أحدث الأخبارشؤون امريكية

عصر افول الديمقراطية

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم: محمد وناس

كل الاحوال الى ذبول بعد نماء . كذلك الامبراطوريات والانظمة وحتى الأيديولوجيات الوضعية ,
فهذا جنكيز خان وإمبراطوريتة حكم الارض من اواسط اوربا شمالا الى حدود مصر غربا والى الصين شرقا لأكثر من قرنين انتهى بها الحال الى الزوال .
الاغريق . الرومان . العباسيون . الفراعنة . الاشوريون . كلهم زالوا وانتهى حكمهم واصبحوا قصص في بطون الكتب . ونحن اليوم نتداول سيرهم بحسب ما خلفوه من اثر وارث انساني وما قدموه للبشرية من تراث دفعها الى الامام ونصنفهم لسيئ وحسن . ,
كذلك الأيديولوجيات بداء من النزعة القومية وما شابها من الفاشية ونقاء العرق . والشيوعية بتوجهها الاممي الخالي من الرؤيا الروحية . كلها انتهت واصبحت من الماضي وان كان هنالك من يحاول نفخ الروح فيها واعطائها صورة الثبات والاستمرار . لكن الواقع يقول ان النزعة القومية اصبحت من الماضي وكذلك الشيوعية انتهى زمنها .
قد تكون الديمقراطية اخر صروح الأيديولوجيا الوضعية لما بعد عصر النهضة واخر معاقل الفكر الانساني الذي عقب عصر النهضة والذي يدعوه اصحابه بالفكر التحرري او الليبرالي
لا يختلف اثنان على عبقرية جان جاك روسو وقدرته الكبيرة على التنظير الاجتماعي . لكن يغيب عن الكثيرين ان روسو لم يكن مبتدع نظرية العقد الاجتماعي من العدم بل هو استطاع ان يستلهم من تجارب الرومان في الحكم وطريقة الانتخاب للامبراطور من قبل مجلس الشيوخ نظرية حكم , ومن جمهورية افلاطون حبكه فلسفية . ومن نتاج الفكرالاندلسي الاسلامي وخصوصا ابن خلدون كلها مطبوخة في بوتقة اضاف عليها رؤياه الخاصة وتحليله لما يدور في الساحة الاوربية من نزاعات فكرية . مضاف الى كل هذا الحالة العامة التي يعيشها الانسان الغربي وحاجته لنظام حكم جديد يتأقلم مع الثورة الصناعية والتطور العلمي والفكري لابناء الشعوب الاوربية . ويقف في وجه الانظمة المستبدة التي كانت تحكم في ذلك الزمن
والحقيقة ان الديمقراطية قدمت للإنسانية دفعة كبيرة من التطور والتقدم وخدمت الجنس البشري بشكر لم يعهده التاريخ سابقا . واعطت للإنسانية الكثير من المكاسب التي تتمتع بها اليوم من قبيل حقوق الانساني والحريات وحرية الفكر والكثير الكثير من المنجزات العظيمة .
وكما هو حال الامبراطوريات القديمة والنظريات القديمة وتماشيا مع سنة الكون بالانحدار بعد الصعود فان الديمقراطية الغربية اليوم تسير الى الهاوية .
فكما قدمت الامبراطورية الاشورية لنا اسماء مثل اشور ناصر بال . والاغريقية قدمت الاسكندر الاكبر قدمت الديمقراطية الغربية الحديثة اسماء لها اثرها مثل لينكولن ديجول وونستون تشيرشل وروزفلت . وحتى ان اختلفنا معهم في التوجهات لكننا لا نستطيع انكار امكانياتهم الكبيرة في قيادة الانسانية والمحافظة على الحد الادنى من الاعتبار الانساني وكلنا نتفق بدرجه ما على امتلاكهم المقومات المناسبة للتصدي للحكم وكلنا نتفق على قدرة الديمقراطية في ذلك الوقت على انتاج نماذج قياده ذات شان كبير وقدرة عالية للحفاظ على منجزات الديمقراطية في عمرها القصير نسبيا .
لكننا اليوم نجد ان الديمقراطية اصبحت تنتج لنا نماذج تغرد بعيدنا عن سرب الفكر الديمقراطي وتحاول ان تأخذ الديمقراطية بكل منجزاتها نحول جرف هاوي مليئ بالعنصرية والتطرف والدموية وتعيد البشرية الى العصور المظلمة ,
وكما كانت الديمقراطية السبيل الذي سلكته الشعوب الاوربية للتحرر من الاضطهاد واستبداد انظمة الحكم والتميز العنصري والعرقي والاثني . وكما كانت الديمقراطية الملهم للثورة الفرنسية ومن بعدها للرئيس لنكولن الذي اعطى الحرية للعبيد في امريكا نجدها اليوم تقم لنا رجال مثل دونالد ترامب ومثل جونسون رئيس وزراء بريطانيا المشبعين بنفس عنصري وتوجهات تتقاطع مع اصل الديمقراطية ,
الاعلام المسيس وامبراطوريات المال ذات التوجهات العنصرية هي من تتحكم بمسار الديمقراطيات وهي من تسير قواعد اللعبة الديمقراطية في العالم لمصالحها . ولم تكتفي بان تاتي باشخاص ذوي نزعات عنصرية للحكم بل اصبحت تتحكم في الية وضع القوانين والتشريعات التي تتناسب مع توجهاتها العنصرية والمخالفة لأبسط اطروحات العقد الاجتماعي
البشرية اليوم تحتاج لإعادة النظر في الديمقراطية كفكر ونظرية وايجاد نموذج جديد يتناسب مع توجهات البشر وتقدم المجتمعات , اخذه في نظر الاعتبار الارث الانساني والعقائدي لكل شعوب واعراق البشر . والحفاظ على اختلاف توجهات ابناءه دون تميز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى