أحدث الأخباراليمن

في اليمن ذبحت طفولة الإنسانية .؟

د.أسامة القاضي

كالصرخة اليتيمة التي لا تسمع و زفرة العين التي لاتُرى، يُقتلعون من جذور الطفولة عُنوة، ويُلقى بهم على أسِرة الموت في مشاهد تُدمي القلوب ألماً وحسرة، كأغصان خضراء يافعة، تم اقتلاعها في أول مهدها، حينما شبت على قُبح الدنيا، لتغفو عيون أطفال البلد العربي الأصيل في التراب الذي يحتضن ضلوعهم الصغيرة بحنان، لم يجدوه في أطلال الإنسانية، وستائرها التي تهتكت ففضحت مسرحيات العالم الهزلية التي يمارسها العالم بِرُمتِه ، والتي لم تعد فصولها الدموية تُقنع أحداً.

إنهم أطفال اليمن الحزين، الذين سيُلاحقكم عار خِذلانهم على مر التاريخ، تنظر إلى صورهم فتشعر وكأن العالم يتوقف من حولك، وكأنك تتعرى وتتجرد من كل معاني الرحمة والإنسانية، لتقع عيناك ساكنة صامتة عاجزة عن البكاء، تُحدق بأجسادهم المُتهالكة، وأوصالهم المُرتعشة، وعظامهم الواهنة البارزة، والتي بالكاد تكسوها جلودهم المُزركشة بعروقهم النافرة، وتراهم يُحملقون أمامك في صمتٍ مَهيب، وكأنهم يُعاتبون العالم بنظراتهم الشاردة المُستغيثة، وكأن لسان حالهم يقول، “أيها العالم القبيح المُوحش ألم تفرغ من كؤوس دمائنا الطاهرة بعد .؟!”

اي عار تصفه الحروف والكلمات، أن يموت طفل يمني كل عشرة دقائق، ضحية الجوع والحصار في بلاد المسلمين، أنه الوجع المُرتل في محراب الوطن العربي، والسواد القائم في مآتم الضمائر، حتى تأتي لحظة القصاص ولو بعد حين، ممن شربوا دماء الآلاف، بل الملايين من الضحايا الأبرياء، والتهموا لحومهم المعجونة بآهات وعويل ذويهم، في صحون من ذهب وفضة.

لنرسم على جداريات العالم، بدماء مئات الالالف من الأطفال اليمنيين وأوصالهم المُمزقة، وصراخهم المدوي المُترامي في عنان السماء كالغسق الأحمر الذي يخُط خطوطه عند وداع شمس النهار، لتفضح عراء الإنسانية،وليل الرحمة البهيم، فربما تُحرِك تلك الصورة الدامية ضمائرهم، وتخترق أعينهم الخائنة، وتُخيم بشاعتها على وجوههم الشاحبة، رغماً عن كل مساحيق التجميل التي يُبيضون بها وجوههم وأحاديثهم الكاذبة.

ولكن عزاؤنا الوحيد أنهم راحلون وأننا راحلون، فسلاماً إلى ربيع الطفولة الموؤدة، ودفاتر الأحلام الوردية، ونواصي الآمال الحزينة، وخُصلات الشعر المجدولة، وأناشيد الوطن المرثية، وصناديق الألعاب والدُمى المنثورة تحت حُطام الحياة، والحصالات الخشبية المُخبأة، وفتافيت الخبز المعجونة بدماء الطاهرين، سلاماً لمن غادروا أجسادهم الفانية، إلى فجاج من نورٍ سرمديا، إلى بشراهم بروح وريحان وجنات نعيم، فظلم الدنيا مهما طال ساعة، ونصر الآخرة خُطاه خالدة، ونعيمه لا يفنى، فطوبى لهؤلاء الذين حفروا بدمائهم الحُرة كلماتهم على أبواب برزخ الحرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى