أحدث الأخبار

في حضرة الشهيد الصماد

مجلة تحليلات العصر

بقلم: عيسى محمد المساوى

حارب على الجبهة السياسية والاقتصادية كما حارب على الجبهة العسكرية وكان في كل جبهة قائدا عظيما وفارسا لا يشق له غبار وملهِماً يأسر الألباب ويفجر الطاقات الخلاقة التي أحدث التحولات الجذرية في ميزان الصراع.
خرج الرئيس الشهيد الصماد من رحم المسيرة القرآنية مجاهداً صلداً عركته الحروب والأحداث فشق طريقه الى الرئاسة في ظل ظروف بالغة التعقيد يعجز عن تطويعها عباقرة الساسة والقادة، وخلال زمن رئاسته قدم نموذجاً لا نقرأ عنه إلا في كتب التاريخ ونعده جزءاً من أساطيرها يستحيل محاكاتها في زمننا الحاضر، فكان الصماد النموذج الذي أذهل الحاضر وأرهق صفحات التاريخ.
لقد انجبت المسيرة القرآنية واحداً من أنزه رؤساء اليمن وأكثرهم حنكة،  وضع يده بيد الراقص على رؤوس الثعابين و “الجوكر” الذي ادخره تحالف العدوان لساعة الصفر، فكانت اليد التي تبني وحدة الجبهة الداخلية على أرضية صلبة تكسرت عليها كل المؤامرات، ومنذ ذلك التاريخ واليد الأخرى تعمل بصمت لحماية الجبهة الداخلية عند أن تحين ساعة “الجوكر”، فكانت هذه هي البداية الحقيقية لشعار ” يدٌ تبني ويدٌ تحمي”.
مساران بارزان يكفيان لمعرفة الكثير عن الشخصية الاستثنائية للرئيس الشهيد صالح الصماد:
الأول: ارساء أول وأهم تطور نوعي في قوة صنعاء العسكرية وكان الحدث الأبرز في هذا المسار هو تدشين العام البالستي بإطلاق أكبر موجة من الصواريخ البالستية باتجاه كبرى المدن السعودية تتقدمها الرياض في تطور غير مسبوق فاجأ العالم واعاد حسابات المجتمع الدولي وغير معادلة الصراع وكشف هشاشة منظومات الدفاع الأمريكية التي استيقضت وصواريخ صنعاء تهاجم الرياض بعد أن ظل الاعلامي السعودي لشهور يتفاخر بالتصدي لها وهي في سماء الحد الجنوبي، غير أن مشاهد الفيديو التي التقطها السكان للصواريخ في سماء الرياض مثلت صفعة مدوية كسرت التعتيم الاعلامي الرهيب وفضحت زيف الاعلام السعودي وانتصاراته الكاذبة.
كان تدشين العام البالستي ضربة نوعية افقدت تحالف العدوان هيبته وتوازنه وأصابت حزمة من الأهداف العسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى الإعلامية بضربة واحدة، ليصبح هذا التطور الهام جداً حديث العالم وبداية التحول العسكري الذي فرض معادلة الردع وأوصل صنعاء الى مصاف القوة العسكرية المرهوبة الجانب على مستوى المنطقة.
المسار الثاني: القيادة الحكيمة لتناقضات الجبهة الداخلية التي لم تكن أقل شأناً وخطراً من المواجهة العسكرية لتحالف العدوان الذي اتخذ من “الجوكر” رأس الحربة في اثارة كل معارك الجبهة الداخلية.
لم يستطع سوى الرئيس الصماد أن يُخرج فرعون اليمن من برجه العالي ونرجسيته الطافحة ليتحرك في ركب الصماد خلال زياراته الميدانية محشدا القوات لجهاد أرباب “عفاش الآبق”.
اعتقد “الجوكر” أن خبث سريرته ومكره الذي تزول منه الجبال سينتصر على حِلم الصماد ونقاء قلبه الكبير، لم يدرك أن وراء هذا الصبر والنقاء بركان هادر ينتظر بيقين المُخلَصين وعد الله بتمكين عباده المستضعفين “وَنُرِیَ فِرۡعَوۡنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَحۡذَرُونَ”.
عندما حانت ساعة الصفر وانطلقت فتنة ديسمبر 2017م، كانت يد الصماد الحامية على أتم الجهوزية لمواجهة الثورة المضادة، فالتهمت ما كانوا يصنعون ونجحت نجاحاً منقطع النظير في إفشال مخططاتها التآمرية واخماد أخطر فتنة على الاطلاق استهدفت الجبهة الداخلية وبزمن قياسي جداً لم يتجاوز 3 أيام أنتصرت خلالها على أعتق فرعون وأخطر فتنة، متوجة هذا الانجاز العظيم باصطياد رأس “الجوكر” الذي أرهق اليمن لثلاثة عقود من الزمن.
كانت بالفعل ضربة قاضية لتحالف العدوان بقيادة أمريكا والسعودية اللتان ازداد حقدهما على الرئيس الصماد ووجدا في بقائه خطراً على مشاريع الهيمنة في المنطقة واليمن على وجه التحديد، فعكفتا تخططان لاغتيال هذا القائد الفذّ الذي واجه مشروع الاغتيال بكل شجاعة وإباء، فرحل الى الرفيق الأعلى شهيداً خالداً لم يترك لذويه بيتاً يأويهم في حين ترك غيره عشرات المليارات من الدولارات.
رحل الرئيس الشهيد صالح الصماد تشيعه قلوب ملايين اليمنيين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، وبقيت تجربته مدرسة لا ينتهي عطاؤها وتضحياتها لتقتفي معالمها الأنفس التواقة الى صناعة المجد الخالد، وستظل آثاره المسيرة والبالستية قصاصاً عادلاً على رقاب المعتدين والخونة أينما كانوا.

 

  • الآراء المطروحة تمثل رأي كاتبها ولا تمثل رأي المجلة بالضرورة.

 

  • تستطيعون أيضاً المشاركة بأرائكم وتحليلاتكم السياسية :

خطأ: نموذج الاتصال غير موجود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى