أحدث الأخبارسوريامحور المقاومة

على ضفاف زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى المدينة الصناعية في حسياء هكذا قال قائد الوطن

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. حسن أحمد حسن

امتلاك الإرادة الوطنية أحد أهم عوامل القوة لأية دولة وفق المعايير المعتمدة في قياس القوة الشاملة، وأحد أهم عوامل تكوين الإرادة الوطنية وزيادة زخمها وفعاليتها يكمن في العلاقة التي تربط المواطنين بقيادتهم، فكلما كان القائد محبوباً من شعبه، ومتواصلاً معهم، كلما ارتفع مستوى الإرادة الذاتية للدول، والعكس صحيح، ويمكن القول بكل يقين واطمئناِن إن الواقع القائم في الدولة السورية، وبخاصة على امتداد سنوات الحرب المفروضة يشكل البرهان العملي لصحة هذا المؤشر والمقياس المعتمد في الفكر الاستراتيجي، وإذا كان من خططوا لهذه الحرب قد حبكوا حلقاتها بخبث ودهاء إلا أنهم أخطؤوا في اختيار الشعب المستهدف، لأن علاقة الشعب السوري برئيسه عصية على مخططات الأعداء ومؤامراتهم، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد منذ الأيام الأولى لهذه الحرب التي استهدفت سورية بكل مكوناتها، فبقيت سورية وتآكلت هيبة أطراف التآمر والعدوان بجميع مفاصلها قادة ومخططين ومرؤوسين وأدوات تنفيذية، وما الأخبار التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن اندفاعة غير مسبوقة باتجاه بوابات دمشق إلا المؤشر الواضح على ارتفاع الضغط الشرياني عند أتباع تل أبيب جراء التبدل الكبير في درجات الحرارة التي عمَّتْ منطقة النقب في جنوب فلسطين المحتلة، وقبلها المياه الدولية في أكثر منطقة، وقد يكون الدخان الأسود أحياناً بشارة خير، فليس بالضرورة أن يتم انتظار الدخان الأبيض، وفي جميع الأحوال تبقى البوصلة التي لا تخطئ الاتجاه مرتبطة بالعلاقة بين الشعوب وقياداتها، وإذا كان هناك من قادة يودون التعلم واكتساب الخبرة فيمكنهم متابعة وقائع الزيارة التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد إلى عدد من المنشآت في مدينة حسياء الصناعية، واللقطات التي تم نشرها عن الزيارة ومقتطفات الحديث الغنية بالمعاني والدلالات، وقد يكون من المفيد التوقف عند عدد من النقاط المهمة، ومنها:
• البعد عن التكلف في اللباس والمشية وكل تفاصيل الجولة المنفذة، والدخول إلى أماكن العمل بين العمال، وإلقاء التحية عليهم، والتواصل الخلاق معهم.
• التواضع المزدان بثقة عالية بالنفس وبأبناء الوطن العاملين في تلك المنشآت، والاهتمام بهم، والاستماع إليهم، ومخاطبتهم بوضوح وشفافية.
• شرح الواقع القائم وآفاق المستقبل بجمل قليلة ومكثفة لكنها معبرة، وتستند إلى المنطق والمحاكمة العقلية، وقد يكون من المفيد التوقف عند قول سيادته:
(البلد الذي لا ينتج ليس بلداً مستقلاً، والعمل في ظروف الحرب إضافة إلى كونه شرفاً وأخلاقاً فإنه يصبح أيضاً دفاعاً عن الوطن).
فماذا يمكن أن نستخلص من هذه الجمل القليلة بالحجم، والزاخرة بالمعاني؟ وكيف يمكن ترجمتها عملياً على أرض الواقع؟.
باختصار شديد يمكن القول إن كلام السيد الرئيس المذكور أعلاه يجب أن يتحول إلى برنامج عمل يتصدر جدول أعمال جميع المسؤولين والمواطنين العاديين بآن معاً، فمن يحب وطنه وقائده لا يكتفي بالجانب النظري، بل يعمل على تحويل الأفكار والتوجيهات إلى خطط عمل قابلة للتنفيذ، وهي متعددة ومتشابكة وضرورية لكل من ينشد رسم معالم مستقبل أفضل، وسأكتفي هنا بالإشارة إلى بعض الأفكار والعناوين الرئيسة، ومنها:
1- الاستقلال التام والناجز مرهون بالإنتاج، وأي بلد يعتمد على المنتج الخارجي فقط هو بلد فاقد لاستقلاله، والإنتاج هنا بالإطلاق، وليس مقيداً بالمعامل والورشات، بل كل في مجال عمله: الفلاح في أرضه، والعامل في حرفته، والطالب بتحصيله العلمي، والمعلم وأستاذ الجامعة بإعداد الكوادر المؤهلة، والمقاتل بزيادة كفاءاته ومهاراته القتالية، والموظف في مجال عمله بغض النظر عن درجة المسؤولية التي يشغلها.
2- كما أن الإنتاج شرط للاستقلال فإن الاستقلال شرط للسيادة المرتبطة به، وكلما كان الإنتاج المحلي واسعاً ومتعدد الطيف كلما كانت الحاجة للخارج أقل، وكلما قلت الحاجة للخارج كلما كانت السيادة الوطنية محصنة وعصية على الاختراقات المحتملة.
3- الوطنية والمواطنة ممارسة بالأفعال لا بالأقوال فقط، فليس من أقام منشأة صناعية في حمأة الحرب على الوطن، كمن غادره مؤثراً سلامته الشخصية التي ثبت أنها غير مضمونة في الخارج، بل على العكس، وكثيرة هي الأصوات التي تؤكد التحسر على الانقياد وراء التضليل الذي تم استخدامه بكثافة، وكان سبباً مباشراً في تورط العديد بالمغادرة والندم على ذلك.
4- العمل شرف وأخلاق في جميع الأوقات، ومن يرى غير ذلك يسلم بالتخلي عن هاتين القيمتين الإنسانيتين الغاليتين على كل وطني يعتز بوطنيته وإنسانيته.
5- تحول العمل في ظروف الحرب إلى شكل من أشكال الدفاع عن الوطن يعني أن ترك العمل في ظروف الحرب يتحول إلى الضفة المعاكسة بغض النظر عن الذرائع والأسباب التي يمكن أن يسوقها، وهذا يجب أن يدركه الجميع، وإذا كان هناك من لا يستطيع فهم الصورة بهذا الشكل المترابطة، فمهمة النخب الثقافية والاجتماعية المبادرة لتوضيح ذلك بشكل تلقائي.
6- النتائج الإيجابية الكبيرة المترتبة على جولة السيد الرئيس التي اصطبغت بالحميمية والتواصل الخلاق مع كل من شملتهم الجولة ترتب أخلاقياً على الجميع الاقتداء والتمثل على شتى الصعد والمستويات، بما يساعد على مواجهة التحديات، وتحويل العديد منها إلى فرص، وهذا بحد ذاته يشكل حافزاَ إضافياً لتجسيد الإرادة الحقيقية لأبناء الوطن، والعمل على تعزيزها، والتعبير عنها بوضوح، وخير مكان لذلك هو صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية وفق التاريخ المحدد لأهم استحقاق دستوري بعد عشر سنوات من حرب شعواء لم تستطع مصادرة إرادة السورين، بل زادتهم تمسكاً بوطنهم، وإصراراً على الدفاع عن مقومات السيادة والكرامة مهما بلغت التضحيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى