أحدث الأخبارالعراق

عن خلفيات عدم قيام (نواب حركة حقوق) باداء القسم في البرلمان هذا اليوم

*حين تكون المواقف السياسية أهم من الركض وراء المناصب*

كتب / سلام عادل

يبدو من الواضح أن (نواب حركة حقوق الخمسة) الذين كان ينبغي صعودهم للبرلمان هذا اليوم، والذين يتقدمهم رئيس الحركة المهندس حسين مؤنس، غير لاهثين وراء المناصب بقدر اهتمامهم بالسياسات التي تسعى الحركة لتحقيقها، وهي سياسات مغايرة تماماً لما يدور في العملية السياسية منذ تأسيسها عام 2003، لان سياسات حركة حقوق هي (سياسات مقاومة).

ولعل الجميع يعرف أن القوى السياسية الحالية ذاهبة باتجاه إعادة تكرار نفس المحاصصة، ونفس التوافق، ونفس التقاسم للـ(الثروة + النفوذ) بين اطرافها، وهو ما يعني عدم الاخذ بالاعتبار الخروج من دائرة السياسات التي فرضت على العراق من قبل الاحتلال، وهو ما يعني دوام الحال الاعوج الذي ليس فيه مصلحة للشعب ولا مصالح للوطن.

وكانت استقالات نواب الكتلة الصدرية قد فتحت الباب لصعود 73 نائباً جديداً للبرلمان، من ضمنهم (خمسة نواب) لحركة حقوق كانوا يستحقون الفوز منذ البداية، لكن قانون الانتخابات غير العادل، الى جانب عملية الانتخابات والعد والفرز وما شابها من تلاعب وتزوير قد حال دون ذلك.

ومع ذلك لم يركض اعضاء كتلة حركة حقوق كالعميان باتجاه الحصول على استحقاقهم، لانهم يضعون في اعتبارهم خلال عملهم السياسي عدة اعتبارات، على رأسها أن العمل في السياسة ليس الغرض منه السياسة وحسب، وإنما تغيير السياسات لتحقيق اهداف انسانية ووطنية واخلاقية لطالما كانت غائبة عن قاموس العمل السياسي في العراق، وعلى خلاف ماهو سائد في الاوساط العراقية المعتاد على ترديد مقولة (السياسة فن الممكن) !، ولكن لا أحد يتساءل ما هو الغرض من هذا الممكن ؟ و هل السياسة لتقاسم الحصص والمصالح بين الاحزاب فقط ؟!.


ومن هنا جرى تأسيس حركة حقوق لتكون نوعاً مغايراً في العمل السياسي، تستلهم مواقفها من عمقها الجهادي، وباعتبارها نوعاً أخلاقياً في مواجهة وسط براغماتي لا يرى ابعد من مصالحه الغارقة بالأنانية، وغير المبالية بما يعانيه ابناء الشعب العراقي من نقص هائل في الخدمات والأمن والكرامة، وأدنى الحقوق التي يستحقها المواطن في أي دولة في العالم.

ولهذا تردد نواب حركة حقوق في الذهاب مع الاخرين لاداء القسم النيابي كبدلاء عن نواب التيار الصدري المستقيلين، لان اغتنام مقاعد الصدريين بحد ذاته ليس عملاً ذا قيمة، خصوصاً في حال صارت عملية استبدال النواب جسراً لاعادة تكرار نفس الممارسات السابقة للقوى السياسية، وهو ما يبدو عليه الحال حتى اللحظة، وسيكون أمراً مؤسفاً بالتأكيد، فبعد كل هذا الطحن نجمع طحيناً فاسداً، وهو لعمري من أسوأ الأعمال والافعال.

وفي كل الأحوال ينبغي أن لا يركب الجميع في سفينة القراصنة، مهما كانت الشعارات المرفوعة على السارية، من قبيل (الشراكة) أو (التوافق) أو (التوازن)، لانها شعارات مجربة، والمجرب لا يجرب كما يقول المرجع الاعلى، ويبدو ان حركة حقوق ترى في ذلك رؤيا خاصة، او ربما رؤيا استباقية لما سوف تذهب اليه التفاهمات السياسية من تقاسم للمصالح دون ان يكون للمواطن حصة فيها حتى ولو كانت حصة فأر.

“الميت ميتنا ونعرفه” كما يقول المثل العراقي الدارج، ولهذا يبدو أن حركة حقوق قد اختارت ان تكون عزيزة نفس وسط حفلة اللاهثين، وهو خير من ترديد القسم بالمجان لصالح من هب ودب من الطامعين، والتحديات لم تنتهي بعد سواء التي في الجبهات او في الشوارع، والايام القادمة حبلى بالمنغصات لن يغير واقعها تحايل جوقة المطبلين.

*السياسة مواقف قبل ان تكون مصالح.. اليس كذلك ؟.*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى