أحدث الأخبارفلسطين

في الذكرى السنوية 74 لنكبة فلسطين وقيام الكيان الصهيوني

لندن – د. أحمد الزين – باحث في الشأن السياسي – الاحد 15-05-2022:
يصادف اليوم 15 أيار/مايو، مناسبة حزينة وإليمة هي الذكرى السنوية الـ74 لنكبة فلسطين عام 1948، ذكرى قيام الكيان الصهيوني الغاصب واحتلاله اراضي فلسطينية عام 1948، على اثر المجازر الوحشية التي ارتكبتها عصاباته الارهابية وراح ضحيتها عشرات آلاف الفلسطينيين، وأدت الى تشريد شعب فلسطين ولجوئه الى دول مجاورة عربية وغربية. فقد عايش العرب “النكبة”، وما تبعها من حروب ونكسات وهزائم وضياع القدس والضفة، وحلّ مكانها ”دولة اسرائيل” العنصرية جراء شعور قادة العرب في ذلك الزمن الصعب بالضعف والعجز واليأس والهزيمة والانكسار أمام جيش الاحتلال الصهيوني “الجيش الذي لا يقهر” بحسب اعتقادتهم الخاطئة.. وجراء المؤامرات ولعبة الامم وتقاسم المصالح والغنائم بدعم من القوى الغربية الاستكبارية الكبرى.
ان نكبة فلسطين ليست حادثا عابرا حدث وانتهى تاريخيا، بل هي نكبة قائمة ومستمرة، ولا تزال فلسطين والامة العربية تعاني حتى يومنا هذا من آثاره ومفاعيله التي انغرست كالخنجر في جسد الوطن العربي.. ولا تزال قادة وملوك العرب، وانظمتهم الخليجية القبلية غارقون بمزيد من التواطؤ والعمالة والتخاذل والتراجع والانكفاء.. والانغماس في مشاريع التطبيع و”صفقة القرن”، والتخلي عن القضية الفلسطينية امام أماني وطموحات شعوبهم ومطالبتهم بالتحرير والتغيير والتحرر والارتقاء نحو قيم الديمقراطية والحرية والعدالة.
ومما زاد الطين بلة هو حدة الانقسامات والاختلافات والفتن والحروب بين القوى الفلسطينية وقادة الدول العربية التي باعدت آمال العودة واحلام التحرير والنصر، والتي مكنت العدو الصهيوني من تنفيذ مشاريعة التوسعية ومخططاته الاستيطانية وتهويد القدس الشريف، وإلغاء الهوية العربية والفلسطينية بهدف تغيير التكوين الديمغرافي وطمس حضارتها العربية. ولا يزال المجتمع الدولي ينكر على الفلسطينيين حق اقامة دولتهم ما لم تقبل دولة الاحتلال بها، وما لم يعترف الفلسطينيون بدولة يهودية عنصرية. ولا تزال فلسطين تشهد النكسة وراء النكسة بسبب تخلي القادة العرب عن القضية الفلسطينية، والتماهي مع المشروع الصهيوني بإقامة دولة إستيطانية عنصرية يهودية على أرض فلسطين، وبناء المستوطنات، وتهويد القدس، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت واضطهاد الفلسطينيين، وحرمانهم من أبسط حقوقهم ومقوماتهم والعيش بكرامة من خلال وسائل الاعتقال والقمع والتعسف والإرهاب العسكري، وسنّ التشريعات الصهيونية غير القانونية، وإقامة الجدار العنصري العازل الذي يلتهم 60% من أراضي الضفة الغربية، ومحاصرة قطاع غزة.
ورغم ضبابية المشهد، فان انتفاضات الشعب الفلسطيني في اراضي 84 والضفة الغربية وتعزيز المقاومة في غزة والمناصرين في الشتات تحمل البشرى بالتحرير، خصوصا مع قيام الصحوة الشبابية بتكثيف تنفيذ عمليات فدائية بطولية في قلب “تل أبيب” المحتلة، من اجل إستعادة حقوقهم المغتصبة، وتذكير قادة العرب والعالم أجمع بأن مأساة الشعب الفلسطيني ومعاناته لم تنتهِ بعد منذ يوم النكبة 1948، يوم سمح العالم بقيام دولة إسرائيل الغاصبة على أنقاض أراضي شعب مسالم تم تهجيره قسرا منها، وتشتيته في كافة بقاع الأرض، وللتاكيد على حق العودة باعتباره حق مقدس لا يسقط مع المعاهدات ولا بالتفاوض ولا بالتقادم! ومن أجل قرع كل الابواب في العالم بحثا عن الإنصاف والعدالة التي اغتيلت مع اول كلمات “وعد بلفور” البريطاني المشؤوم الذي اعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، وشرد شعبا في شتات الارض.
ولا يزال الفلسطينيون يدفعون ضريبة الدم وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، نتيحة اعتداءات قوات الاحتلال ‏الاسرائيلي التي لا تتوانى يوميا من اقتحام أحيائهم السكنية وتدنيس المسجد الاقصى وكنيسة القيامة، وتغتال شبابهم وقادتهم وآخرها جريمة إغتيال الصحفية الشهيدة “شيرين ابو عاقلة”، أثناء تغطتيها العدوان الاسرائيلي على مخيم جنين في ‏الضفة الغربية، وكشفها ‏الإجرام الصهيوني وفضح الاعتداءات الاسرائيلية ‏الارهابية المستمرة ضد شعبها طيلة 74 عاماً، والذي يحاول الكيان الصهيوني طمسها وإخفائها عبر استهدافها الاعلاميين والاعلام المقاوم والصوت الحرّ.


‏ لقد اخذت هذه الجريمة النكراء بعدا إقليميا ودوليا، ولا بد من المطالبة القانونية عبر المنظمات الحقوقية الدولية والأمم ‏المتحدة بإدانة “إسرائيل” في المحافل الدولية ومنعها من ‏التعرض للإعلاميين وكامل الشعب الفلسطيني وعدم الاعتداء عليهم.‏ ولا بد أيضا من تجدد المطالبة بتطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، سيما قرار 194، وبالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل كافة مسؤولياته القانونية والإنسانية والاخلاقية إزاء الشعب الفلسطيني، وبانتظار اليوم الذي يُساق فيه المجرمون الصهاينة إلى المحاكم الجنائية الدولية لينالوا جزاء اعمالهم الاحرامية.

فالزمن لا يُنسي الأوطان، وإن طال الزمان، لأن الأجيال والشباب التي تحمل زمام المقاومة اليوم، وواجب التصدي، والتي اسقطت كل الطروحات المتهاونة والمتخاذلة والمتنازلة، هم من احفاد الجيل الاول من ابناء النكبة الذين هجروا من اراضيهم، بالارهاب والمذابح التي يتوهم الصهاينة بان قضية تحرير فلسطين ستنتهي وتذوب مع زوال وغياب أجيال النكبة عملا بقاعدة بن غوريون الارهابي، مؤسس الكيان الصهيوني: “الكبار يموتون والصغار ينسون”.
ان هذه المذابح التي ارتكبت والجرائم التي وصمت هذا الكيان الارهابي ستبقى حية ونابضة في وجدان الاجيال القادمة وحاضرة في ضمائر الشعب العربي، الذين لن يقبلوا بأي بديل عن عودة اللاجئين الى ديارهم المغتصبة.. والذين لن يتهاونوا في وأد كافة مخططات التوطين والتهجير والتعويض بديلا عن العودة.. وبدون ذلك لن يكون هناك امن ولا استقرار ولا سلام.. لا لإسرائيل ولا للمنطقة ولا للعالم. والتاريخ شاهد بان الصفقات والمفاوضات لا تعيد حقا ولا ترد أرضا (لان ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة)، لذا على جميع الفصائل الفلسطينية توحيد المواقف والرؤى والثبات على خيار الكفاح والمواجهة والمقاومة، والتوكل على الله تعالى والاعتماد على قوتهم وطاقاتاتهم والارتباط مع محور المقاومة والممانعة وتوحيد الجبهات لاستعادة كامل فلسطين المحتلة..
وعلى الاجيال الجديدة ان تردد دوما اللاءات الثلاث السابقة: لا تفاوض، لا صلح، لا إعتراف بدولة ”إسرائيل“ المؤقتة، وان تتبنى دائما الشعارات الثلاث الجديدة: “المقاومة الفلسطينية خير مطلق”، و”إسرائيل شرّ مطلق”، و”إسرائيل حتما الى زوال”. واخيرا السنن الالهية والتاريخية تحتم سقوط أنظمة الظلم والاحتلال والاستبداد، ولذا نعتقد حكما بحتمية زوال دولة ”إسرائيل“ من الوجود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى