أحدث الأخبارسورياشؤون امريكيةمحور المقاومة

في ذكرى الرد على الجبروت! الضربة التي فقأت عين الاسد الامريكي!

مجلة تحليلات العصر الدولية - عامر الحسون

لان العالم إنشغل اليوم بفوضى واشنطن، نسي أن في ذات التوقيت من العام الماضي وتحديداً بحدود السابعة مساءً بتوقيت واشنطن المقارن للدقيقة ٥٠ من فجر هذا اليوم بتوقيت بغداد، انطلقت من قاعدة سرية تحت الارض بمدينة كرمنشاه الحدودية الايرانية (١٣) صاروخاً تدميرياً من طراز قيام وفاتح ٣١٣ لتدك عاصمة التواجد العسكري الامريكي في غرب اسيا في قاعدة عين الاسد رداً على الاعتداء الامريكي الغادر على مطار بغداد في الثالث من يناير ٢٠٢٠
الرد جاء توقيتاً ، في ذات الزمان الذي وقعت فيه جريمة الاعتداء بعد ٥ ايام بالضبط.

الايرانيون اعلنوا فجراً خبر الهجوم ولم يختبأوا وراء المجهول والاميركان بلعوا الطُعم ، ليغرّد الارعن مباشرة بأن لا خوف على جنودنا فلم يُصب أحدٌ منهم داعياً الاميركيين للخلود الى النوم دون قلق؟!

حلّ صباح امريكا في اليوم التالي فظهر ترامب مع اركانه ليشرح بعضاً مما جرى في عين الاسد دون اية تفاصيل او وقائع ، عرّج على موضوع غير مرتبط ، قال اننا لن نسمح لايران بامتلاك السلاح النووي.
البنتاغون بعده، ذكر ان الاصابات طفيفة وتكاد لا تُذكر وأردف ترامب لاحقاً انها رجّات دماغية لآحاد من جنودنا ، وتطور الاعلان عن الخسائر لاحقاً لتصل الاصابات ( الدماغية الارتجاجية !!) الى ما يزيد على التسعين ؟!
وكانت ال CNN اول وسيلة اعلامية دخلت موقع الهجوم ، حيث عرضت وبتعليق مراسلتها مشاهد للموقع ومقابلات مع عدد من الجنود أظهرت حجماً كبيراً من الدمار في القاعدة كما اجرت مقابلات مع جنود ذكروا بصراحة ان ما يُشبه الزلزال هو ما تعرضت له القاعدة وذكر احد مراتب الجيش الامريكي انه ومنذ ١٦ عاماً في الخدمة لم ير موقفاً كالذي مرّ عليه ذات اليوم .

اعتبر الايرانيون ان ما قاموا به هو رد انتقامي على الاعتداء ، وقد جاء على الرغم من جهود التهدئة التي سعت اليها كل من قطر وعمان وعلى أعلى المستويات.

الايرانيون في حينها رفضوا اية مساومة وشعر الوسطاء إن الرد قادمٌ، ونُقلت الرسالة الى الجانب الامريكي ، الذي أخذته العزّة بالإثم فاستشاظ غضب الارعن مرة اخرى فهدد ايران عِبر تغريدة وتصريح مباشر ، إن القيادة العسكرية الامريكية وضعت قائمة أهداف تطال ٥٢ موقعاً حساساً ومنها تراثي وديني (!!)
قُرئ التهديد في طهران انهم يقصدون المراقد والحوزات الدينية في مدينة قم او غيرها وفي ذلك تهديد يستبطن الإرعاب والصلافة ..
الجمهورية الاسلامية لم تُصغِ الى تهديدات ترامب ، يقول قائد القوة الجو-فضائية التي نفذت الهجوم العميد حاجي زاده ، درسنا كل الاحتمالات بدءاً بقواعد امريكا في العراق ( التاجي وبلد )وانتهينا الى قواعدها في الخليج الفارسي، في العُديد بقطر والظفرة في الامارات .
حُددت ساعة الصفر ، يُضيف حاجي زاده إن الجاهزية افترضت رداً معاكساً من امريكا واخر من عندنا واحتملنا اتساع رقعة العمليات .
ولهذا وضعنا ٤٠٠ صاروخ تحت الجاهزية و الانذار الأقصى، كانت موجهة صوب كل الاهداف التي حددناها في العراق والاقليم ، لكن الضربة الاساسية توجهت الى القاعدة الرمز للوجود الامريكي في العراق والبعيدة عن الحواضر البشرية ، خاصة وان ترامب وقبله بوش الابن قد هبطا خلسة فيها سابقاً، ومنها تحدى ترامب ايران بان عيوننا هنا تراقب تحركاتكم في كل صوب ؟!

الصواريخ عبرت الاجواء واستقرت في اهدافها بدقة عالية دون ان تصدّها الدفاعات الجوية الامريكية .
يقول جيفري لويس الباحث في احدى المؤسسات الاستشارية العسكرية الامريكية ؛ إن الايرانيين لم يُخطأوا الاهداف وقد أصابوها بدقة عالية.
لقد أضحت ايران قوة صاروخية عظمى في المنطقة على حد تعبير احد المحللين العسكريين في لقاء تلفزيوني مع ال CNN وأضاف : ان الهجوم أظهر اننا لو كنا جمعنا كل المنصات الدفاعية والرادارية من حول عين الاسد وركزناها في محيط الاهداف لما كنا استطعنا صد الهجوم ، انه شيء مُذهل و مفاجيء لنا لجهة الوصول الى الاهداف دون رصدها ولجهة دقة الإصابة .
ولهذا فان القيادة الترامبية وعلى الضد من تصريحاته العنترية والتهديدية بسحق ايران في قائمة ال ٥٢ ، لم تُقدِم واشنطن على اي عمل معاكس .

هنا يمكن تثبيت بعض الحقائق الهامة:

١/ الضربة – الرد كانت الاولى على الإطلاق منذ ٨٠ عاماً من قِبل جهة معادية لاهداف امريكية ، فمنذ هجوم القاذفات اليابانية على القواعد الامريكية في ارخبيل جزر الهاوائي إبان الحرب الكونية الثانية ، لم يجرأ احد على مهاجمة اهداف امريكية.

٢/ تتميز قدرات امريكا العظمى بسلاحها الجوي والدفاع الجوي والحرب الالكترونية وكلها ظلت عاجزة عن اي رد فعل .

٣/ الضربة بعثت رسالة لامريكا وحلفائها في المنطقة ان ايران تعدّت مرحلة المقابلة بالمثل وهي في جهوزية الردع التي يستشعر فيها المقابل بالكلفة العالية لاي حماقة .
كنت أستمع اليوم لقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي في تعليقه على ذكرى الهجوم الصاروخي فقال ؛ اننا لم نكشف عن الكثير مما نملك ولكن الامريكان أدركوا اننا تجاوزنا ، حتى مرحلة الردع الستراتيجي الى مرحلة عجز العدو في التعرّض لنا، لانه يعلم ان الثمن سيكون باهضاً وباهضاً جداً .

٤/ نعم عين الاسد (العراقية) بكيلومتراتها الخمسين المربعة كانت مصيدة للغرور والجبروت الامريكي ، تلك الدولة التي تمتلك اكثر من ٨٣ ألف رأس نووي ، هذه الدولة التي تشكل ميزانية الدفاع والحرب فيها بما يساوي ٣٨٪؜ من اجمالي النفقات العسكرية والتسليحية في العالم وقد أضافت في سنة الضربة ٢٠١٩ ، (٧٣٤) مليار دولار على ميزانية الدفاع الاعتيادية.بما يساوي أربعة أضعاف ميزانيات الجيوش الاوربية !!

ولا أظن بصعب -بعد كل هذا الفشل- إدراك إن خطط امريكا وأذنابها في المنطقة لتطويع ايران شيء غير ممكن ، وإن سجال واشنطن معها على عهد ترامب الذي حَلُمَ باذلالها باموال البقرات الخليجية وخُبث الدولة الصهيونية ، هذا السجال قد يتوقف قليلاً مع تدحرج كرة ترامب الى مزابل التاريخ او الى ساحة الاقتصاص والانتقام النهائي التي ما فتأت طهران تُذكر به لتسوية الحساب .
وقد ظهرت تجلّياته لاول مرة مساء امس حيث وقف الفرعون بين انصاره مرعوباً خلف زجاجة واقية من الرصاص وهو يعلم إن القصاص آت آت بإذن الله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى