أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

في ذكرى تحرير العراق

مجلة تحليلات العصر الدولية - علي مارد الاسدي

تجاهل او تعامل الحكومات العراقية المتعاقبة مع الذكرى السنوية الخالدة ليوم سقوط حكم الطاغية صدام وحزب البعث المجرم، يكشف دون ريب مدى تغلغل عقيدة البعث الفاشية في كافة نواحي الدولة والمجتمع، بما فيها سيطرتها ولو بالسالب على العقلية الشيعية الجمعية التي تعاني من أمراض شتى جراء ترسبات عقود، بل قرون من التمييز والاقصاء والاضطهاد ، مما حال دون اتخاذ القرارات النوعية التي يحتاجها سايكولوجيا وسوسيولوجيا وثقافيا وسياسيا عراق ما بعد صدام.
لقد تردد ساسة العراق أمام مفصل التغيير ، وتوقفوا عنده دون حراك، ولم يفعلوا شيئا، بل أن كثيرا منهم قاوم اي عملية تغيير ، وبعضهم في أحسن الاحوال وقف على الحياد متفرجا دون اتخاذ الخطوات اللازمة التي تعبر في رمزيتها العميقة عن انتهاء عهد قديم وبداية عهد جديد ، فأهملت وحوربت عطلة واحتفالية سقوط الصنم في ٩ نيسان ، والاعجب أن يتم تحويلها إلى يوم حزن وعزاء وحداد، في مفارقة غريبة، تلطخ هذا اليوم السعيد بالسواد، حيث يتشارك فيه بالمصاب ضحايا الجلاد مع عبيده وادواته وايتامه، بعد عملية تزييف بسيطة تتعلق بتأريخ إعدام آية الله السيد محمد باقر الصدر ، كذلك نلاحظ انهم إلى اليوم لم يتجرأوا على تغيير علم صدام والبعث المجرم بشكل جذري ، وأكتفوا بالنشيد الوطني الفلسطيني بديلا عن نشيد البعث وكأن العراق عبارة عن صحراء، بلا هوية ولا تأريخ ولا شعراء ولا موسيقى، وسكتوا جبنًا عن ترسيم حدود المحافظات التي تلاعب بها النظام الصدامي وغصبها أرضها وحقوقها لأسباب طائفية ، ورغم انهم الاغلبية، فقد ظل الشيعة مترددين في اقرار مناسبتهم الوحيدة للاحتفال والفرح في يوم الغدير، كما لم يبادروا بتغيير المناهج الدينية والتأريخية والوطنية الفاسدة التي تلقن لاطفالهم، على الرغم من ان الدستور الذي صوتوا له، شرع لهم ولكل المكونات العراقية هذا الحق، وكذلك خانتهم الشجاعة وخذلتهم الفطنة فلم يغيروا الا النزر اليسير من رموز وأسماء العهد البائد المنتشرة في كل البلاد.
وللأسف صرنا نشاهد العكس تماما ، حيث تتم بصمت مخطط له عملية إعادة انتاج وترويج وتحشيد سياسية وثقافية واجتماعية لكل قبح وتشوهات وشعارات العهد السابق.
لقد تحرر العراق في ٩ نيسان ٢٠٠٣ لكن التحرير الحقيقي الشامل للوطن وللمواطن ظل متوقفا في تلك اللحظة ولم يسمحوا له ان يكتمل ابدا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى