أحدث الأخبار

عاشوراء طوفان الحق وثورة ضد الظلم..!!!

الشيخ/ علي عبدالرحمن شايم

العصر-إحياء ذكرى عاشوراء ليس رحلة من الزمن الحاضر إلى التاريخ الغابر، ولا انشغالاً بحدث أكل عليه الدهر وشرب لا هو طقس مذهبي لتكريس هوّية طائفة، وليس مسرحاً لتفجير العواطف والمشاعر تنفيساً للهموم والأحزان، وإذا كان البعض يتخيّل شيئاً من ذلك في رؤيته لهذه المناسبة، فهو إما غافلاً عن حقيقة عاشوراء ومضامينها، أو متأثراً بأجواء بعض الممارسات القشرية في إحيائها.

إن عاشوراء مدرسة زاخرة بالقيم والمعاني السامية، وإحياؤها يستهدف استحضار تلك المبادئ والقيم في حياة الفرد والأمة، وفي طليعة المبادئ والقيم مبدأ تحمّل المسؤولية تجاه الدين والمجتمع، والقيام بواجب الإصلاح في ساحة الأمة، والانتصار للحقّ والحرية والعدل، ورفض الظلم والجور والفساد.

إن عاشوراء أبعد ما تكون عن المذهبية والطائفية، فحدوثها سابق لنشأة المذاهب والطوائف، والحسين رمز تجمع الأمة على إجلاله وإعظامه بكل طوائفها ومذاهبها، وخطابات الإمام الحسين لا أثر فيها لجدل عقدي أو فقهي أو تاريخي وإحياء عاشوراء إنما يعني استحضار وتمثّل هذا الخطاب الحسيني، والمواقف البطولية المجسّدة له في ملحمة كربلاء.


تعتبر فاجعة كربلاء منعطفاً كبيراً في التاريخ الإسلامي، مع أن أحداثًا كثيرة قد حصلت في تاريخ الأمة، إلا أن تلك الأحداث كانت مشوبة بشبهة الصراع السياسي، والاختلاف على المصالح، والنزاع على المكاسب، وهذا لا يلغي حقيقة أن هناك محقًّا ومبطلاً في جميع هذه الأحداث، فهذا أمر واضح لا يمكن تجاهله أو التنكر له. لكن ما يميز واقعة كربلاء هو تجلي أعلى قمم البشاعة والوحشية التي ارتكبت من قبل جنود بني أمية، ضد عترة رسول الله (ص)، وعلى رأسهم الإمام الحسين (عليه السلام).

فلا أحد من المسلمين يجهل مكانة الإمام الحسين (عليه السلام)، لا من الماضين ولا من المعاصرين، وأحاديث رسول الله (ص) في فضل الحسين ثابتة عند جميع المسلمين، فطالما رأى الأصحاب رسول الله (ص) وهو يحمل الحسن والحسين (عليهما السلام) على صدره ويقول عنهما: هذان) سيّدا شباب أهل الجنة، فالمسلمون جميعًا يعرفون فضل الحسين، ومقام الحسين، (عليهما السلام) فماذا فعل الحسين حتى يواجه بالقتل على هذا النحو البشع، سوى إعلان رأيه الديني والسياسي في رفض البيعة ليزيد بن معاوية، وقد قالها صراحة في خطابه للجيش الأموي: ) وإن كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم، ولكنهم حاصروه وأصروا على قتله، بتلك الطريقة الشنيعة هو وكوكبة من أهل البيت. فقد قتل مع الحسين بن علي ستة عشر من أهل بيته ما كان لهم على وجه الأرض شبيه، فلم يكونوا عاديين، كما لم تكن المسألة داخلة ضمن دائرة الحروب المألوفة، حيث القتال والقتل المتبادل، لينتهي بغلبة جهة معينة وينقضي الأمر.

وإنما مارس الجيش الأموي أبشع أنواع التمثيل والوحشية بجسد الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث أوطؤوا الخيول جسده الشريف، حتى كسرت
أضلاعه، ومزقت أشلاءه إنفاذاً لأمر ابن زياد لعمر بن سعد حيث كتب له: (فإن قتلت حسيناً فأوطئ الخيل صدره وظهره) وهجموا على خيام النساء والأطفال وفعلوا ما فعلوا، وكانت فيها زينب بنت أمير المؤمنين وبنت فاطمة الزهراء، ومعها
أطفال وأيتام إلى جانب النساء المثكولات في أزواجهن وأبنائهن، بل لم يكتف القتلة بذلك حتى حملوا رأسه الشريف ورؤوس الهداة من أهل بيته وطافوا بها في البلدان.


هذه البشاعة الشديدة هي التي توجب تخليد هذه الظلامة، وأن يحتفى بها كل عام، بل كل يوم، حتى تبقى في ذاكرة الأمة شاهداً على ما أصاب ذرية رسول الله (ص) من بلاء، وشاهداً على قبح الظلم والعدوان، وحتى يستفاد منها الدروس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى