أحدث الأخبارفلسطين

غزة لا تحاربي

منذ توقيع اتفاق أوسلو 13 سبتمبر/ أيلول 1993، ومنذ اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بشرعية كيان العدو على أكثر من 78% من أرض فلسطين، دون استشارة أو استفتاء الشعب الفلسطيني، وخلافا لرغبة الغالية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني، الذين كانوا يعولون على أن تفتح لهم منظمة التحرير بوابة العودة إلى فلسطين، وليس شرعنة اغتصاب وسرقة العدو لوطنهم وأرضهم وبيوتهم ومزارعهم وحتى مهود أطفالهم.
منذ ذلك الوقت والعدو يستند إلى هذه الاتفاقية وإلى هذا الاعتراف بشرعية كيانه، وهو لا يوفر فرصة لمواصلة ممارسة كافة الجرائم التي سرق بها معظم أراضي فلسطين وثرواتها ومقدراتها.
الغريب أن منظمة التحرير التي تنكرت لميثاقها، وخانت عهدها مع الشعب الذي فوضها للدفاع عن مصالحه، أنها منحت الاعتراف بالعدو وشرعنة جرائمه وانتهاكاته، دون الحصول على اعتراف من العدو بحق الشعب الفلسطيني حتى فيما تبقى من أرض فلسطين، وترك هذه المساحة التي تقل عن 22% رهن التفاوض، فيما شطبت اهم ثوابت القضية الفلسطينية كاللاجئين والقدس، بحجة ترحيلها للتفاوض مستقبلا، في الوقت الذي بدأ العدو فيه ومنذ ذلك الوقت في صنع واقع جديد تنعدم معه أية فرصة لإقامة حتى دولة قزمة محاصرة بين النهر والبحر
فيما باتت القدس والمسجد الأقصى رهينة التدنيس والتهويد، وتصاعد مخاطر السيطرة والهدم تمهيدا لإقامة هيكلهم المزعوم، وما موسم ذبح القرابين إلا مقدمة لهذه الاستباحة التي من الجريمة الصمت عليها أو تمريرها تحت أي ظر كان.



الأغرب أن السلطة التي لا تحظى بتأييد إلا بعض المستفيدين منها، تواصل جريمة التنسيق الأمني، فيما يصر رئيسها على عدم ربط التنسيق الأمني بنجاح أو فشل التفاوض مع الكيان، وجعل التنسيق الأمني مقدس، ببساطة لأن التنسيق الأمني بات المهمة الأساسية لهذه السلطة، وبقاءها على قيد الحياة بات مرتبطا بمواصلة استمرار هذا العار.
وعليه، فان هذه السلطة التي جاءت خلافا لرغبة اغلبية الشعب الفلسطيني، لا يمكن التخلص منها، أو على الأقل اجبارها على العودة عن الاصطفاف إلى جانب العدو، إلا بحراك جماهيري واسع، ضد العدو الصهيوني، والذي يمكن أن يتطور إلى مواجهات مسلحة.
غير أن المؤشر على توسع اعتداءات العدو والمغتصبين على الفلسطينيين، يؤشر إلى أن الأحداث مرشحة للتطور مالم تتدخل السلطة لمساعدة العدو في فرض السيطرة على الضفة الغربية.
وتبقى القدس والمسجد الأقصى تحديدا كلمة السر في احتمالية تصاعد الأحداث وانتشارها، وخاصة إذا تواصل مسار التصعيد الصهيوني باتجاه تطبيق الطقوس الصهيونية فميا خص ذبح القرابين في اباحت المسجد الأقصى.
لا يعرف حقيقة الموقف الصهيوني من غزة، هل يريد جرها إلى المواجهة من خلال هذه الجرائم، أم يعول على أن غزة مردوعة من معركة سيف القدس التي لما تلتئم جراحها بعد، ولن تجازف بالدخول في جولة جديدة ما لم تكن القدس عنوانها، كي تضمن وقوف جماهير الامة واحرارها معها، لما لها من رمزية وبعد ديني.
لذا يعتقد على نطاق واسع أن من الخطأ دخول غزة على خط الأحداث في الضفة، خاصة في هذه المرحلة، وذلك لإعطاء المقاومة الشعبية المتنامية في الضفة كامل الفرصة، لتتطور وبشكل طبيعي نحو انتفاضة مسلحة، خاصة وأن نجاح السلطة والاحتلال في تفكيك غالبية البنية العسكرية لحركات المقاومة على مدار السنوات الماضية، بحاجة إلى فترة زمنية لاستعادة بنيتها وثقتها بقدرتها على الانطلاق من جديد.
وعليه ينصح الخبراء بأن تبقى غزة ظهير سياسي وتعبوي وأمني واعلامي للمقاومة في الضفة بكافة الأشكال والفنون، على أن يبقى الاسناد العسكري لها في إطار التلويح والتهديد كي لا يتمادى الاحتلال في عدوانه، وإعطاء المقاومة في الضفة اسناد معنوي ومساحة زمنية كفيلة بالقدرة على توظيف بنيتها العسكرية المقاتلة بأفضل شكل.
على أن تدفع كافة الأطراف في غزة والضفة وحتى الداخل المحتل باتجاه مزيد من العمليات الفردية الكفيلة بإرباك واشغال أجهزة العدو التي باتت تفقد بوصلة الملاحقة لذئاب منفردة ليسوا على لوائح المطلوبين لديها.



فيا غزة لا تحاربي ما لم تكن المعركة شاملة لجميع الجبهات.
لا تحاربي ما لم يكن تحرير مدن ومناطق في الغلاف على جدول الأهداف.
لا تحاربي ما لم يكن دخول ما يسمى بمحور المقاومة ضمن خطة الحرب.
غزة لم تمل المقاومة، ولكن عليها استخلاص العبر، والتعلم من التجارب السابقة
فغزة يجب ان لا تنزف وحدها، ولا تحارب وحدها، وألا تنتصر وحدها أيضا ففلسطين للجميع.
وعلى المقاومة العمل على توزيع الاثقال والأدوار بين مختلف الساحات بما يحق الأهداف في التحرير والعودة
فقد ولى زمن الاستنزاف الذاتي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى