أحدث الأخبار

في يوم اللاجئ العالمي.. اللاجئون الفلسطينيون مأساة مستمرة

*تقرير:*

*كتب: عماد عفانة*
*مدير مركز دراسات اللاجئين*

في يوم اللاجئ العالمي تتواصل النكبة الفلسطينية منذ العام 1948 إلى يومنا هذا، لتمر عليها أكثر من 74 عام وسط استمرار محاولات تهجير الفلسطينيين، في ظل استكمال العدو لمشروع التهجير من الضفة والقدس المحتلة المستمر منذ عام النكبة، ففي كل يوم يواصل الاحتلال محاولات اقتلاع الفلسطينيين من النقب، والأغوار، والداخل المُحتل عام 48، وبقية مناطق الضفة بشتّى الوسائل والطرق.

في يوم اللاجئ العالمي يستذكر الفلسطينيون مرور أكثر من 74 عاماً على نكبة فلسطين، بينما غالبية اللاجئين الفلسطينيين في الداخل وخارج فلسطين ما زالوا معرضين لسياسات عنصرية يومية.

فمحاولات تهجير اللاجئين من مخيمات اللجوء والشتات مستمرة، فبالأمس فقط دعا البطريرك بشارة الراعي إلى تهجير اللاجئين الفلسطينيين من لبنان، وإعادة انتشارهم على دول مختلفة، بحجة الحرص على رفاهيتهم!!!

فيما أغلبية اللاجئين يواجهون تحدي النجاة من ظروف معيشية وسياسية قاتلة، حيث يعيش أكثر من 90 % من اللاجئين الفلسطينيين المتبقين داخل سورية فقراً مدقعاً، بموازاة 80% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان التي تشهد انهيار قطاع الخدمات الصحية والخدمات العامة فيها.

أما في داخل فلسطين المحتلة فيعاني اللاجئون وعموم الفلسطينيين من سياسات الأبارتهايد والقتل اليومي المنظم التي يقوم عليها كيان الاحتلال الصهيوني منذ نشأته عام 1948، المتسبب الأول بالمعاناة اليومية في إطار فلسفة التهجير والإقصاء والإحلال التي يعتمدها الكيان.

في يوم اللاجئ العالمي ورغم مرور أكثر من 74 عاما على النكبة 48، يظل ملف اللاجئين الفلسطينيين الأكثر استهدافاً في مسار تصفية القضية الفلسطينية، فيما تواصل الإدارة الأميركية العمل على تنفيذ جملة من إجراءات نزع الشرعية دولياً عن وضع اللاجئين الفلسطينيين ومكانتهم المعترف بها أممياً، عبر العمل على افلاس وتفكيك وتصفية “الأونروا” كمؤسسة دولية معنية بشأن اللاجئين الفلسطينيين فقط، وتجريفها من بعدها السياسي، عبر تفويض مهامها إلى منظمات اغاثية دولية أخرى.


في يوم اللاجئ العالمي تتصاعد محاولات العدو الصهيوني تشكيل تحالف إقليمي مع دول التطبيع العربي بدعم أميركي من خلال دعم مشاريع اقتصادية وسياسية وأمنية بين الدول العربية وكيان الاحتلال، وصولا إلى الدخول في تعاون اقتصادي مشترك مع دول المنطقة المضيفة للاجئين الفلسطينيين، مثل الأردن وسورية ولبنان، كمشاريع خطوط وصل الطاقة والغاز ونقل المياه، فيما تلعب مصر والأردن دور المحلل لإلزام الفلسطينيين بالتعايش مع الوضع المشوه الجديد، بما يكرس وضع قضاياهم على هامش التعاون العربي مع المحتل كأولوية في هذه المرحلة.

في يوم اللاجئ العالمي ينافح اللاجئون الفلسطينيون عن حقهم للحيلولة دون تصفية قضية اللاجئين، على ثلاث جبهات:

– جبهة إنهاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” ومحاولات تفريغها من بعدها السياسي كشاهد دولي على النكبة الفلسطينية.
– جبهة التطبيع العربي لدرجة التحالف مع العدو الصهيوني وأثره على اللاجئين.
– وجبهة الدور الوظيفي الأمني للسلطة في رام الله في السيطرة على مجتمعات اللاجئين وتحجيم دورهم والحد من تحركهم والتحكم في ردود أفعالهم.

في يوم اللاجئ العالمي يواجه اللاجئون خطر تقويض بقاء مجتمعات اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة.
فعلى صعيد الأونروا المنظمة الدولية المكلفة بإغاثتهم، هناك تغيير ملموس في سياساتها لناحية تحولها إلى منظومة لتطويع اللاجئين من خلال جملة من المعايير والسياسات التي تفرضها على موظفيها وعلى اللاجئين والتي تحظر عليهم التعبير عن هويتهم السياسية والوطنية، ومنع أي شكل من أشكال الاستفادة من خدمات الأونروا عن الشرائح الأكثر عرضة لجرائم الاحتلال من الأسرى والشهداء والمناضلين وذويهم.


وعلى صعيد دول الطوق، فقد بات 80% من الفلسطينيين في دول الطوق فعلياً تحت خط الفقر ينهشهم الجوع، في ظل سياسات التقليصات المستمرة في الأونروا وفشلها الواضح في توفير الحد الأدنى من احتياجات اللاجئين في دول الطوق، في ظل الانهيار الاقتصادي في دول مثل لبنان وسوريا.

وعلى صعيد اللاجئين في الأرض المحتلة لا يزال أكثر من 90 % من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة لم تنتف عنهم صفة اللاجئين ولم ينته وضع المخيمات، فيما لا تزال الأونروا تسعى لإعادة تعريف صفة اللاجئ لديها واستحقاقه لخدماتها، أي ضمن المعايير الجديدة التي تعتمدها الأونروا بعد توقيعها البرتوكول الجديد مع الإدارة الأميركية.

في يوم اللاجئ العالمي بات يقع على عاتق مختلف القوى والفصائل الفلسطينية الخروج من شرنقة الملفات التي تكبل تحركها وتخنق فعلها، كالتمسك بإنجاز ملف المصالحة المستعصي، وإعادة انتاج المنظمة المحنطة، واجراء الانتخابات التي لا افق لها، في وقت يتجاوز فيه الاحتلال كل هذا الترف، بفرض سياساته وإجراءاته على الأرض.

في يوم اللاجئ العالمي آن لهذه القوى وبعد مرور أكثر من 74 عاما على النكبة، أن تعيد الاعتبار للمخاطر التي تعصف بمجتمعات اللجوء، والنأي بها عن التجاذبات السياسية، والدفع بملايين اللاجئين للمشاركة في صناعة القرارات التي تهم مستقبلهم، وحثهم لأخذ دورهم في صنع أدوات صمودهم، فضلا عن إنتاج أدوات لإعادة إحياء المشاركة الجماهيرية الواسعة والفعالة في العمل السياسي والنضالي، وصولا الى انتاج أجندة بديلة للفعل الوطني كفيل بهزيمة العقل الاستعماري وتجسيد نموذجاً للنصر، التحرير والعودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى