أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

فلسطين والحاجة إلى مظلة جامعة للشعب والمقاومة

مجلة تحليلات العصر الدولية - عماد عفانة

أسوأ ما حدث للشعب الفلسطيني في عصر محمود عباس، أنه أفرغ المظلة الجامعة للشعب الفلسطيني الممثلة بمنظمة التحرير، والمعترف بها دوليا من مضمونها الوطني، وان بقيت الممثل الرسمي، ولكنها في الحقيقة باتت لا تمثل الا الفريق المهيمن عليها، والمستفيد ماديا ومعنويا من هذا التمثيل، الأمر الذي أفرغ الساحة من ممثل حقيقي قادر على التعبير عن الهم الفلسطيني في مختلف الساحات، فضلا عن توجيه هذه الساحات بشكل تكاملي وتضامني مؤثر في إطار المقاومة، التي ما انطلقت المنظمة إلى للوصول بها إلى التحرير المنشود.
تعرض الشعب الفلسطيني منذ انشاء منظمة التحرير في ستينيات القرن الماضي إلى الكثير من المحن والحروب والمجازر، بدءً من أيلول الأسود، مروراً بحرب لبنان 1982 ومجازر تل الزعتر وصبرا وشاتيلا، ونفي المقاومة من لبنان، وليس انتهاءً بانتفاضة الحجارة 1987، لكن كل ذلك لم يثنهم ولم يفت في عضده، ولم يضعفه كما يفعل محمود عباس بتغييبه منظمة التحرير وتجريف أثرها وتأثيرها على الفعل والقيادة الحقيقية.
وهذا في الحقيقية السبب الرئيسي الذي يقف خلف رفض محمود عباس المطلق، إعادة بناء منظمة التحرير، لناحية دخول الكل الفلسطيني اليها وخاصة حركتي حماس والجهاد، لتصبح أكثر تمثيلا، وأكبر قدرة على القيادة والتوجيه لمختلف ساحات النضال الفلسطيني، بما يكفل تحقيق الأهداف الوطنية.
تتعرض مختلف الساحات الفلسطينية لكثير من المحن، فساحة غزة تتعرض لحروب وعدوان وحصار مستمر، دون أثر أو تأثير لمنظمة التحرير في الدفاع عنها، فضلا عن اتهام رئيسها بالمشاركة في تأبيد حصارها لأهداف لا علاقة لها بالوطنية ولا الانسانية.
وساحة الضفة والقدس والضفة المحتلة، التي تتعرض لاستباحة متزايدة، وتهويد وابتلاع ومصادرة وتغيير جغرافي وديموغرافي، وعدوان مستمر بمختلف الأشكال والأنواع، وسط غياب منظمة التحرير في الدفاع عنها، فضلا عن مشاركة السلطة التي أنشأت بقرار من المنظمة في التماهي مع مخططات الاحتلال في قمع المقاومة لتسهيل تمرير مخططات العدو.
وفي ساحة الداخل 48 التي تتعرض لاستفراد صهيوني مطلق، والتي كان آخرها العدوان على قرى وقبائل النقب، قتل وقمع ومصادرة وتهجير جديد، في ظل غياب تام لصوت وأثر منظمة التحرير التي لسان حال رئيسها “هذه أراضي إسرائيلية وهم أحرار في كيفية التصرف بها”.
وساحة مخيمات الشتات فحدث ولا حرج، فقد تركتهم منظمة التحرير في اعقاب توقيع اتفاق أوسلو 1993 نهبا للإهمال والذوبان، وكأيتام على موائد اللئام، فلا تمثيل لهم، ولا حتى أي نوع من الدعم الحقيقي لإسناد صمودهم، والمحافظة على كينونتهم كلاجئين مرابطين على حدود العودة، وكأن الرهان يدور على الزمن لتذويبهم والتضييق عليهم معيشيا واقتصاديا، لدفعهم الى الهجرة من جديد الى مختلف دول العالم وتجفيف المخيمات.
الأمر الذي يبرز الحاجة أكثر فأكثر إلى مظلة فلسطينية جامعة للشعب والمقاومة، مظلة قوية تحمل همه، وتدافع عن حقوقه، وتوجه جهوده، وتدفع باتجاه خلق بيئة تضامنية كفيلة بتوحيد قواه، مظلة تحرص على أن يواجه الشعب الفلسطيني العدو وكأنه كتلة واحدة، سواء كان في النقب أو أم الفحم، أو كان في غزة أو نابلس أو اللد أو حتى عكا، فجنين كرفح، والنقب كالقدس، والجليل كالخليل لا نفرق بين شب وشبر من الوطن.
وفي ظل هذا الاستعصاء السياسي الذي تمر به القضية الفلسطينية، جراء تمترس عباس وفريقه خلف خيار اختطاف منظمة التحرير، واحتكارها، والوصاية على قراراتها، فان التعويل كل التعويل بات على قوى المقاومة، التي بات عليها جمع شتاتها، وتوحيد صفوفها، لجهة صناعة مظلة ثورية جامعة للكل الفلسطيني، ذات ميثاق وطني شامل، وسقف مفتوح للالتحاق بها، وأهداف واضحة ومحددة بأسقف زمنية، وخطط وبرامج لا تعتمد على المحاولة والتجريب.
المقاومة اليوم امام تحدي الخروج من حالة القصور الذاتي، لناحية أخذ زمام المبادرة لصنع واقع جديد، غير مرتهن لإرادة عجوز المقاطعة ونزقه، والتوقف عن سياحة المصالحة الكاذبة من عاصمة عربية إلى أخرى، في ظل غياب الإرادة الحقيقية من محمود عباس الذي بات قراره مرتهنا لإرادة واشنطن وتل ابيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى