أحدث الأخباراليمنمحور المقاومة

عقبات تعترض وساطة سلطنة عمان في اليمن

مجلة تحليلات العصر الدولية - أسعد العزّوني

سواء إتفقنا أم إختلفنا مع السياسة الخارجية العمانية،إلا إننا نشهد لها بالحكمة والرزانة،وتحوز ثقة البعيد قبل القريب،وهذا ما جعلها سيّدة الموقف في موضوع الوساطات التي تحسب لها بنجاحاتها ،لأن قيادتها تنآى بنفسها عن الإنخراط في نزاعات وصراعات الإقليم والمنطقة غير المحسوبة،وها هي السلطنة وبعد أكثر من ست سنوات على إندلاع كارثة اليمن ،تتحرك لرأب الصدع الإقليمي وإنهاء العدوان الخارجي على الشعب اليمني،إنطلاقا من منطلق عقلاني لحل مشكلات الإقليم،خاصة وأن مسقط تتقن دور الوساطة المدروسة وتختار الوقت المناسب لذلك.
هناك أسباب عديدة وراء الحراك العماني الأخير في اليمن أهمها ردع الضب مبز الذي يتحرك ضمن مساحة إمبراطورية قوية ،وليس إمارة غنية قائمة على غسيل الأموال والدعم الصهيوني،ويعمل مبز الذي ورّط السعودية في هذا العدوان على مصادرة الموانيء اليمنية وتحويلها إلى قواعد بحرية عسكرية إسرائيلية مثل سوقطرى وميون،ونهب حجارة وأشجار سوقطرى التاريخية الأثرية ونقلها إلى الإمارات ،والترويج إنها جزء من تاريخ الإمارات”الذي يعود إلى ما قبل التاريخ لملايين السنوات الضوئية؟؟؟!!!”.
وجاء التحرك العماني أيضا بناء على طلب تقدمت به الرياض من أجل وضع حد لإنهيار قواتها وتحالفها في اليمن ،خاصة بعد المعارك الأخيرة التي هرب فيها الجيش السعودي والمرتزقة من أرض المعركة ،وإنتشروا في الجبال والوديان هربا من ساحات القتال بعد أن ألقوا أسلحتهم،وربما كان ذلك رسالة غير مشفرة للمتهور مبس، الذي ورّطه مبز في هذا العدوان وتخلّى عنه ليواجه مصيره ،ويخرج هو بالغنائم مؤقتا بطبيعة الحال.
طلبت السعودية من السلطنة التحرك لوقف إطلاق النار في اليمن ،بسبب علاقاتها المميزة مع الحوثي وإيران على وجه الخصوص،ولها سوابق في هذا المجال ،وهي مقبولة من قبل جميع الأطراف بسبب حياديتها حتى في أدق القضايا قربا ،ولا تظهر إنحيازا لأحد،إلى درجة إن البعض يظن إنها منعزلة عن العالم ،وهذا ليس صحيحا بطبيعة الحال،ولكنها كما أسلفنا تنآى بنفسها عن الزج بنفسها في خلافات الآخرين إحتراما لذاتها،وظهر ذلك جليا في ملف الحصار القطري على وجه الخصوص.
النشاط العماني في الملف اليمني بدأ ملموسا منذ عام تقريبا ،وكانت السلطنة محطة مهمة للحوثي الذي كان يعالج فيها جرحاه وكانت بوابته إلى العالم في ظل الحصار الغاشم المفروض على اليمن،ومع ذلك لم تزج السلطنة نفسها في أتون الصراع كما فعلت البحرين والإمارات بوقوفهما مع السعودية بغض النظر عن الأسباب ،بمعنى إن السلطنة لم تنزلق عسكريا في ملف اليمن رغم وقوعها على مضيق هرمز وإشتراكها مع اليمن في حدود جغرافية تمتد ل 300 كم،وكان إمتناعها عن الإنخراط في الصراع حتى لا تكتوي بناره.
يساعد السلطنة في مسعاها اليمني عدم وجود مصالح وأطماع لها في اليمن كما هو الحال بالنسبة للإمارات والسعودية،وهي تخشى من تقسيم اليمن حتى لا ينعكس ذلك سلبا على أمنها،وما هيأ لها النجاح في مسعاها اليمني هو عدم إنخراطها في التحالف السعودي العسكري المرتزق في اليمن “عاصفة الحزم”التي تحولت لاحقا بعد الهزائم إلى عاصفة الأمل،ناهيك كما أسلفنا عن نزاهة السلطنة ونجاحها في وساطتها في الملف النووي الإيراني،ولا ننسى إن السلطنة مستهدفة من قبل السعودية والإمارات ،وربما بذل مبز جهودا مضنية لإفشال المساعي العمانية ،رغبة منه في عدم إخراج السعودية من ورطتها في اليمن،وهذا هو سبب تعثر الوساطة العمانية المؤقت بطبيعة الحال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى