة هم المعادل أو المرادف الاخلاقي للاباء المؤسسون لامريكا !! ) ، وبقيت العلاقات مستمرة تحت سقوف الدعم اللوجستي والاشراف المخابراتي الامريكي في حربهم ضد القوات السوفياتية والافغانية الحكومية حتى احداث 11سبتمبر عام 2001 حيث انقطعت العلاقات على أثر اتهام عناصر القاعدة المتمركزين في افغانستان بتفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وبعد مرور 10 عشرة سنوات على الغزو الامريكي الناتوي لأفغانستان في عام 2011 عاودت (عرابة الاسلام السياسي ) ” امارة قطر ” وبأوامر امريكية بممارسة دورها في مد الجسور المنقطعة بين حركة طالبان والولايات المتحدة الامريكية من أجل القيام بعملية “ Recycling “ تدوير ( النفايات الطالبانية) واعادة انتاجها مجدداً وقد استغرقت عمليات التدوير والتحسين مدة (8) ثمان سنوات من اللقاءات السرية وبرامج التدجين الممنهج في فنادق الدوحة وقاعدة العديد الجوية الامريكية حتى ديسمبر عام 2019 عندما أعلن أول لقاء علني لبدء مفاوضات السلام بين حركة طالبان والادارة الامريكية !؟ ، في عهد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب الذي قال في وقتها 29 فبراير 2020 ( سيعود اخيرا الى الافغانيين وحدهم العمل على بناء مستقبلهم لذلك نحن نحضهم على اغتنام الفرصة للسلام ولمستقبل جديد لبلدهم )
ويبدو من خلال تتبع التصريحات التي رافقت المفاوضات والنتائج الميدانية قبل يومين في سيطرة طالبان على الولايات الافغانية المستسلمة طوعا بما فيها العاصمة كابل من دون قتال ، ان مفاوضات السلام بين امريكا وطالبان كانت تدور حول العودة الى الثوابت ( الانسجام والتخادم وتبادل الادوار ) وتجاوز المتغيرات ( احداث 11سبتمبر والغزو الامريكي) ، من اجل الخروج بمنتج اسلامي سنّي محسن يزاوج بين التشدد الاصولي والانفتاح “الليبرالي الاسلامي”
وبناء على ماتقدم يرى بعض المراقبين السياسيين ان الولايات المتحدة الامريكية والناتو سوف يدعمون طالبان لتأسيس دولة خلافة اسلامية على رأسها ” امير مؤمنين ” تكون بديلا ( لدولة الدواعش الاسلامية المتشددة في العراق والشام ) .
دولة طالبان الاسلامية البراغماتية الجديدة سوف تتمتع بهامش من الحريات للاقليات الدينية والتيارات السياسية ، وتقديم نفسها كـ إنموذج للاسلام السياسي المتشدد فقهيا والمنفتح سياسيا هذا اولا ، اما ثانيا فستتحول امارة افغانستان الى حاضنة للأم الوهابية وبناتها الداعشية والقاعدية وأبناءها النصرة والإيغور والشيشان والتركمان وطالبان باكستان وبلوش ومنافقي خلق ايران ، وربما ستصبح مرجعا دينيا وسياسيا ايضا ( للاخوان المسلمين بدلا عن قطر وتركيا ) ، هذا من جهة ومن جهة اخرى ستكون هذه النفايات الارهابية بمثابة اوراق ضغط ومصادر إقلاق وإرباك وابتزاز تستخدمها طالبان في مستقبل الايام ضد جوارها الاقليمي خدمة للمشروع الامريكي في محاصرة الصين وروسيا وايران وربما باكستان ايضا .
ويبدو ان مشروع تأهيل الامارة الطالبانية الافغانية كبير وطموح جدا ، يتعدى جغرافيتها الحبيسة بمساعدة الولايات المتحدة الامريكية والبنگ الدولي والدعم القطري والسعودي في لعب أدوار قيادية وريادية في الخليج والعالم الاسلامي لتصل الى مكة والمدينة التي يفكر حاكمها وملكها الجديد ( محمد بن سلمان ) في التخلص من التركة الوهابية الثقيلة والتخلي عن قيادة مايسمى بالعالم الاسلامي ، للتفرغ الى قيادة العالم التكنولوجي بمعية اسرائيل انطلاقا من مدينة المستقبل ” نـيـوم” ، ولكن منح هذا الدور الكبير لطالبان يعتمد على حسن أدائهم للادوار المناطة بهم المشاريع الامريكية ومدى التزامهم بالاوامر الامريكية والصهيونية العالمية .
ولكن مايهمنا كـ عراقيين من الدرس الافغاني
هو الاعتبار والتحذير ؛
الاعتبار ؛ بمعنى ان كافة العراقيين من الشيعة والسنة والاكراد اللذين ربطوا مصيرهم بمصير الوجود الامريكي أو الذين تحولوا الى عملاء وادوات وخدام أوفياء لتنفيذ المشروع الامريكي في تخريب مدنهم وإفشال دولتهم
ان ينظروا الى الدرس الافغاني الذي انتهى بحرص الجيش الامريكي على إجلاء الكلاب البوليسية في الطائرات وترك المتعاقدين و والمترجمين والمخبرين والمتعاونين واعضاء منظمات المجتمع المدني تحت إطاراتها ليلاقوا مصيرهم امام جحيم وانتقام طالبان
اما التحذير ؛ يأتي من خلال طرح سؤال بديهي ان لم يكن ساذج وهو اذا كان هدف الولايات المتحدة الامريكية للمرحلة القادمة نشر الفوضى في المنطقة عموما والعراق خصوصا عندئذٍ يوم تقرر قوات الاحتلال الامريكي الخروج من العراق الى من تسلّم قواعدها العسكرية ؟
هل تسلّم قوات الاحتلال الامريكي قاعدة عين الاسد المدججة بالأسلحة وطائرات F16 العراقية الى جيران القاعدة حلفائها السنّة لتحقيق حلمهم باقامة الاقليم السنّي ؟ ام الى الجيش العراقي ؟
وهل تسلّم قاعدة الحرير المدججة بالاسلحة وطائرات F16 الى جيران القاعدة حلفائها الاكراد لتحقيق حلمهم بالانفصال واقامة دولة كردستان الكبرى ؟ ام الى الجيش العراقي ؟

علماً ان العراق يمتلك 350 طائرة متنوعة تتمركز غالبيتها في قاعدتي عين الاسد في الرمادي والحرير في اربيل بالاضافة الى عدد قليل منها في قاعدة فكتوريا مطار بغداد !! .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى