أحدث الأخبارمحور المقاومة

فلسطين على مفترق التحرير

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد شكر

هل حصل في التاريخ القديم أو الحديث أن دولة مستعمرة أنهت استعمارها بطلب خارجي أممي أو مراضاة لأحد ما، أم أن خروج المستعمر كان بقوة السلاح وحرب العصابات؟ أو هل سمعتم بدولة تحتل أرض الغير وأنهت احتلالها وتخلت طوعًا أو بحسن نية؟
حتماً لا فكل المستعمرين والمحتلين خرجوا من أراضي الغير بالثورات والكفاح المسلح والتضحيات الشعبية، ولا يهم تفاوت حجم القوة، فقد بدأت الثورة الجزائرية بغضب من عدّة أفراد بعد أن كان الاستعمار الفرنسي الجاسم على صدور الجزائريين لأكثر من مئة عام واستطاعوا طرد المستعمر وتحرير أرضهم من الداخل، والفيتناميون أيضًا استطاعوا تحرير أرضهم بعد أن دفعوا خسائر بشرية تجاوزت نصف الشعب الفيتنامي فطردوا المحتل الأمريكي من بلادهم وتحرروا.
صحيحٌ أنّ القضية الفلسطينية مختلفة عن قضايا الدول الأخرى التي كانت مستعمرة بفارق أن الفرنسي كان يستعمر ويقتل ولم يدّعِ أن الجزائر تاريخياً هي تعود لأجداده الفرنسيين القدامى، والأميركيون دخلوا فيتنام من أجل إحداث توازنات وسيطرة ونفوذ، ولكنهم لم يدّعوا أن الأراضي الفيتنامية ملك أجدادهم ولهم فيها هياكل ماسونية أو تماثيل للحرية أضاعوها ويفتشون عليها،
كما يحصل في فلسطين المحتلة من قبل شذاذ آفاق أتى بهم البريطانيون وسهّلوا مهمتهم ليستولوا على أراضي الفلسطينيين ويسلبونهم أملاكهم بالكذب والتزوير والسرقة ويقوموا بتهجيرهم من أرضهم بتواطؤ عربي وأوروبي.

التأخير الفلسطيني والعربي من دعم سكان الداخل بالسلاح والعتاد وتشكيل مجموعات صغيرة تنكل بالمحتل الصهيوني منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان سببًا قاتلاً في تأخير التحرير مما أتاح للعدو الصهيوني التمكن وبناء كيانه وتشكيل تهديدٍ لفلسطين ومحيطها كون هذا العدو يضع نصب عينيه أهدافًا توسعية،

أما ما كان يحصل في الخارج فهي تشكيلات عسكرية سمّوها ثورات وفصائل وكلٌ منها يُغني على ليلاه، ولو أن تلك الإمكانيات التي حصلت عليها الثورة الفلسطينية خلال السبعينات والثمانينات التي كانت تُضاهي ميزانيات وإمكانيات دول قد أرفدت الداخل المحتل بجزء منها ليركزوا على العمل الفدائي، حتماً كانت ستتغير المعادلات.
فاليوم الذي يحصل في فلسطين هو على السكة الصحيحة لمشروع التحرير من انتفاضة الحجر إلى البندقية إلى السلاح المتطور والصاروخ البعيد المدى الذي يضرب معاقل المحتلين، وهذا ما كانت تحتاجه فصائل الداخل أن تمدهم أي قوة إقليمية بالعتاد والسلاح وبطرق سرية وبدون ضجيج.

فخلال السنوات القريبة المنصرمة عندما كان يمعن العدو الصهيوني بإعتداءاته الجوّية على الأراضي السورية ويستهدف السوريين والإيرانيين ، ولمرات متتالية لم تكن الردود بحجم العدوان ، فكانت تأتي التساؤلات أين الرد وأين توازن الردع وأين الكرامات وإلى آخره، فما كان على الإيرانيين والسوريين سوى استيعاب الضربات ويعلنون بأننا نحتفظ بحق الرد، لأنهم كانوا يُراكمون الحسابات.
وهنا يجب علينا أن نضع الأمور أمامنا ونشرحها كما يجب، لنفترض أن سوريا أعلنت الحرب على الصهاينة وبدأت برمي الصواريخ ، وأن المقاومة من لبنان بدأت بقصف الكيان الصهيوني.

جميعنا نعرف أن الكيان الصهيوني هو من دول الناتو كما تركيا وأوروبا وأمريكا، فعند إعلان الحرب على الصهاينة لتحرير فلسطين هناك استراتيجية محسوبة لدى محور المقاومة بأن الجميع سيتحرك لنصرة الصهاينة، وأي ذهاب للحرب بخطوات غير محسوبة لأي حرب مفتوحة يحتاج لعدة عناصر يجب النظر إليها، منها تدخل الناتو من البحر والقواعد الغربية وهذا أيضًا يحتاج لدراسة كيف سيتم التخلص من تهديد القواعد وعزل العدو الصهيوني ومنعه من إقامة الجسور الجوية الغربية، ويجب أن نضع بالحسبان موقف الروس في حال نشبت الحرب،

إنما في حالة الحرب الدائرة بين الشعب الفلسطيني والصهاينة الآن ولو استمرت مئة يوم لن نرى تدخل ناتو أو غيره، وسيبقى الأمر محصوراً بين مقاتلي الشعب الفلسطيني والمحتلين الصهاينة، والذي نحن مُتيقنون منه أنّ الأخوة جميعاً في محور المقاومة لم يبخلوا خلال السنوات الماضية عن تزويد الشعب الفلسطيني في الداخل بكل ما يحتاجه، ولسنوات قادمة أيضاً هناك احتياط بفائضٍ من السلاح والصواريخ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى