أحدث الأخبارفلسطين

فلسطين:دعوة هنية للمصالحات… تحصين للأمة بما يجمعها

العصر-في مبادرة مكررة ولكن بأشكال مختلفة، وجهت حماس على لسان زعيمها إسماعيل هنية دعوة للمصالحات في المنطقة العربية، باتجاه توحيد قواها في مواجهة أعدائها الذين يستهدفون عوامل قوتها وتماسكها.

لكن يبدو أن العدو الذي أدرك أهمية مبكرأً خطر وحدة الأمة على وجوده، قام بالكثير من الخطوات الاستباقية كي يضمن تفتيت الأمة ثم توحيدها ولكن باتجاه خدمة مصالحه ومخططاته في توسيع كيانه سياسيا ليغطي كامل المنطقة العربية.

فها هو العدو ينجح وبمساعي وأيادي أمريكية في توحيد العرب على مائدة المملكة السعودية الذين التقوا على قصعة التطبيع، وما علموا أنهم هم القصعة وأن أمريكا ومن خلفها كيان العدو هم الأكلة.

توجه الحركة الإسلامية المجاهدة نحو بذل مزيد من المساعي لتوحيد الأمة ليس منبعه التحولات الكبيرة التي تعيشها المنطقة فحسب، بل هو توجه ثابت في استراتيجية هذه الحركة التي تمد أذرعها الجامعة والمجمعة إلى مختلف دول العالم العربي والإسلامي.

تبعات العشرية التي شهدت تغول الأنظمة القمعية على شعوبها ممتطية صهوة الربيع العربي في هجمة مرتدة على البنى الاجتماعية والدينية، جعل هذه الأنظمة تقود وترعى دعوات الانحلال والتنصل من الأخلاق التي تميزت بها المنطقة العربية عن الغرب الذي يشهد انحلال يعاكس الفطرة السليمة ويهدد بانقراضه.


علم العدو انه لن يتسنى له قيادة وحدة مشتركة مع الأنظمة العربية دون أن ينجح في اعادة تفكيك وتركيب المنطقة بما يتماشى مع المخططات الاستعمارية الموضوعة، وهذا بدورة لن يتسنى له تحقيقه دون أن يضمن تفكيك البنية الأخلاقية والقيمية للمجتمعات والشعوب العربية، كي تقبل كل ما يتعارض مع المبادئ الأخلاقية والقيمية النابعة من منطلقات اسلاميتها ووحدة دينها وقبلتها ونبيها وثوابتها، التي تحول دون قبول وجود كيان العدو فضلا عن التطبيع او التشارك معه، ما يشكل تهديداً مستمرا على وجود كيانه.

من هنا تبرز دعوة حماس التي عبر عنها هنية باعتبارها الحل الأكثر جدوى والأقل تكلفة في المعركة الممتدة التي تخوضها الأمة مع أعدائها، لاسيما في ظل موازين القوى المختلة لصالح القوى المعادية للربيع العربي ولنهضة الأمة من كبوتها، والتي تبذل كل ما تستطيع وتجند كل قواها للحيلولة دون استعادة الامة العربية والإسلامية لعوامل قوتها لتستحق قيادة المنطقة من جديد.

ومن هنا أيضا جاء توجه حماس الذي ترجمه تصريح هنية باعتبارها تأكيداً على التوجه التاريخي للحركة الإسلامية للحفاظ على ما تبقى من مناعة المنطقة العربية وشعوبها اجتماعياً وسياسياً، أخلاقياً وقيمياً، فمن التكتيكات السياسة الناجحة توظيف البعد القومي للشعوب للحفاظ على هوية المنطقة وارثها العروبي والإسلامي في مواجهة المشروع الصهيوني لتفتيت المنطقة.

ومع الفشل الذي سجلته قوى الحرية في جميع دول الربيع العربي، باتت حركة حماس كحركة مقاومة وتحرر وطني ذات بعد عربي واسلامي تمثل رأس حربة في مواجهة مشروع العدو لتفتيت المنطقة قوميا واثنيا وطائفيا، وإعادة تركيبها بما يخدم مصالحه.

حماس التي باتت تدرك موقعها كفرس رهان باتت تصنع من نفسها بما تمتلك من مؤهلات لجمع المتناقضات وفتح قنوات التواصل بين مكونات الأمة المختلفة، جسراً لتجميع وتقرّيب المختلفين والمتخالفين في المنطقة العربية، على القواسم المشتركة التي طالما جمعتهم ووحدتهم، لمواجهة المشروع الغربي لتذويب وتمييع هوية المنطقة العربية والإسلامية لصالح نزعات طائفية واثنية تقسيمية وتفتيتية، تمهيدا لدمج العدو الصهيوني في ها الخليط المصطنع.

دعوة هنية وتوجه حماس الأصيل والعميق، يضع حماس أمام تحدي النجاح في تحقيق هذا الهدف النبيل، ما يفرض عليها العمل على توظيف كل ما تملك من قنوات تأثير واتصال، لناحية تجنيد اكبر قدر من قوى الامة وشخصياتها المؤثرة للانخراط في مشروع المصالحات، بما يحفظ الامة من التفتيت، ويجمع قوتها باتجاه مواجهة مشاريع العدو التي تستهدف وحدتها، دينها أخلاقها وقيمها الإسلامية الثابتة، والتسرب من خلال شقوق الخلاف والفرقة ليندمج في المنطقة التي لابد ستلفظه كجسم غريب لا يمت للامة بصلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى