أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

قرارات المحكمة الاتحادية العليا الأخيرة في العراق

مجلة تحليلات العصر الدولية - هادي بدر الكعبي

في ظل أزمة الانسداد السياسي الحاصلة في العراق نتيجة لعدم الوصول إلى اتفاق سياسي بين القوى السياسية ولأسباب أخرى أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق عدد من التفسيرات بعد الانتخابات المبكرة التي جرت في عام ٢٠٢١ فيما يخص عدة مسائل مهمة ومنها:
1- في تاريخ ٢٠٢١/١٢/٢٧ وبكتابها المرقم ١٧٥ /اتحادية/ ٢٠٢١ ذهبت المحكمة الاتحادية العليا إلى رد الطعون المقدمة من قوى الإطار التنسيقي ولاسيما تحالف الفتح بوجود عمليات تزوير واسعة في الانتخابات محتجة برد هذا الطعن بأنه جهة غير مختصة وبالتالي ذهبت نحو المصادقة على نتائج الانتخابات.
بعد هذا القرار ذهبت قوى الإطار التنسيقي إلى قبول هذا القرار رغم عدم قناعتها به وايضا التوقف عن الاحتجاجات التي كانت قريبة من المنطقة الخضراء والانتقال إلى المفاوضات السياسية.
2-بعد انعقاد أول جلسة لمجلس النواب حدثت اضطرابات داخل المجلس أدت إلى نقل رئيس السن محمود المشهداني إلى المستشفى وخروج عدد من التحالفات من قاعة مجلس النواب الا ان أطراف التحالف الثلاثي مع بعض النواب ذهبوا نحو معرفة رأي القانونية النيابية بخصوص إكمال الجلسة واختيار بديل عن الرئيس السن وبعد بيان رأيها اكمل الاحتياط الأول لرئيس السن الجلسة وتم انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه مما دعى أطراف سياسية إلى رفع دعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا ترفض انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه بعد غياب الرئيس السن لوجود دواعي صحية.
لكن المحكمة الاتحادية العليا ردت الدعوى في ٢٥ كانون الثاني ٢٠٢٢ وبكتابها المرقم ٦ اتحادية ٢٠٢٢ بعد أن صدر الأمر الولائي من المحكمة الاتحادية العليا بإيقاف كافة الإجراءات التي اتخذها ويتخذها مجلس النواب ورئيس المجلس ونائبيه.
3- بعد أمضى الجلسة الأولى للبرلمان لم تمض الا أياما حتى تقدم نواب من دولة القانون إلى المحكمة الاتحادية العليا يبتغون تفسيرا وبيانا حول تحالفهم ككتلة أكبر وايضا فتح باب الترشيح لانتخاب رئيس الجمهورية.
حيث كان هناك مجموعة من المرشحين ومن بينهم برهم صالح وزيباري.
وقد سارت المحكمة الاتحادية العليا بكتابها المرقم (٧وموحدتيها ٩و ١٠/اتحادية /٢٠٢٢) بتاريخ ٢٠٢٢/٢/٣ إلى رد الدعوة المقدمة وأيضا بيان معالم الكتلة الأكبر من حيث ذهابها إلى تمديد الفترة الزمنية أكثر من تحديد الشكل الفني للكتلة،حيث قالت أن الكتلة الأكثر عددا تتشكل من غاية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه ولغاية انتخاب رئيسا للجمهورية في حين كانت تفسيراتها السابقة تختلف عن التفسير الجديد.
4- قدم رئيس الجمهورية برهم صالح طلبا حول تفسير المادة ٧٠ من الدستور العراقي النافذ والنصاب الواجب توفره لانتخاب رئيس الجمهورية إلى المحكمة الاتحادية العليا وفي معرض تفسيرها للمادة المذكورة ذهبت المحكمة الاتحادية بتاريخ ٢٠٢٢/٢/٣ إلى القول بان مجلس النواب ينتخب رئيسا للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي.
5- قدم نواب عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني شكوى أمام المحكمة الاتحادية العليا ضد ترشيح هوشيار زيباري وبعد إيقاف الترشيح مؤقتا من قبل المحكمة الاتحادية بكتابها بذي العدد(٣/اتحادية/امر ولائي/ ٢٠٢٢) رفضت المحكمة الاتحادية العليا في (٢٠٢٢/٢/١٣) ترشيح هوشيار زيباري لمنصب رئاسة الجمهورية لضلوعه في أعمال فساد عندما كان وزيرا.
6- أصدرت المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ ٢٠٢٢/٢/١٥ اعتمادا على أحكام المواد (130،121،115،111،110) من الدستور العراقي النافذ قرارها بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان والذي اعتبره البعض بأنه كان مفاجئا من حيث التوقيت والأهمية.

وبعد إيراد أهم القرارات الصادرة عن المحكمة الاتحادية العليا في العراق نحاول تحليل تلك القرارات على الشكل النقاط الآتية وهي:
1- أن بعضا من القرارات التي صدرت عن المحكمة الاتحادية العليا جاء لأجل منع تداعيات خطيرة يمكن أن يدخل البلد جرائها نحو صراعات ومتاهات وبالتالي جاءت تلك القرارات للملمة الأزمة ومحاولة عدم الوصول إلى نهايات مغلقة.
2- مكنت تلك القرارات القوى السياسية من الاستفادة منها في فتح نوافذ الحوارات بصورة أكثر جدية،مع التأكيد بأن المحكمة تمتلك الحلول الوسطية في مواجهة التحديات السياسية وتوجيه حركة العملية السياسية نحو الاستقرار المرضي بنسبة معتد بها من قبل الفواعل الإقليمية والدولية.
3- حاولت المحكمة الاتحادية العليا من أصدرها بعض من تلك القرارات المحافظة على شرعية البرلمان والحكومة القادمة بدلا من الطعن بشرعيتها لاحقا أمام الرأي العام العراقي والإقليمي والدولي.

4- أرادت المحكمة الاتحادية العليا القول بان البلد يمتلك قيمة دستورية و قانونية و قضائية ولديه القدرة على إيقاف التدهور السياسي الحاصل في البلد.
5-ربما يمكن القول بان قضية التزوير والتلاعب في الأصوات أصبحت أشهر من أن يشار إليه ولاسيما في الانتخابات المبكرة وبالتالي فإن القرارات التي صدرت عنها وخصوصا المتعلقة بالمصادقة على نتائج الانتخابات ورد الدعوى المقدمة على التزوير الذي رافق العملية الانتخابية سيجعل البعض من القوى السياسية لاحقا على استعداد تام لممارسة عملية التزوير كون انها تشعر بأنها غير خاضعة للمحاسبة أو المسائلة وبالتالي فإنها مهما فعلت فأن قرارات المحكمة الاتحادية العليا سوف تصب بهذا الاتجاه خوفا من التداعيات المحتملة على عموم المشهد العراقي.
6- بعض القرارات جعلت الصورة الذهنية لدى الرأي العام وكذلك القوى السياسية بأن الانتخابات هي عبارة عن حلبة تزوير وخداع وفرض ارادات للوصول إلى السلطة وأن من يستطيع أن يزور لكي يحصل على بعض المقاعد في البرلمان فعليه أن يحذو حذو القوى السياسية التي فعلت ما فعلت في هذه الانتخابات.
7- تفسير المحكمة الاتحادية العليا للمادة (٧٠) من الدستور العراقي شكل ضربة لمشروع الأغلبية الذي ينادي به السيد مقتدى الصدر إذ أصبح من الصعوبة انعقاد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية من غير موافقة الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني،فضلا عن كونه قدم وقتا إضافيا للقوى السياسية ولاسيما الشيعية منها لأجل المشاورة والتفاوض.
8- قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان جعل الجهة المخولة ببيع النفط واستخراج الغاز هي شركة سومو حصرا.معتبرا بأن كافة عمليات الاستخراج التي تجري خارج مساحة شركة سومو غير قانونية ويترتب بازائها إجراءات قانونية.
9- يعد قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان ضربة قاصمة لإسرائيل لان من شأنه حرمانها مما كان يصدر لها من النفط عن طريق كردستان وبأسعار زهيدة جدا.
10- ايضا قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان سيشكل بداية الانطلاق للحكم بعدم دستورية بعض المواد ومنها المادة ١٤٠ من الدستور العراقي.
كما أنه سيضيف تحديا جديدا وكبيرا إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني مضافا إلى لائحة المشاكل الموجودة الآن وسيلقي بتاثيراته على المشهد السياسي والتحالفات والتفاهم السياسي ولاسيما التي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والسيادة والكتلة الصدرية.
11- اعتبر قرار المحكمة الاتحادية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان قانونا ملغيا وبالتالي هذا سيتوجب إرجاع الأموال المستحصلة من استخراج وتصدير النفط من قبل الإقليم.وعند امتناع الإقليم بعدم تسديد الأموال سيتم استقطاعها من حصة الإقليم في الموازنة.
12- اعتبر قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان كافة العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية ملغاة وبالتالي سيكون بمقدور تلك الشركات المطالبة بتعويضات من الإقليم حصرا دون الحكومة الاتحادية.
13-قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان سيجعل الحكومة التي سوف تتشكل لاحقا امام حرج شديد في عدم إجبار الإقليم على تنفيذ القرار والا ستكون بمواجهة ضغط الشارع وكذلك صعوبة تمرير أي موازنة داخل البرلمان دون قبول القوى السياسية المؤيدة لقرار المحكمة الاتحادية.
14- بعض القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا سيكون لها تأثير مهم كونها أول قرارات تفسر بنود دستورية مختلف عليها متعلقة بالفصل بين صلاحيات الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.
15-توجد مؤشرات تشيء بان المحكمة الاتحادية العليا بصدد الذهاب باتجاه البت بعدم دستورية قرار رئيس مجلس النواب بإعادة فتح باب الترشيح لمنصب الرئيس.
وهذا القرار عند صدوره سيكون له أثر في تضعيف قدرة التحالف الثلاثي لاستبدال مرشحهم لمنصب رئاسة الجمهورية وايضا يجعل الباب مغلقا بوجه الحزب الديمقراطي الكردستاني مما يدفعه ربما إلى العودة في التفاهم مع الاتحاد الوطني الكردستاني والاتفاق على مرشح تسويه ولا تقف حدة القرار عند هذا الحد بل تصل إلى مدى آخر وهو تقوية موقف الإطار التنسيقي واجبار التيار الصدري على ضرورة معالجة الأزمة أو الاستمرار في انغلاقها وبالتالي تحمل أغلب مضاعفاتها السلبية.
16- بعد القرارات الأخيرة المهمة التي صدرت عن المحكمة الاتحادية العليا والتي افقدت البرزاني كل قوته وجعلت التحالف الثلاثي أمام عدة خيارات وهي:
➖التفاوض والاتفاق مع الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني.

➖الاستمرار بأزمة الانسداد السياسي وإبقاء الأوضاع كما هي عليه أو ربما الوصول نحو الفوضى.
➖الذهاب نحو إجراء انتخابات جديدة.
➖الذهاب نحو المعارضة وعدم المشاركة في الحكومة المقبلة.
➖ توجه مسعود البرزاني باتجاه التنسيق مع الإطار وحلحلت الأمور العالقة مع الاتحاد الوطني الكردستاني.
➖عدم بقاء اطراف من تحالف السيادة ضمن مساحة التحالف الثلاثي.
➖الركون إلى العقل بعدم نقل المعركة من بغداد إلى الإقليم والابقى على مساحة من التفاهم مع كافة القوى السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى