أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

في الذكرى السنوية 32 لرحيل الإمام الخميني (قده)

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين

في الذكرى السنوية 32 لرحيل الامام الخميني (قده) مفجّر وقائد الثورة الإسلامية في إيران، نستعرض بعضا من مزايا وعطايا هذه العالم الجليل، التي كانت غائبة أو خاقية عن الكثير من الناس قبل موته، تكريما وتعظيما ووفاءً لجهاده وإسهماته وعطاءاته.. الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية في الثالث من حزيران 1989، وانتقلت روحه الطاهرة الى ملكوت السماوات حيث اراد خالقها ان تكون في عالم الغيب والشهادة، والله تعالى يقول: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. ويقول رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله): “موت العالم مصيبة لا تجبر وثلمة لا تسد، وهو نجم طمس، وموت قبيلة أيسر من موت عالم”.
يعتبر الامام الخميني (قده) من أهل العرفان والإصلاح ومن ابرز العلماء والمراجع الكبار، فكان فقيها عادلا من فقهاءِ مدرسة أهل البيت (ع)، وورعاً تقيا، وزاهداً عرفانيا، وحكيما بصيرا في الدنيا.. الذي أجتمعت في شخصيته سمات ملكوتية ربّانية وصفات اخلاقية سامية راسخة في السُمعة والشُهرة.. جعلته محط أنظار العالم قادة وأنظمة وساسة، فوضَعَ حياته ملكا للشعوب ورقبتهُ جِسراً للناس جعلته يسكن خالدا في قلوب الملايين من أنصاره ومحبيه ومريديه.. مصداقا لقول النبي محمد (ص): ” العلماء مصابيح الأرض، وخلفاء الأنبياء، وورثتي وورثة الأنبياء”.
رحل الإمام الخميني (قده) عنا بعد ان ترك لنا الكثير من العطاءات والعديد من الإنجازات الهامة التي شكلت منعطفا مهما في حياة شعوب المنطقة ومحطات مضيئة في تاريخ العالم الحديث، وتطورا كبيرا في تاريخ الامة العربية والاسلامية من أبرزها:
بناء دولة إسلامية واعدة، شكلت مرجعا دينيا سياسيا تتبع نظرية ولاية الفقيه، وتاريخا عظيما من الجهاد والاحداث البطولية والمؤلفات القيّمة والمواقف الخالدة، وتراثا فكريا وثقافيا اصيلا، ومنهجا اصوليا لترسيخ الوحدة الاسلامية، وإلهاما لتأسيس حركات ثورية تحررية..
هذه الإنجازات العظيمة اسست لبناء دولة إسلامية مستقلة حديثة لا شرقية ولا غربية، امتلكت القوة والاقتدار والقدرات الصناعية والعسكرية والخبرات التصنيعية والانتاجية والعلوم والبحوث المتطورة، مما مكّنتها ان تصبح من اقوى الدول في المنطقة والعالم، رغم الحصار الاقتصادي والعقوبات الامريكية الظالمة والمؤامرات الخبيثة الحاقدة من قبل أنظمة الغرب وحكام وانطمة الخليج على مدى 42 سنة…
هذه الاسس العلمية والمفاهيم الحضارية والاخلاقية التي مهّد لها الامام الخميني (قده) هي التي أنارت الطريق امام الشعوب والاجيال القادمة للنهوض، وأدّت الى نشوء صحوة إسلامية عالمية عامرة.. ومهّدت الدرب أمام الصالحين والمؤمنين، وربّت أجيالا من الثائرين والمجاهدين والمقاومين للسير بخطوات حثيثة على خط الأبرار وشعلة الأحرار اقتداءً بثورة الامام الحسين (ع)، ونهج أهل البيت (ع)، وعلى خط مداد العلماء وفداء الأولياء ودماء الشهداء..
كما مهّد هذا الوعي الثوري والفكر التحرري – الذي تخطى فضاؤه آفاق وحدود إيران – لإنشاء محورا مقاوميا عالميا وممانعا سياسيا للدفاع عن الشعوب المستضعفة والمظلومة والمغلوب على امرها من قبل حكامها وملوكها الطغاة والظالمين الذين رهنوا مصيرهم بمصير قوى الاستكبار العالمي أمثال آل سعود وآل خليفة وآل زايد.. هذا المحور المقاوم – الذي تقوده إيران وحلفائها في منطقة غرب آسيا – خاض الكثير من معارك الإرهاب والتكفير والتقسيم والحصار والحروب المفروضة وأفشل العديد من المشاريع الامريكية الصهيونية التدميرية التي استهدفت إسقاط الحكومة الإسلامية في إيران، والحرب الكونية لاحتلال سوريا، وحرب الإرهاب الداعشية لاحتلال العراق ولبنان، و”صفقة القرن” المشؤومة، و”خيانة التطبيع” العربية مع الكيان الصهيوني، وحرب تحالف قوى العدوان السعودي الاماراتي على اليمن..
وبفضل الله تعالى والجمهورية الإسلامية في إيران، فقد أستطاع هذا المحور المقاوم ردء الاخطار والتحديات والتهديدات عن الامّة العربية والإسلامية.. وحقق العديد من الإنجازات والانتصارات لشعوبهم بدءاً من تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني في 25 أيار/ مايو 2000.. وصولا الى إنتصار المقاومة الفلسطينية في غزّة على العدو الصهيوني في 21 أيار/ مايو 2021.. وفي سبيل تحقيق هذه العزّة والكرامة والسناء والتحرير والنصر والآباء.. قدم هذا المحور المقاوم الكثير من الدماء الذكية والتضحيات الجسام.. وخسر العديد من أبرز مفكريه وقادته ومجاهديه شهداء على درب الانبياء والفداء ضد الظلم والهيمنة والعبودية والاستبداد والعتو والطغيان والاستعباد.. أمثال الشقاقي والعياش والعماد والقنطار.. والقائدين سليماني والمهندس والعالم محسن زاده..
وختاما، أضع بين أيديكم آخر الكلمات التي خطّها العرفاني صاحب البصر والبصيرة النافذة القائد الامام الخميني (قده) قبل رحيله:
___________
“والآن، فإني أستأذنكم أيها الأخوات والأخوة، لأسافر نحو مقري الأبدي، بقلبٍ هادئٍ وفؤادٍ مطمئن، وروح فرحةٍ وضمير آمل بفضل الله. واسألكم بإلحاح، الدعاء بالخير. كما اسأل الله الرحمن الرحيم أن يقبل عذري عن قصوري وتقصيري. وآمل من الشعب أن يقبل عذري، لما قصرت أو كنت قاصراً فيه، وأن ينطلق الى الامام بقدرة وإرادة وتصميم “.
___________
تكريما لذكراه الخالدة، ووفاءّ لعطاءاته المجيدة ولأياديه البيضاء، اتوجه بتحية إجلال وإكبار لهذا القائد العظيم روح الله الموسوي الخميني، ولجميع المسلمين والعرب والمستضعفين والاحرار بأسمى آيات العزاء وأعظم المواساة الصادقة.
رحمك الله يا ملهمي ويا إمامي يوم ولدت، ويوم قاومت، ويوم أسست، ويوم مت، ويوم تبعث حياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى