أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

في ذكرى رحيله المؤلم : منطلقات الامام الخميني العظيم واهدافه الكبيرة

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. حسين علي السلطاني

انّ الاهداف التي حملها الامام الخميني (قدس سره الشريف ) وأكّد على ضرورة تطبيقها هي ذات الاهداف التي ينشدها القران الكريم ؛ لانّ التجربة العملية لهذا الرجل العظيم اثبتت ايمانه المطلق بهذا الكتاب المقدس , و معرفته الدقيقة باحكامه , و تمسكه الشديد بتوجيهاته , ومن هنا فأن من اهم الاهداف التي امن بها الامام و سعى الى تطبيقها هي :
1- نشر الاسلام و بيان احكامه
وضع الامام الخميني( رضوان الله عليه ) نشر الاسلام و بيان احكامه هدفا اساسيا للثورة الاسلامية , سواء في الوسط الاجتماعي الايراني , او المجتمعات الاخرى , وذلك لايمانه التام ان الخطوة الاولى لاحداث اي تغيير في حياة الانسان انما تنطلق من قناعاته و افكاره , و حيث ان الاسلام يتضمن كل ما تتطلبه ابعاد الانسان , الفكرية , و الروحية و المادية من جهة , وتتوافق احكامه مع مقتضيات الفطرة السليمة , و العقل الناضج من جهة اخرى فان عرض الاسلام على الناس بطريقة صحيحة و اسلوب مؤثر كفيل بتغيير قناعاتهم و التأثيرعلى واقعهم : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل : ١٢٥
و قد التزمت الدولة الاسلامية بهذا المنهج السلمي في الدعوة الى الاسلام , سواء في حياة الامام الراحل (قدس سره الشريف ) او في عهد قيادة السيد الخامنئي ( دام ظله الوارف ) و لم تحد عنه مع كل الاستفزازات التي مورست ضدها .
2- نشر الوعي السياسي
لم ينطلق الامام الخميني ( رضوان الله عليه ) في حركته التحررية من منطلق قومي او طائفي او فئوي , بل كانت منطلقاته انسانية بالدرجة الاساس , نعم كان الميدان الاول لثورته هو المجتمع الايراني , لكن في الوقت نفسه كان يحمل هم الانسانية بشكل عام و الشعوب المسلمة بشكل خاص .
ان المجتمعات الانسانية عموما , فضلا عن الاسلامية منها , كانت تعيش -ولاتزال – عملية تشويه فاضح للمفاهم و تزييف كبير للمصطلحات وتسطيح مكشوف للوعي ، و في هذا الواقع الملتبس وجد الامام الخميني ( قدس سره الشريف ) ان وظيفته الدينية , ليس تجاه المسلمين وحسب بل تجاه عموم الانسانية , ان يساهم بتحرير وعيها , وفك القيود التي وضعت على عقولها انطلاقا من التكليف القراني الذي وضعه على عاتق جميع المصلحين الرساليين : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ) الاعراف175
من هنا يمثل نشر الوعي السياسي هدفا اساسيا للامام الخميني (رضوان الله عليه) باعتباره مقدمة لتحرير الشعوب و كسب حقوقها ونيل حرياتها .
3-مواجهة المشروع الامريكي و الصهيوني في المنطقة :
منذ انطلاقة الشرارة الاولى للثورة الاسلامية في ايران , وفي اوج صراعها مع النظام الشاهنشاهي اعلن الامام الخميني (قدس سره الشريف ) عداءه الواضح للولايات المتحدة الامريكية و الكيان الصهيوني و رفضه القاطع لتدخلهم في المنطقة و هيمنتهم على مقدرات شعوبها , و اعتبر هاتين الدولتين التوسعيتين هما السبب وراء كل عوامل التخلف و التفرقة و المأساة و الدمار التي تعيشها شعوب المنطقة , ومن هنا اخذت الجمهورية الاسلامية على عاتقها هذا الهدف المقدس ووقفت بكل امكاناتها مع دول و شعوب المنطقة الرافضة لهذا المشروع لمواجهته بكل الوسائل المتاحة , و قد نجحت في هذه المواجهة في اكثر من ميدان ، سواء على الساحة الفلسطينية أو اللبنانية أو السورية أو العراقية أو اليمنية وغيرها .
4- مساندة الصحوة الاسلامية و دعم حركات التحرر :
ومن الاهداف التي حملها الامام الخميني (قدس سره الشريف ) و الزم الدولة الاسلامية باعتمادها , هي مساندة الصحوة الاسلامية و دعم حركات التحرر في العالم ، ماديا ومعنويا .
5- المحافظة على الوحدة الاسلامية :
ومن الاهداف الاساسية التي اكد عليها الامام هي موضوع الوحدة الاسلامية و ضرورة المحافظة عليها , لانها تمثل الدعامة الاساسية لتحقيق عزة المسلمين و فرض هيبتهم ، و الصخرة التي تتفتت عليها كل مؤامرات الأعداء و تتبدد بوجودها جميع مخططاتهم الرامية لتمزيق المسلمين و زرع التفرقة فيما بينهم .
6-نبذ الطائفية والتعصب الديني .
وانطلاقا من مبدأ المحافظة على الوحدة بين المسلمين , اكد الامام الخميني على ضرورة نبذ الطائفية و التعصب الديني , لانها تؤدي الى اضعاف المسلمين من جهة و تمكّن الاعداء من النفوذ في اوساطهم و الهيمنة على مقدراتهم من جهة اخرى .
٧: إقامة الدولة الإسلامية والمحافظة عليها
ومن اهم أهداف الامام – قدس سره الشريف – هو تأسيس الحكومة الاسلامية ، وضرورة المحافظة عليها بكل الوسائل المشروعة ، وذلك لاعتقاده أنّ الإطروحة الإسلامية التي تضمنت كلّ ماتتطلبه حياة الإنسان ، المادية والمعنوية ، تحتاج الى تجسيد عملي لترسيخ هذه القناعة لدى عموم الناس ، المسلمين منهم وغير المسلمين ، لأنّ الانسان بشكل عام يتأثر بالقضايا الحسية أكثر مما يتفاعل مع القضايا العقلية ، وعليه يحتاج الى نموذج عمليّ تتجسد من خلاله قيم الاسلام وأهدافه السامية في إقامة العدل وتأمين الحريات ومراعاة الحقوق وتوفير الحياة الكريمة والعيش المشترك وتحقيق الأمن والرفاه للمجتمع .
هذا النموذج الاسلامي لم يتجسد خلال التاريخ الإسلامي إلا في مقاطع زمنية محدودة ، تمثلت في أجلى مصاديقها بحكومة الرسول الاكرم و حكومة علي – عليهم آلاف التحية والثناء ، وطيلة الفترة المنصرمة سعى أعداء الإسلام بكل جهدهم إلى عدم إقامة هذا النظام ؛ لاعتقادهم أنه يشكل تهديدا حقيقيا لمصالحهم ومنافهم الشخصية .
وعليه ما أن أقيم النظام الإسلامي في إيران حتى إستنفرت كل قوى الاستكبار العالمي لمواجهته والسعي لإفشاله بكل الوسائل المتاحة ، بغية الإيحاء للمسلمين وغيرهم أنّ النظام الإسلامي غير قادر على إدارة شؤون الناس وتأمين متطلباتهم الحياتية ، لكنّ الله الكريم خيّب سعيهم وأفشل كل مخططاتهم ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الأنفال : ٣٠
هذه اهم الاهداف التي حملها الامام الخميني الراحل ، واستمر على التمسك بها ولي امر المسلمين سماحة السيد الخامنئي ( دام ظله الشريف ) وهي أهداف إسلامية أكد عليها القرآن الكريم وطبقها الرسول الأكرم عمليا ، الأمر الذي يجعل المسلمين عموما أمام مسؤوليات كبيرة تجاه إرث الإمام ، سواء النظري منه أو العملي .
رحم الله الإمام الخميني الكبير في ذكرى رحيله الدامي للقلوب ، ورفع الله شأنه ومقامه ودرجاته ، ووفقنا للتمسك بنهجه والسير على خطاه والمحافظة على إرثه وقيمه وأهدافه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى