أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

عربيا انتصرت إسرائيل، وعالميا المقاومة هزمت إسرائيل

مجلة تحليلات العصر الدولية - ناجي امهز

أولا إسرائيل عدو لله ولكل شعوب الكرة الأرضية ومجرمة ومغتصبة، لكن دعونا نتحدث بهدوء ونحلل معا.
عندما تقوم دولة متل مصر قبل أربعة عقود بالاعتراف بالكيان الغاصب، والتبادل الدبلوماسي والتجاري، الا يعتبر هذا الامر انتصارا للعدو الإسرائيلي بانه نجح بانتزاع الاعتراف به وبوجوده وباحتلاله لفلسطين، من اكبر دولة عربية.
وأيضا عندما تسمعون رسميا ان البحرين والامارات وحتى عمان إضافة الى قطر هم على علاقة ممتازة مع العدو الإسرائيلي، وهناك تبادل تجاري واعلامي واستخباراتي، ويتسابقون لتقديم “الاوفرات” للإسرائيليين، مثلا الدخول من دون فيزا، إضافة الى حسومات على سياحتهم، وربما بالمستقبل اقتطعوا للعدو الإسرائيلي أرباحا من عائدات الحج.
وعندما تشاهدون الإسرائيليين يسرحون ويمرحون في المملكة العربية السعودية، وتسمعوا بعض الإعلاميين السعوديين يبجلون ويدافعون عن العدو الإسرائيلي ويشتمون الفلسطيني علنا ولا أحد يحاسبهم، وما يتم الحديث عنه من ارفع الجهات الدولية، عن ورشة عمل لا تهدا بين الإسرائيليين والسعوديين، وعداء المملكة ضد الدول التي هي على عداء مع العدو الإسرائيلي، يجعلك امام مشهد واضح ان السعودية أيضا هي مطبعة.
حتى بالقراءات السياسية، عندما تشاهد التقدم التركي، والتطور وتنامي القدرات الإيرانية، وتراجع سياسة غالبية مجلس التعاون الخليجي، تدرك ان مجلس التعاون الخليجي لن يذهب ليتحالف مع تركيا لأنه على خصومة تاريخية مع السلطنة العثمانية التي قاتلت وقتلت الكثير من امراء ومشايخ هذه القبائل قبل الحرب العالمية الأولى، وأيضا لن يذهب ليتحالف مع إيران تحت ذريعة طائفية، لذلك يشعر انه الأقرب اليه هم الإسرائيليين.
اذا إسرائيل بالنسبة لأكثر دول مجلس التعاون الخليجي هي حليفة وصديقة، بل ان غالبية جيوش واستخبارات والجماعات التي يمولها مجلس التعاون الخليجي والتي تقاتل باليمن ودمرت بسوريا وفجرت بالعراق وتحاصر لبنان، هو نيابة عن إسرائيل.
كما ان الأردن هو حليف وصديق للكيان الغاصب الإسرائيلي، وهو عراب كل هذا التقارب.
حتى في كردستان العراق يوجد قواعد عسكرية واستخباراتية اسرائيلية، إضافة الى مئات الشركات الكبرى التي تعمل بكافة المجالات.
وعلينا ان لا ننسى انه ان تركيا نفسها هي حليفة للكيان الغاصب الإسرائيلي.
وما تقوم به السلطة الفلسطينية نفسها من تعاون كامل مع الكيان الإسرائيلي المحتل بكافة المجالات، ومنها العمل المباشر على استهداف المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الثائر، شيء لم يحصل له مثيل بالخيانة منذ الانسان الأول.
وفي لبنان أيضا يوجد شريحة هي بالأساس لم تكن يوما ضد الإسرائيليين، ولولا اختلال توازن القوة لصالح الفريق المعادي للإسرائيلي، لكانت هذه القوى اللبنانية على أفضل العلاقات العلنية والزيارات بينها وبين العدو الإسرائيلي.
أضف الى هذا المشهد ان أمريكا وأوروبا بما فيهم بريطانيا والفاتيكان، وروسيا الاتحادية والصين، جميعهم يدعمون الكيان الإسرائيلي دعما مطلقا، ويعتبرون امن إسرائيل جزء أساسي من امنهم القومي.
لماذا اكتب هذا المقال واسرد هذه النقاط واضع امامكم هذه الخارطة الممتدة من الفرات الى النيل، والتي يظهر من خلالها تمدد وتواجد العدو الإسرائيلي، ان كان عسكريا او استخباراتيا وحتى تجاريا ودبلوماسيا باعتراف أنظمة رسمية، هو للفت انتباهكم الى امر في غاية الخطورة، ان هذا التواجد هو ما يعرف بأرض إسرائيل الكاملة او الكبرى، حسب التفسير اليهودي لكتابهم المقدس كما جاء في سفر التكوين، حيث يذكر عهد الله مع إبراهيم: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَقَدَ اللهُ مِيثَاقاً مَعْ أَبْرَامَ قَائِلاً: «سَأُعْطِي نَسْلَكَ هَذِهِ الأَرْضَ مِنْ وَادِي الْعَرِيشِ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ. 19 أَرْضَ الْقَيْنِيِّينَ وَالْقَنِزِّيِّينَ، وَالْقَدْمُونِيِّينَ 20 وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفَرِزِّيِّينَ وَالرَّفَائِيِّينَ 21 وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ».
الا يستحق هذا المشهد، ان نتوقف امامه للحظات، ونحن نشاهد نموذجا احتلاليا توسعيا خبيثا بغيضا اسمه الكيان الإسرائيلي.
الم يحن الوقت لنعترف بصوت عال، ان الكيان الإسرائيلي هو مشروع ديني أيديولوجي، لا يعترف لا بالمسيحية ولا بالإسلامية ويريد ان يطلق الديانة الابراهيمية، فقط لتحويل الجميع الى جوييم (او غوييم) أي بهائم.
يا سادة قد يأتي بعض المنظرين الجدد ويضع امامكم خارطة كبيرة عليها رسم انابيب النفط والغاز وتشاهدون أسهم تشير الى البورصة وعالم التجارة، ويقول لكم ان الصراع على المنطقة ليس دينيا انما بسبب النفط، وينسى هذا المنظر ان الصراع على المنطقة هو قبل النفط والإسلام والمسيحية وقبل ان تولد الأفكار أساسا.
يا سادة اذا شاهدتم الصورة بأكملها وعمقها التاريخي، وعدد هذه الدول المجتمعة على حماية الكيان الإسرائيلي، الذين يتجاوزن المليارين، وامكانياتهم العسكرية والاقتصادية الجبارة والضخمة، وبالمقابل تأملتم عدد المقاومين الذين يواجهون هذا المشروع وهم بأحسن الأحوال لا يتجاوز عددهم أربعين مليون بإمكانياتهم المتواضعة للغاية او ربما المعدومة مقارنة بما تملك إسرائيل وحلفائها، لفهمتم ان بالأمر سر الهي، وربما احدنا قال رب هذا الدين يصارع اله ذاك الدين.
بالختام الصراع قائم ونحن امام مفصل جديد يبدا عام 2022،
ومن المفارقات ان إسرائيل هزمت العرب، وتشعر ان العرب سعداء بهذه الهزيمة بل مستعدون ان يدفعوا تعويضات للعدو الاسرائيلي، وبالمقابل اعترف العالم وإسرائيل نفسها انها هزمت امام المقاومة.
وبعد هزيمة العرب امام إسرائيل وهزيمة إسرائيل امام المقاومة، يعني ان المقاومة اقوى من العرب مجتمعين، اذا انتهت الحرب الكلاسيكية وانتقلنا الى حرب بالنقاط.
واهم حروب النقاط، هو لعبة الاعلام او محاكاة البعد الخامس، والكيان الغاصب يجيد اللعب على هذا الملعب، ويملك كافة الأدوات بل هو صنعها كما يحتاج، والمقاومة بحاجة ان تستفيد من هذا الوقت والإمكانيات المتاحة، وان تعبئ الراي العام، وفي هذه المعركة لا تنفع القوة، فالكيان الغاصب الإسرائيلي يمتلك أربعمائة راس نووي ومع ذلك لا يترك مناسبة الا يذرف فيها دموع التماسيح، وانه يرتجف خوفا من حجر او سكين بيد ثائر فلسطيني، او يجول العالم متوسلا ان ينقذوه من صواريخ المقاومة الدقيقة، وهذا الامر كذب وتضليل، انما هو فقط لكسب الراي العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى