أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

فلسطين بين الفشل والتغيير

مجلة تحليلات العصر - عماد عفانة

طالما ارتبط التغيير بالفشل، وهو ارتباط فطري، وليس اداري فقط.
فاذا سرت في طريق وفشلت في الوصول الى هدفك فعليك تغيير الطريق، واذا ركبت دابة وفشلت في ايصالك الى هدفك فيجب تغيير الدابة لضمان الوصول، هذه بديهيات حياة وليست استنتاجات او اختراعات او نظرية جديدة.
انطلقت حركات وفصائل المقاومة الفلسطينية منذ عشرات السنوات لتحرير فلسطين، وتتوالى الاعوام على فشلها في الوصول الى الهدف، وعوضا عن تغيير الطريق او الوسائل او المسؤولين عن هذا الفشل يغطون على فشلهم بالاحتفال كل عام بهذا الفشل تحت عنوان الاحتفال بالانطلاقة، وينفقون كثير من الاموال للامعان في تضليل البسطاء.
اذا كانت فصائل المقاومة عاجزة ومنذ نحو 15 سنة تقريبا عن احياء المقاومة في الضفة الغربية المحتلة ساحة الصراع الرئيسة، فكان يجب أولا تغيير المسؤولين عن هذا الفشل، ثم تغيير الوسائل والطرق المتبعة لإحياء المقاومة هناك، لكن أي من فصائل المقاومة لا يفعل ذلك، وبما أن المقدمات المتشابهة لا تصنع نتائج مختلفة، فان السياسة الادارية غير السليمة في ادارة الملفات التي تتعلق بمصير ومستقبل الوطن، وبعيدا عن سياسة المحاباة والمجاملات، يجب ان تتغير بشكل جذري ودقيق ومدروس لتحقيق نتائج مختلفة.
اذا كانت الفصائل عاجزة عن تحقيق المصالحة الفلسطينية لإعادة اللحمة للضفة وغزة ولا نقول شقي الوطن لأن الوطن أكبر من ذلك بكثير، فكان يجب على هذه الفصائل اتباع مقاربة مختلفة، قد تكون صعبة وشاقة، لكنها كفيلة في شق طريق أكثر وضوحا لإتمام شروط الوحدة، فالتوحد مع أدوات الاحتلال وهراوته في الضفة، والتوحد مع من لا يملكون قرارهم، يتطلب محددات خطاب وتعامل مختلف يتناسب وحجم الجرم المرتكب في حق الشعب والوطن.
فشلت الفصائل في كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ نحو 15 سنة، وعوضا عن تغيير المسؤولين عن هذا الفشل المتواصل، وتغيير السبل والوسائل المتبعة في كسر هذا الحصار، يتم تدوير هؤلاء المسؤولين، واتباع ذات الوسائل والسبل، ثم يتوقع بعض البسطاء كسرا للحصار.
من يفرض الحصار على غزة بات معروفا سواء فلسطينيا او عربيا ومن فوقهم العدو الصهيوني، الأمر الذي كان يتطلب مقاربة مختلفة في التعامل مع هذه الأطراف، مقاربة تستدعي استثمار كافة أوراق القوة التي نمتلكها، بحرفية ودهاء، استثمار كفيل بتدفيعهم ثمن ثقيل جراء كل يوم من أيام الحصار القاسية، دون الاعتبار لمصالح او منافع او امتيازات شخصية او حزبية.
تتغنى بعض القوى والفصائل بأنها تتبع طرق ديمقراطية في اختيار قادتها، وهو شيء جيد، لكنها ديمقراطية منقوصة، فمن لا يتم انتخابه بناء على برنامج عمل يتيح محاسبته او على الأقل الحكم عليه بالنجاح او الفشل بعد انتهاء دورته الانتخابية، فعلى أي أساس سيتم، هل أساس جمال وجهه، أم قوة حنجرته الخطابية، أم تمتعه بسمعة وصيت لدى الدول والقوى الأخرى!.
الناظر من علٍ للقضية الفلسطينية، وللأطراف العاملة لها والمرتبطة بها، يرى الجميع وكانه يدور فيما يشبه الدوائر المتوالية، وكأن الجميع يدور في دوامة كبيرة، تتحكم فيها قوى كبيرة، لكنها دوامة تدور بعيدا عن الوصول إلى التحرير.
وكأن تحرير فلسطين والمقاومة فيها، باتت أشبه بعملية استثمارية يعتاش الأغلبية من فتاتها، فيما لا تكاد تجد حريصا على انهاء هذه العملية بالوصول الى الهدف.
الصهيونية التي خططت لإقامة كيان العدو على أرض فلسطين، رسمت لتحقيق هذا الهدف خطة محددة، ووضعت لتنفيذها سقفا زمنيا التزمت به حرفيا، وحددت الوسائل والسبل الكفيلة بتحقيق الهدف، فوصلت لما تريد.
لكن فلسطينيا لا تكاد ترى خطة وطنية واضحة لتحرير فلسطين، بما انه لا توجد خطة فلن ترى سقوفا زمنية، كما لن تلمس طرق ووسائل محددة لتحقيق الهدف.
قد يكون لكل فصيل خطته الخاصة، لكن الخطط المختلفة ما لم تعمل وفق خطة وطنية شاملة وواضحة، فإنها حتما ستتضارب وتختلف، وستعيق بعضها ولن توصلنا الى الهدف ابدا.
وما لم يلعب أحد الفصائل الكبيرة دور الأب، ويقوم بجمع مختلف قوى المقاومة والفصائل على خطة واحدة، وواضحة، وذات سقف زمني محدد، وبوسائل أساليب واضحة، وبتوزيع مهام كفيلة باشراك الجميع، فلن نرى لفلسطين لا تحريرا ولا حرية قريبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى