أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

عن بدعة اليوم الوطني

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. حسين القاصد

بعد أكثر من ستين عاما على اتفاق العراقيين بأن يوم ١٤ / تموز/ ١٩٥٨ هو اليوم الوطني لجمهورية العراق ( الجمهورية العراقية سابقا)، أطل علينا السيد وزير الثقافة والسياحة والآثار (حسن ناظم عبد عبيد ) ليخبرنا أننا كنا على وهم وأن ثورة ١٤ تموز التي حولت العراق من مملكة إلى جمهورية لا تعد يوما وطنياً، وقد أفاد السيد ( ناظم عبد عبيد) من انشغال الناس بشغف العيش وعدم اكتراثهم لما يدور في السياسة، سوى بعض الممولين الذين يساندون هذه الحكومة المؤقتة التي من أهم واجباتها التهيئة للإنتخابات وليس تغيير تاريخ العراق.
المقترح الذي قدمه ويحتفل به ويروج له معالي الوزير حسن ناظم عبد، يعود لزمن الاحتلال البريطاني والوصاية التامة على مقدرات العراق.. فأين الوطنية من ذلك؟ وأي يوم وطني هذا؟
لقد سبق هذا اليوم المزعوم دستور ١٩٠٨ وهو أول دستور يشترك فيه عراقيون، مع ذلك ليس لنا أن نعده يوما وطنيا، لأننا الآن في نظام جمهوري، ويوم إعلان الجمهورية العراقية يوم خالد يؤرق السيد الوزير وحنينه للطبقية، وهو مخالف، بالنتيجة، لتوصيف العراق اذا كان جمهورية أم مملكة أم دولة تحت الوصاية.
ومن هنا لابد لنا أن نشير إلى أن حتى الطاغية المقبور صدام لم يجرؤ على عدم الاعتراف بتاريخ ثورة الزعيم قاسم يوما وطنيا؛ كما لنا أن نتساءل عن وصف رئيس الحكومة الحالي إذا احتفلنا بالملكية إن كان رئيسا أم ملكاً، فإذا كان رئيسا فجذره ويومه الوطني هو ١٤ تموز ١٩٥٨.. واذا كان ملكاً سننتظر عبد الكريم قاسم آخر!.
الثقافة ليس من مسؤوليتها العبث في الرواسخ الثوابت، بل مسؤوليتها إشاعة السلم المجتمعي لا إشاعة الفرقة.
فلم نسمع من نوري المالكي أنه طالب بتغيير اليوم الوطني مع ان جده ( أبو المحاسن) من شعراء ثورة العشرين.
ولم نسمع من عادل عبد المهدي الذي تنقل فكريا بين الشيوعية والقومية والإسلامية، أنه طالب بارجاع اليوم الوطني إلى الزمن الملكي مع ان والده من أنبل وزراء العصر الملكي وموقفه من سحب جنسية الجواهري الخالد كبير ومعروف، للحد الذي قال فيه الجواهري قصيدة مدح.
لماذا نغير يومنا الوطني؟ هل أنجزت وزارة الثقافة كل ما لديها؟ بعد أن عطلت انسيابية إصدار المجلات، وبعد أن أهملت الكثير من المطبوعات التي أقرها الخبراء ومررت مطبوعات انتقائية من دون خبير من بينها كراس( المثقف والسلطة) الذي صدر فجأة من دون خبير؟
أليس الأولى أن تهتم وزارة الثقافة بشؤونها وشجونها وتستوعب طلبات موظفيها، بدلا من اهتمامها بتغيير الثوابت والرواسخ.
ونحن على أبواب تموز، علينا أن نحتفل بيوم ١٤ تموز يوما لجمهوريتنا من دون اجتهادات لحظوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى