أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

فَشِلُوا في الحَرْبِ وَالسِّيَاسَةِ فَجَاؤُوا بالدِّينِ والقَدَاسَةِ

مجلة تحليلات العصر الدولية - الحسين أحمد كريمو

قال المنظر العسكري البروسي كارل فون كلاوزفيتز في كتابه عن الحرب في تعريفها: أنها “عمليات مستمرة من العلاقات السياسية، ولكنها تقوم على وسائل مختلفة”، أي أن الحرب سياسة بالسلاح، والسياسة حرب بلا سلاح، بل بالحوار والتفاوض والدبلماسية، ووكلاهما لتحقيق سياسة البلد المحارب، التي تُحددها المصلحة العليا لشعبه بكل طبقاتهم وأطيافهم.
والحرب مرَّت بمراحل وسموها أجيال، والآن يتحدَّثون عن الجيل الرابع للحرب، وهي الإبادة والفناء الذاتي للشعوب بالحروب الأهلية، وبعضهم يتحدَّث عن الجيل السادس منها، وهي الحرب الصامتة القذرة (البايولوجية، الجرثومية)، فلكلٍ من القادة العسكريين وجهة نظريه مؤيدة بالأدلة والبراهين والوقائع التي عاشتها الإنسانية منذ فجر التاريخ، وعلى كل حال نحن في أطهر بقاع الأرض نعيش في أتون كل أنواع الحروب فقد أصبحنا حقل تجارب لشياطين الأرض.
وها نحن نعيش فصلاً جديداً من هذه الحرب الكونية علينا، ولم تقف آلة الدمار في سوريا، ولبنان، واليمن، وفلسطين، وليبيا، والعراق ولكن كل المؤشرات تقول: بأن محور المقاومة انتصر على كل الجبهات ولكن ممنوعاً عليه إعلان الانتصار، فبدأت العقول الشيطانية بالبحث عن الخطط البديلة للمنطقة فلم تجد إلا الدين والقداسة.
فالناظر الخبير لزيارة حبر الفاتيكان إلى العراق الجريح يشعر، بل يُدرك ويعرف أن هذا البلد العريق الذي فعلوا به كل ما استطاعوا من جرائم وقتل وتدمير وتهجير من بداية قرن الحضارة الرقمية، ثم اصطنعوا له كل أنواع المشكلات فلم يستطيعوا أن يقهروا إرادته بالمقاومة، والثبات فجاؤوا له بكل مجرمي الأرض وقطعان الظلام الصهيووهابية (داعش) ليحرقوه ويدمروا ما تبقى فيه من بشر وحجر كما كانوا يظنوا فخاب فألُهم، وخسرت تجارتهم وعادوا من حيث أتوا يجرون أذيال الخيبة..
فدرسوا وبحثوا، وتفكروا وتدبَّروا، وجمعوا كل أهل الخبرة عندهم فأجمعوا على أمرين اثنين هما كنز العراق، وسر قوته وهما:
– الإمام الحسين (ع) ونهضته، وعاشوراءه، وأربعينه، وكل ما يرتبط به فالعراق أحق به..
– المرجعية الدينية الشامخة، والحوزة العلمية المباركة، لأنها تمثل القيادة الواعية لكل ما يُحيك الأعداء، والطليعة المجاهدة في الخندق الأول بوجه أبالسة الأرض، ورؤوا بكل ما لديهم أن الذي خططوه وراحوا ينفذوه في العراق أفشله وأربكه كلمة صغيرة (فتوى الجهاد) من المرجعية المباركة، والاستجابة الجماهيرية الكبيرة جداً لها وتشكيل مجاميع الحشد الشعبي المقدس بقيادة أبناء الحوزة الذين شكلوا رأس الحربة في الجهاد ضد أدوات الكفر والدَّجل والتكفير الظالمة المظلمة..
رؤوا ذلك وعرفوه ولكن حاولوا أن يتجاهلوا كل هذه الحقائق الدامغة، والوقائع الحاضرة، لا سيما في أتون حكومة المجانين الجمهورية الترامبية، المتناغمة تماماً مع الأحلام السلولية وصبيها الأرعن بمحاولة الاختراق لهذا السد المنيع جداً في وجوههم القذرة فلم يستطيعوا لذلك من سبيل، رغم كل ما فعلوه والمال الذي دفعوه، والوقت والجهد الذي صرفوه..
فلما جاءت هذه الحكومة الديمقراطية التي كانت تُراقب المشهد عن بعد وهي كانت صانعة لكل ما مرَّ على العراق من مشاكل وإشكالات، وتعرف نقاط قوته ونقاط ضعفه جيداً فوجدوا أن كل الحلول باءت بالفشل ولا بدَّ من الحل أو الذهاب إلى الهاوية التي تُريدها القطعان التكفيرية المجرمة..
فوجدوا أن الحل بالدِّين والقداسة، فبعد أن فشلوا في الحرب والسياسة، فجاؤوا بأعلى رمز عندهم نيافة البابا الفاتيكاني بمحاولة لفك الرَّمز، وكشف السِّر عند قداسة المرجع الأعلى للشيعة، سماحة الإمام علي الحسيني السستاني (دام ظله الشريف) في بيته المستأجَر، المتواضع ولكن الجاثم على أعتاب أعظم شخصية في التاريخ بعد رسول الله (ص) وأعدل حاكم في البشرية، جده أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع)..
فهل عرف السِّر حبر الفاتيكان؟
وهل حلَّ الرَّمز المقدَّس ذاك الرمز الذي يلعب به صبيان روتشيلد قادة الماسون؟
ولا أعتقد أنه عرف شيء من ذلك لأنه لو عرف لبدأ زيارته من تقبيل باب العتبة العلوية الشريفة لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)، فباب الشيعة بالإمامة والولاية وأُسُّها وأساسها، وأصلها وبابها عند الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وليس في أُور النمرودية.
ومن أعجب العجب من البابا الذي يترك القبَّة العلوية الشريفة، ويذهب لبناء قبَّة نمرودية مزيفة، ويُطالبنا الأغبياء بأن نُصدِّق بأن زيارته من أجل السلام والأمن بين الأديان، فهل السلام والأمن يا عُقلاء العالم بإرجاعنا إلى جاهلية النمرود قبل سبعة آلاف عام؟
فالسلام والأمن والاطمئنان بالإسلام الحنيف العظيم الذي سمَّاه أبونا إبراهيم الخليل (ع)، وبناه أعظم شخص في التاريخ النبي محمد (ص)، وقاده أعدل حاكم في البشرية الإمام علي (ع)، لا بالبيت الإبراهيمي الصهيوني، والدَّعوة إلى الجاهلية التي يدعو إليها هؤلاء الأشقياء.
رزقنا الله الوعي التاريخي والبصيرة النافذة لنرى الحق حقاً فنتَّبعه، والباطل باطلاً فنجتنبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى