أحدث الأخبارفلسطين

في النقب او شرم الشيخ او المريخ لا تدعوهم يخدعوكم

كمال خلف

ما هي اللحظة السياسية الطارئة او الجديدة على مستوى الإقليم التي استدعت عقد هذا الكم من الاجتــــماعات والقمم ، وجعلت العدو الإسرائيليّ والولايات المتحدة تنشطان لإحياء مشاريع بالية ، وبناء تحالفات باهته ، وتسويقها باعتبارها إنجازات واختراقات ونجاحــــات تاريخية ؟ . بكل ثقة يمكن ان نؤكد ان كل ما تم تسويقه للراي العام العربي وحتى الإسرائيلي هو معاكس للواقع ولحركة التغييرات في الإقليم . والواقع يقول ان أسباب هذه المسرحيات السمجة تتمثل في امرين أساسيين : الأول محاولة الولايات المتحدة تأكيد حضورها في الشرق الأوسط ، وبعث رسالة لحلفائها ان تخفيف التزاماتها في المنطقة لا يعني انها تخلت عنهم . وذلك بعد ان لمست تفلت الحلفاء وعدم ثقتهم بالإدارة الامريكية ونسجهم خيوط تواصل مع خصوم الولايات المتحدة الدوليين ” روسيا والصين ” ، والشروع في خفيف التوتر بينهم وبين ايران . كل هذا لا يغير من حقيقة ان واشنطن تسعى لتحييد ايران وفك عقد التشابك معها ، للتفرغ لما تعتبره الأهم بالنسبة لها وهو مواجهة الصين وروسيا . لذلك من المؤكد ان المسار العام للسياسية الامريكية هو تهدئة الجبهة مع ايران ، وليس تفعيل المواجهة ورفع منسوبها ، وبالتالي حلفاء أمريكا يبتلعون الخدعة كما نظرائهم السابقين الفارين .

🔸والامر الاخر هو الخوف الذي بات السمة الملازمة لإسرائيل ، وعدم يقينها بمستقبــــل الدولة الصهيونية ، في ضوء ازماتها الداخلية ، وتصاعد المقاومة في الضفة والأرض المحتلة عام ٤٨ ، وتنامي قــــدرات اعدائها في المحيط القريب ” غزة ، وجنوب لبنان ” ، والبعيد ” العراق ، واليمن ” ، وابتعاد الولايات المتحدة الحليف العضوي عن الشرق الأوسط ، بالإضافة الى التحولات في بنية النظام العالمي والتي من غير المعروف الى الان ما هي مآلاتها .

▪️✨. سوقت إسرائيل بنــــجاح اجتماع وزاري عديم الفائدة على انه قمة تاريخيــــة ، وابتلع الاعلام العربي الطعــــم ، وسوقت بانه تحالف موجه ضد ايران ، وهو لم يكن كذلك . مصر قالت بوضوح وعلى لسان وزير خارجيتها “سامح شكري” المشارك بالاجتماع المسمى زورا ” قمة ” بانها غير معنية بالدخول في تحالــــف ضد احد . القاهرة وطهران على رغم من العلاقات الفاترة ، الا ان البلدين يحرصان تاريخيا على عدم خوض مواجهة مباشرة بينهما ، او التصعيد .

▪️الامــــارات في هذه اللحظة تسعى لتحسين العلاقات مع ايران ، وجهدت في طمأنة القادة في طهران بانها لن تكون منطلقا لتهديد الامن القومي الإيراني باي شكل من الاشكال ، والمغرب البعيد لا ناقة له ولا جمل في مواجــــهة ايران ، فمن بقي ؟ واي حلف هذا الذي تتحدث عنه إسرائيل باعتباره تاريخيا . اكثر ما يمكن ان تقوم به تل ابيب الان هو الإفلات من التصعيد الكبير القادم في مدن الضفة ، وتأثيراته المحتملة على الوضع في مدن ٤٨ ، واحتمالية تحرك المقاومة المسلحة في غزة لخوض نزال جديد على غرار معركة سيف القدس .
علينا جمعيا ان ندرك ان التحولات والتغييرات المرتقبة لا يتحكم بمسارها اجتماعات ، وقمم ، وصور تذكارية ، ودعاية إعلامية ، وجلب مسؤولين عرب بالهاتف الى النقب ، ليتحدثوا عن علاقة الحب غير الشرعية مع الاحتلال . انما من يحكم حركة التغيير هو المعطيات الميدانية العملية .

🔸بدءً من تصاعد العمليات الفدائية في فلسطين المحتلة وتطورها ، و رضوخ إسرائيل لارادة الاسرى في سجون الاحتلال ، وحالة الضعف والتفكك التي بدات اعراضها تظهر على دولة الاحتلال ، مرورا بتنامي القدرات العسكرية والحضور لقوى محور المقاومة ، والاتفاق النووي في فيينا وتداعياته على مجمل الإقليم ، وإعلان فشل حرب اليمن والشروع بوقفها ، وخسارة الولايات المتحدة حضورها في الشرق الأوسط بل في كل منطقة غرب اسيا ، و انتهاء بمسار الحرب في أوكرانيا ونتائجها على النظام الدولي وبالتالي على الإقليم . هذه مؤشرات مسار التحولات الحقيقة والفعلية ، وماعدا ذلك اجترار لوصفات بائدة تجاوزها تيار المياه الجارفة .

▪️الامر المؤسف في هذا المشهد برمته هو الحالة التي وصلت اليها الأنظمة العربية ، حيث باتت مسلوبة الإرادة والقرار ، وتابعة وخاضعة لمشاريع واجندات الاخرين بشكل غير مسبوق في تاريخنا الحديث ، وتفتقر للهوية و المشروع ، بل وبعضها يعلن انقلابه على تاريخ الامة ، ويريد تغيير السردية كلها منذ احتلال فلسطين عام ٤٨ لصالح إسرائيل ، العصابات التي احتلت دولة عربية ، وهجرت شعب عربي ، وارتكبت افظع المجازر في التاريخ المعاصر بالشعب الفلسطيني والشعوب العربية ، ومازالت على نفس النهج حتى اليوم .

🔸✨. لا تدعــــوهم يخدعــــوكم ، باجتماعات ، وقمم ، تظهر العــــدو الإسرائيليّ بانها تقود المنطقة ، لا يوهموكم ان العــــرب تصالحوا مع إسرائيل وان القضية الفلسطينية انتهت وباتت قضية إسرائيلية داخلية ، وان إسرائيل باتت دولة طبيعية في المنطقة ، وان الصراع معها انتهى . هذا ما يسوق له الاعلام العربي المُسيطر عليه ، والنخبة المأجورة التي تعمل كخدم وليس ككتاب وصحفيين . الحقيقة ان ضمير الامة مازال حيا ، وان إرادة الشعوب لم تتغير ، والاهم ان في الامة رجال يصنعون مستقبلها بالعرق والدم ، والقبض على الجمر . وهم من سيصنعون التاريخ المقبل وقريبا قريبا جدا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى